"العين الإخبارية" تحلل كشوف المصوتين في الانتخابات العربية.. كبار السن في المقدمة دائما
في عديد من الدول العربية، تتصدر النساء وكبار السن مراكز الاقتراع في الانتخابات العامة، دونًا عن الرجال وجميع الفئات العمرية الأخرى.
ومن تونس إلى مصر والجزائر والعراق، تتزايد نسبة المقترعين من النساء وكبار السن قياسًا بنسبة الشباب، وأرجع أساتذة اجتماع السبب إلى عوامل عدة، منها الوضع المادي ودرجة التعليم.
وشهدت تونس الأسبوع الماضي اقتراعًا على الانتخابات التشريعية، وبلغت نسبة المشاركة 11.22% ممن لهم حق الانتخاب، فيما تجري الجولة الثانية من الانتخابات في يناير/ كانون الثاني المقبل.
وتواصلت "العين الإخبارية" مع أساتذة اجتماع لتفسير أسباب الإقبال المتزايد من النساء وكبار السن على المشاركة الانتخابية.
النساء.. "الرصيد الاحتياطي"
في البداية، اعتبرت الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع في مصر، أن النساء يعتبرن الرصيد الاحتياطي في العمليات الانتخابية.
وقالت منصور: "عندما تكون نسبة المشاركة منخفضة يتم الزج بالسيدات باعتبارهن الرصيد الاحتياطي، لسهولة التأثير عليهن وتحريكهن لتأييد مرشح معين، غالبًا ما تربطه بهن علاقة قرابة أو مصلحة معينة"، مؤكدة أن الأمر لا علاقة له بالوعي ولا بالفكر السياسي المستنير، ولكها عوامل اجتماعية أكثر منها سياسية.
وقد تؤثر "الحالة الانفعالية" على مشاركة النساء، وتوضح منصور: "في حالات الخوف على المجتمع مثلما حدث في مصر بعد 25 يناير/ كانون الثاني 2011، أو في الحالات المجتمعية المرتبطة بتغيير اجتماعي مأمول من مرشح بعينه، مثلما حدث في حالة انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي لأول ولاية عام 2014".
واعتبرت أستاذ علم الاجتماع أن "أغلب الناخبات يأتين من الطبقات البسيطة التي يمكن تجييشها وفقا لرغبات الفاعلين بالعملية السياسية، وفي عهد الإخوان في مصر شهدنا تجييش الناخبات ببعض المواد الغذائية والسلع التموينية، كما يمكن تحريكهن بالحالات الانفعالية سواء بالترهيب من استمرار وضع أو الترغيب في وضع جديد".
وعن كبار السن، قالت منصور: "يتحكم في قرارهم القلق الدائم من المستقبل، والرغبة في الاستقرار، وبعد ما يعرف بـ(الربيع العربي) تعاظم هذا الشعور، كما أنهم معروفون ببطء الحركة السياسية، والخوف من أي تغيير سياسي، لذلك يحرصون على المشاركة لدعم الاستقرار وإجهاض أي محاولة للتغيير".
تونس.. "الاستثناء"
وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي في مصر، إن كل بلد له ظروفه، فوضع المرأة في تونس يختلف عنه في السودان ودول الخليج العربي، مؤكدًا أن عوامل كثيرة تؤثر على مشاركة المرأة في الانتخابات، ومنها أن جميع المؤسسات السياسية وضع أركانها رجال، لذا كانت المرأة دائمًا مستبعدة.
وأضاف في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن أغلب الدول العربية كفلت للمرأة حق المشاركة السياسية بعد حركات الاستقلال في خمسينيات القرن الماضي، ومع أن أغلب الأنظمة السياسية العربية لم تفضل مشاركة المرأة، إلا أنه مع الحداثة وتغيير المجتمعات بات للمرأة موطئ قدم في الحكومات والمجالس النيابية.
وأشار صادق إلى أنه بينما كانت المرأة في المجتمعات الغربية تناضل من أجل حقوقها السياسية، لم تتحرك المرأة العربية للمطالبة بهذه الحقوق بسبب الأنظمة الملكية والاستعمار، لكنه أضاف: "مؤخرا، حرصت بعض الأنظمة على تمثيل المرأة، وهذا الاستحقاق جاء من أعلى وليس عن طريق مظاهرات أو حركات اجتماعية".
كبار السن "ليسوا ثوار"
وأضاف: "استثناء لهذه الأوضاع التاريخية للمرأة العربية، تبنى بعض الحكام ضرورة تمثيل المرأة، مثل الحبيب بورقيبة الذي منح المرأة التونسية حق التصويت والترشح والتعليم، وبالتالي المرأة التونسية لها تاريخ طويل من المشاركة في الانتخابات والنقابات العمالية، وبعض الدول العربية بها مشاركات ولكن بنسب أقل".
وأشار أستاذ علم الاجتماع إلى أنه قبل ما يعرف بـ"الربيع العربي" كان يتم استغلال النساء في الحشد الانتخابي بتجميعهم ونقلهم في حافلات إلى مراكز الاقتراع، ولكن بعد ذلك بدأت المرأة العربية تخشى مصير المرأة الإيرانية التي انقلبت الثورة الإسلامية ضدها، لذا سعت للمشاركة الانتخابية خشية تكرار السيناريو الإيراني.
واعتبر أن نسبة مشاركة المصريات في الانتخابات تكون أكبر في الريف، حيث يجري استخدامهن لتأييد مرشحين من الأقارب أو المعارف، وفي المجتمعات الحضرية أسهمت السوشيال ميديا ووسائل الاتصال الحديثة في زيادة مشاركة المرأة، فضلًا عن دور المجلس القومي للمرأة في توعية الناخبات بأهمية الاقتراع.
وعن كبار السن، يرى صادق أنهم محافظون وليسوا ثوارا، ويميلون أكثر إلى الاستقرار ونبذ "وجع الدماغ"، ويعتقدون أنهم لو تركوا الصناديق للأجيال الجديدة فستكون النتيجة كارثية، ويخشون كذلك على تأثر استحقاقاتهم كالمعاشات مع أي تغيير، كما أن الانتخابات تمثل لهم فرصة للخروج ورؤية الأصدقاء.
"أكثر خبرة"
ترى الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع في مصر، أن كبار السن يواظبون على الاقتراع في الانتخابات بفضل خبرتهم الكبيرة بأسماء المرشحين وبرامجهم الانتخابية، مقارنة بالأجيال الجديدة والشباب، كما أنهم يميلون أكثر إلى الاستقرار، وتكريس الأوضاع الاجتماعية السائدة، بدلًا من تغييرها.
وبالنسبة للنساء، أضافت خضر لـ"العين الإخبارية" أن هناك اتجاها عالميا لتمكين المرأة سياسيًا واجتماعيا، وكلما ضمن النظام السياسي وصول المرأة وتمثيلها كلما كان منفتحًا وأكثر ديمقراطية وتحقيقا للمساواة بين الجنسين،َ وهذا الاتجاه وصل مؤخرًا إلى الأنظمة العربية التي باتت تحرص على تمثيل المرأة.
وأكدت أستاذ علم الاجتماع أن "المرأة باتت تتلقى التعليم مثل الرجل، وتستطيع المشاركة والترشح في الانتخابات"، كما أنها تميل إلى الاستقرار مثل كبار السن، خاصة بعدما حدث في بعض الدول المجاورة، التي تسببت الاحتجاجات الشعبية في تفكيك أركانها، لذا تخشى المرأة من تكرار هذه السيناريوهات.
aXA6IDE4LjE4OS4xNDMuMSA= جزيرة ام اند امز