منصور عباس.. «صانع الملوك» الذي تبرأ من الإخوان يسعى للإطاحة بنتنياهو
قبل 4 سنوات أطاح منصور عباس برئيس الوزراء الإسرائيلي من منصبه، بعد أن كسر قبضته على السلطة التي دامت لأكثر من عقد، فيما يأمل الآن في تكرار ذلك خلال انتخابات العام المقبل.
وفي 2021، صنع منصور عباس، التاريخ في إسرائيل حين أصبح حزبه «الرعام» أول تكتل عربي ينضم رسميًا إلى حكومة إسرائيلية.
ورغم أن الائتلاف لم يستمر إلا عاما واحدا، يأمل عباس أن يتكرر التاريخ في انتخابات 2026 حيث يرسخ الطبيب العربي الهادئ و«صانع الملوك» السياسي غير المتوقع مكانته كشخصية محورية في صفوف المعارضة داخل نظام سياسي يعتمد على تشكيل الائتلافات، بحسب صحيفة «فايننشيال تايمز».
وفي مقابلة مع الصحيفة البريطانية، قال عباس: «ستكون أصوات العرب بالغة الأهمية في الانتخابات، فهي سترجح كفة الميزان».
إلا أن أي سبيل للعودة إلى الحكم سيواجه معارضة على جبهات متعددة، بعدما ازدادت حدة المواقف اليهودية تجاه مليوني فلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتوقع عباس أن تحاول حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة استغلال هذا المزاج العام لنزع الشرعية عن الأحزاب العربية، أو محاولة حظرها، وهو المسار الذي يتكهن البعض أن يتبعه رئيس الوزراء، بعدما أشاد الشهر الماضي بمساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصنيف بعض فروع حركة الإخوان المسلمين الإقليمية كمنظمات إرهابية.
وعد نتنياهو جرى تفسيره بـ«إتمام عملية» حظر الإخوان المسلمين في إسرائيل على أنه تهديد مبطن لحزب «رعام»، خاصة بعد حملة التشويه التي تبنتها وسائل الإعلام اليمينية الإسرائيلية، والتي أشارت دون دليل إلى أن جمعيات خيرية مرتبطة بـ«رعام» تدعم حماس.
حملة «شرسة»
ويرى المحللون أن هذه الهجمات مؤشر على انطلاق الحملة الانتخابية التي ستكون شرسة، حيث ينص القانون على إجراء الانتخابات بحلول أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لكن من المتوقع إجراؤها قبل ذلك.
من جانبه، أصر عباس على أن «رعام» لا تربطه أي صلة بجماعة الإخوان المسلمين، لكنه أكد أنه يأخذ التهديد على محمل الجد، قائلاً: «لا يمكن الاستهانة بأفعالهم للفوز بالانتخابات».
وأضاف: «ليس لدينا رفاهية تجاهل هذا التهديد، لأننا نرى أن الحكومة قادرة على فعل أي شيء، فهم يعتبرون دولة إسرائيل ملكًا لهم». وتابع: «حكومة نتنياهو تحاول نزع الشرعية عنا... إنهم لا يريدون لنا أي دور سياسي».
ويعتقد بعض الخبراء أن نتنياهو لن يذهب إلى هذا الحد وحتى إذا فعل، فسيتعين عليه اللجوء إما إلى قوانين مكافحة الإرهاب أو إلى لجنة الانتخابات التي تقر المرشحين كما يمكن استئناف أي حظر أمام المحكمة العليا.
تزايد «العداء»
في المقابل، يرى آخرون أنه لا ينبغي الاستهانة بالتهديد، مستشهدين بتزايد العداء اليميني تجاه الفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية الذين يشكلون نحو خُمس السكان وبوجود عدد أكبر من القضاة المحافظين في المحكمة العليا مقارنةً بالماضي.
وقال حسن جبارين، من منظمة «عدالة» الحقوقية: «الوضع مختلف عن الوضع القانوني والسياسي السابق.. نتنياهو يعلم أن العقبة الرئيسية أمامه هي أصوات العرب». وقال مسؤول غربي: «لا أستبعد أي شيء.. إنها معركة شرسة».
وفي الوقت نفسه، يتعين على عباس أن يقلق بشأن شركائه السابقين في الائتلاف ففي مرحلة ما بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، ستكون أحزاب المعارضة الستة المتوقع تشكيلها تحالفًا للإطاحة بنتنياهو حذرة إن لم تكن معارضة تمامًا للعمل مع حزب عربي.
وصرح أفيغدور ليبرمان، الزعيم المحافظ لأحد هذه الأحزاب الستة، بأنه لن يشارك في ائتلاف آخر مع عباس.
وضم ائتلاف 2021 مزيجًا متنوعًا من أحزاب اليمين والوسط واليسار الوسط، بقيادة اليميني نفتالي بينيت والوسطي يائير لابيد وحظي بأغلبية ضئيلة للغاية وواجه هجمات متواصلة.
وتعرض حزب بينيت لهجوم من نتنياهو وحلفائه، الذين اتهموه بالتحالف مع «فلسطينيين مناهضين للصهيونية»، ووصفوهم بـ«جماعة الإخوان المسلمين».
وأدى انهيار الحزب بعد عام إلى فتح الباب أمام عودة نتنياهو بتشكيل حكومة يمينية هي «الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل»، بحسب الصحيفة البريطانية.
وقال المحللون إن بينيت الذي يحتل حزبه الجديد حاليًا المركز الثاني بعد حزب الليكود بزعامة نتنياهو في استطلاعات الرأي فقد بعض الدعم اليميني، وسيكون قلقًا من فقدان المزيد.
لماذا «انقلب» نتنياهو عليه؟
ومع ذلك، لا يزال عباس متفائلًا، قائلا: « في السياسة، تقول ما تريد قبل الانتخابات وتفعل ما تريد بعدها»، مشيرًا إلى أن نتنياهو هو من تواصل معه أولًا في 2021 عندما كان يسعى لتأمين الأغلبية. وأضاف: «منحني نتنياهو الشرعية في السياسة، ثم انقلب عليّ».
وفي ظل نظام التمثيل النسبي في إسرائيل، غالبًا ما تظهر الأحزاب الصغيرة كـ«صانعي ملوك» خلال تشكيل الائتلافات بعد الانتخابات.
وتشير استطلاعات الرأي الحالية إلى حصول أحزاب المعارضة الستة على نحو 58 مقعدًا، مقابل 52 مقعدًا تقريبًا لائتلاف نتنياهو.
ولا يزال من غير الواضح أي من الجانبين سيتمكن من حشد الـ61 مقعدًا اللازمة لتحقيق الأغلبية، وهو ما يعني إمكانية بقاء نتنياهو رئيسًا لحكومة تصريف الأعمال مع توجه البلاد نحو انتخابات أخرى، ما لم يتدخل «رعام» الذي تشير الاستطلاعات إلى حصوله على نحو خمسة مقاعد وهو رقم كاف لتغيير موازين القوى.
ورقة رابحة؟
وقال خضر صويد، من معهد الديمقراطية الإسرائيلي: «ربما يكون رعام هو الورقة الرابحة، لكن الأمر سيكون أصعب بكثير لأن أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول ألحقت ضررًا بالغًا بالثقة بين العرب والإسرائيليين».
وأدان عباس (51 عامًا)، مرارًا وتكرارًا هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحث على المصالحة بين اليهود والفلسطينيين الإسرائيليين، مشيرا إلى أن رسالته موجهة إلى الناخبين اليهود، وليس إلى قادة مثل بينيت وليبرمان.
وقال: «أستطيع إقناعهم لأن لدي رؤية للمستقبل، وأمنحهم الأمل.. لا أنظر إلى مجموعتي فحسب، بل أحاول أن أعكس مشاعر الطرف الآخر.. بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، نحن بحاجة إلى هذه الشراكة بين اليهود والعرب».
وأكد أن «كلا المجتمعين عانى من صدمة أولًا، الإسرائيليون اليهود في الهجوم ثم، الإسرائيليون العرب، الذين شاهدوا بذهول الحرب الإسرائيلية الانتقامية تدمر غزة، بينما عانوا من تصاعد العنصرية والمضايقات»، لكنه قال: «أظهرت العلاقة بين العرب واليهود أنها أقوى من كل التحريض».
وتخشى الأحزاب العربية ألا يتم السماح لها بالمنافسة في الانتخابات المقبلة إذا فاز ائتلاف نتنياهو بولاية أخرى وقال عباس "إنهم يؤمنون بدولة يهودية ولا يؤمنون بدولة يهودية ديمقراطية".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز