"الاستراتيجي العربي".. خبراء:ثورة تكنولوجية رقمية شاملة في العقد المقبل
الخبراء في المنتدى يتوقعون أن يحمل عام 2020 عدة مخاطر أهمها تنامي الحروب الإلكترونية وتنامي الأزمات الاقتصادية قصيرة الأمد.
توقع خبيران استراتيجيان في المنتدى الاستراتيجي العربي بدبي أن يحمل عام 2020 عدة مخاطر؛ أهمها تنامي الحروب الإلكترونية وتنامي الأزمات الاقتصادية قصيرة الأمد في الاقتصاد العالمي، وأن العالم في 2030 سيكون أكثر استقطاباً.
وتوقع الخبير الاستراتيجي الدولي نك آلان الرئيس التنفيذي لمؤسسة "كونترول ريسكس" الدولية المتخصصة في تقييمات وتوصيات إدارة المخاطر، أن يحمل عام 2020 خمسة مخاطر رئيسية تؤثر على السياسة الدولية والاقتصاد العالمي.
وتابع الخبير أن هذه المخاطر تتمحور حول حالة التجاذب الجيوسياسي، وصعود مجتمع النشطاء، وتنامي الحروب الإلكترونية، وهشاشة الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وصعود قيادات بلا رؤية أو استراتيجية.
في حين رأى الخبير الاستراتيجي شون كليري نائب رئيس مؤسسة مستقبل العالم أن العالم في 2030 سيكون أكثر استقطاباً.
وأشار الخبيران إلى أن العالم سيشهد ثورة تكنولوجية حيوية رقمية شاملة في العقد المقبل.
ويقدم المنتدى الاستراتيجي العربي، الذي انطلق عام 2001، بتوجيهات ورعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، توقعات سنوية دقيقة حول الأحداث المهمة على مدار العام.
ويجمع المنتدى كبار المسؤولين الحكوميين والخبراء الاستراتيجيين والأكاديميين من المنطقة العربية والعالم، للاستفادة من آراء وبيانات موثوقة المصدر وتحليلات متعمقة، بهدف تسهيل عملية استشراف التحديات والفرص الإقليمية المستقبلية.
وفي محاضرته بعنوان "5 مخاطر رئيسية لعام 2020"، اعتبر آلان أن العالم سيشهد خلال عام 2020 حالة من التجاذب الجيوسياسي العالمي خصوصا في ظل الحملات الداخلية للانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وتابع: "وهو ما يدفع بالعديد من دول العالم لمحاولة إيجاد توازن في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية والصين الصاعدة بقوة، وهو ما يشجع دولاً أخرى مثل كوريا الشمالية وإيران على محاولة اختبار نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية واستغلال هذه الحالة".
5 مخاطر
وقال إن الخطر الثاني يتمثل في مجتمع النشطاء المتنامي في مختلف أنحاء العالم بالاستفادة من التكنولوجيا، وهو ما يجعل منهم سلطة جديدة قادرة على التأثير على الرأي العام، وتقييم أداء الحكومات والمؤسسات والشركات والتأثير على سياساتها.
وأوضح آلان أن الخطر الثالث هو بلوغ الحروب الإلكترونية مستويات غير مسبوقة من قبل، متوقعاً أن يكون عام 2020 خطيراً في هذا الصدد في ظل تصاعد التحول الرقمي واتصال قطاعات الأعمال بالإنترنت على نطاق واسع، فضلاً عن الصراعات السياسية بين الدول، التي تشكل بيئة خصبة للهجمات الإلكترونية، وهو خطر سيتسمر خلال العقد المقبل وما بعده، بحسب آلان.
وأضاف أن الخطر الرابع هو القلق الاقتصادي المترافق مع هشاشة الأوضاع السياسية الناجمة عن عدم قدرة الحكومات على تحقيق معدلات النمو المطلوبة.
وتابع: "وهو ما ينعكس سلباً على قدرة حكومات عدة على الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي، ويحد من قدرة مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد على التدخل بشكل فاعل للتعامل مع التحديات الاقتصادية في الدول النامية".
وعدّ آلان أن الخطر الخامس والأبرز برأيه في عام 2020 هو انعدام الرؤية والاستراتيجية لدى كثير من القادة الصاعدين في عالم اليوم، وهو ما يجعلهم يمارسون ردود الأفعال الآنية على المشاكل التي تعانيها مجتمعاتهم على المستويات الاقتصادية وانتشار الأسلحة النووية وانعدام المساواة والتغير المناخي والتمثيل السياسي.
ولفت الخبير الدولي في إدارة المخاطر إلى أن مؤسسة "كونترول ريسكس" أطلقت خلال المنتدى الاستراتيجي العربي خارطة الطريق التي تصدرها حول المخاطر العالمية المتوقعة في عام 2020، للاستفادة من موقعه منصة دولية لاستشراف توجهات الاقتصاد والسياسة العالمية.
ويقدم نك آلان تحليلات المخاطر والأمن الإلكتروني العالمي في كثير من المنتديات العالمية، وقد تنقل في كثير من مناطق العالم وقدم استشاراته في عدد من الفعاليات الدولية، بما في ذلك مؤتمر محكمة العدل الدولية، ومؤتمر أفريقيا للاستثمار العقاري.
بدوره، عرض الخبير الاستراتيجي شون كليري، نائب رئيس مؤسسة مستقبل العالم، في كلمته بعنوان "العالم في 2030"، جملة توقعات للعقد المقبل الذي قال إنه سيشهد 8 توجهات عالمية رئيسية.
8 توجهات
وقال كليري إن أول التوجهات العالمية خلال العقد المقبل هو تغيّر مراكز الثقل الاقتصادي في العالم وعودتها إلى مراكزها التي كانت عليها في شرق وجنوب آسيا، كما في الصين والهند قبل بدء الثورة الصناعية في أوروبا قبل عدة قرون.
ورأى كليري أن "التوقع الثاني الذي سيشكل السنوات العشر المقبلة هو تنامي الأزمات الاقتصادية قصيرة الأمد في الاقتصاد العالمي، وذلك بسبب تباطؤ وتيرة الإنتاج والتصنيع والاستثمار والتبادل التجاري من جهة".
وتابع: "وكذلك صعود الحواجز والتعريفات الجمركية وارتفاع فواتير خدمة الديون من جهة ثانية"، وهو ما يتطلب من دول المنطقة بحسب كليري وضع خطط وميزانيات سنوية مع توقعات أسعار برميل النفط عند متوسط 60 دولاراً.
أما التوقع الثالث الذي ساقه كليري فهو تراجع الحضور الخارجي للولايات المتحدة الأمريكية وانحسار وجودها الدولي خصوصا في أوروبا وآسيا، وهو ما تؤشر إليه حالياً حالة النفوذ الصيني المتنامي في بحر الصين الجنوبي، مؤكداً أن المنطقة بحاجة إلى الاستجابة لهذا التوقع بتعميق قدراتها الدفاعية المشتركة.
وقال إن الاتجاه الرابع الذي سيشهده العالم خلال العقد المقبل هو تفكك قواعد النظام العالمي الذي كان سائداً لفترة طويلة، وهو ما ينجم عنه تذبذب علاقات كانت راسخة لفترات طويلة كما الحال في العلاقات الأوروبية الأمريكية أو اليابانية الأمريكية.
وأكد أن الحاجة إلى نظام عالمي يحترم القانون الدولي ويمكّن الشباب من قول كلمته في وجه صعود الحواجز بين الدول والمجتمعات.
وعدّ أن دولة الإمارات التي فيها وزيرة للشباب لديها الخبرة والقدرة على تنظيم اجتماعات للشباب العالمي لصياغة المستقبل الذي يتطلعون إليه والاستفادة من منصة إكسبو لاستشراف منظومات يتعاون فيها الجميع حول العالم.
أما التوجه الرئيسي الخامس في العقد المقبل بحسب كليري، فهو صعود التنافس الجيوسياسي الإقليمي الناجم عن انحسار نفوذ دول كبرى ونشوء فراغ إقليمي تتصارع القوى على النفوذ لسده، كما في مناطق حوض المتوسط وآسيا الوسطى والدول المحيطة بالصين وروسيا.
وأكد حاجة دول المنطقة لتعزيز قدراتها الدفاعية في هذا الإطار.
وقال كليري إن التوجه السادس الذي يعد من أبرز ما يميز العقد المقبل هو ثورة تكنولوجية حيوية رقمية هي الأولى في تاريخ البشرية توظف استثمارات هائلة في تعزيز قدرات الإنسان في مختلف القطاعات، وفي مقدمتها الصحة والحياة اليومية والدفاع.
وتوقع أن تجلب معها تساؤلات أخلاقية عديدة تحتاج إلى إجابات شافية.
ولفت في الوقت نفسه إلى أن هذه الثورة الرقمية قد تنعكس إيجاباً على المنطقة العربية عبر تغيير مشهد فرص العمل المتوفرة للشباب والتأثير على المناهج التعليمية وتعزيز بيئات ريادة الأعمال والابتكار وشراكات القطاعين العام والخاص وتحقيق التنمية المتوازنة.
أما التوقع السابع الذي أورده كليري بخصوص العقد الجديد فيتمثل في حصول تغييرات جذرية في المشهد الاجتماعي العالمي، حيث تتسع الهوة ويتنامى الإحباط الشعبي في كثير من مناطق العالم اليوم، في ظل امتلاك 1 بالمئة من سكان العالم نحو 50 % من مقدراته.
وتابع: "وهو ما سيولد حالات احتقان اجتماعية تنزل إلى الشارع غاضبة كما في دول عديدة وعدد من دول المنطقة".
أما التحدي الرئيسي الثامن والأخير الذي توقعه كليري خلال السنوات العشر المقبلة فهو ضعف قدرات الحوكمة الوطنية، وتراجع قدرات الإدارة المركزية وتدهور الخدمات العامة المقدمة للجمهور في كثير من مناطق العالم، بما يشكل تحدياً لسيادة الدول ويؤثر سلباً على مقدراتها ويشجع الانقسامات الطائفية والمذهبية فيها.
ولفت كليري إلى تحدٍ شامل للعالم خلال العقد المقبل يتمثل بتركّز سكان الأرض الذين سيصبحون 8.5 مليار نسمة في 2030 في المدن العملاقة، وهو ما ينعكس سلباً على البيئة والحوكمة ويضغط على الموارد الطبيعية والخدمات والبنى التحتية والفرص الاقتصادية.
وخلص كليري في ختام كلمته إلى وجود احتمالين رئيسيين للعقد المقبل هما؛ إما عالم ثنائي القطب منقسم بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين يجبر الآخرين على الانحياز إلى أحد الطرفين، أو نظام عالمي بنّاء تشاركي يقوم على إيجاد مصالح مشتركة لإنجاز نتائج تفيد مجتمعاتنا البشرية.
وختم بالقول إن المنطقة بحاجة إلى الاستفادة من الفرص المتاحة والتخلي عن الصراعات البينية وتطوير تفكيرها الاستراتيجي لتحقيق تحول إقليمي يعزز دورها المأمول على الساحة العالمية في العقد المقبل.
ويحاضر شون كليري الدبلوماسي السابق والمستشار الاستراتيجي لدى المنتدى الاقتصادي العالمي ومؤسس مؤسسة مستقبل العالم، في موضوعات الاستراتيجيات الدولية، وآليات حل النزاعات وتعزيز التنمية، وترسيخ ركائز السلام وإعادة الأعمار.
aXA6IDE4LjE5MS4yMDAuMjIzIA== جزيرة ام اند امز