العام الماضي ومع كل الأحداث المؤلمة، إلا أنه كان عاما تميَّزَ بالوضوح في تقرير القضايا وحسم المواقف للكثير من الدول العربية
هل العرب راضون عن عام 2018؟ وما درجة الرضا التي تتملكهم حيال أحداث العام الماضي؟ أعتقد أن العام الماضي لم يكن استثناء في الحالة العربية التي لا تزال في إطار متجدد من الأحداث المؤلمة في أحيان كثيرة، فمنذ دخول القرن الحادي والعشرين وحتى اليوم لا يمكن تسجيل حالات إيجابية يمكن للعرب الحديث عنها، كونها انتصاراً أو حلماً تحقق، وكل ما يمكن خشيته أن تستمر الحالة العربية في التراجع سياسياً واقتصادياً وثقافياً، ومع كل النتائج السلبية التي حدثت في الأعوام السابقة وفي عام 2018 تحديداً، إلا أن هناك جوانب إيجابية يمكن الحديث عنها بشكل دقيق، كما يمكن البناء عليها نحو المستقبل.
من أهم إيجابيات العام الماضي أن إسرائيل والعالم كله أدركوا أن القضية الفلسطينية معادلة لا يمكن إغراقها في مسائل تحالفات استراتيجية في المنطقة، كرغبة إسرائيل في التحالف مع العرب ضد إيران، فالدول العربية تدرك أن الأزمة مع إيران لا يمكن ربطها بأي شكل من الأشكال مع القضية الفلسطينية
في الآثار السلبية للثورات العربية والتي مرت خلال العام الماضي بانفراجات بسيطة في القضية السورية والقضية اليمينة، وتحول ملموس في الاتجاه السياسي في العراق، واستقرار مؤكد في مصر الدولة العربية الكبرى من حيث عدد السكان، كما أن العام الماضي كان عاما حافلا من الناحية السياسية وتحديدا فيما يخص العلاقات العربية الإسرائيلية التي أثيرت عبر الإعلام، ومنحت العرب والإسرائيليين فرصة للحديث مجددا عن السلام العربي الإسرائيلي.
لقد كان العرب خلال العام الماضي أكثر جرأة في اتجاه إيجابي من حيث العلاقة مع دولة إسرائيل التي أبدت رغبة كبرى في كسب الدول العربية، ومن الإيجابيات الكبرى في العام الماضي أن العرب تمكنوا من أن يكونوا أكثر إصرارا على أن السلام مع دولة إسرائيل مشروط باتفاقات ومشروعات سلام سبق طرحها.
عام 2018 كان عاما مميزا من حيث الجرأة العربية في الحديث المباشر مع إسرائيل ولكن ليس للتنازل، ولكن للتذكير بأن مشروع السلام العربي هو المنطلق الذي يجب أن يبنى عليه أي تعاون أو حوار مع دولة إسرائيل، والتي هي بالتأكيد دولة من دول الشرق الأوسط، ولذلك فقد تنبه العرب إلى هذه النقطة للوصول إلى اعتراف مماثل بالدولة الفلسطينية وحل الدولتين.
أمريكا خلال العام الماضي نقلت سفارتها إلى القدس، ولكن ذلك لم يغير أي شيء في معادلة المواقف العربية، وأعتقد أن من أهم إيجابيات العام الماضي أن إسرائيل والعالم كله أدركوا أن القضية الفلسطينية معادلة لا يمكن إغراقها في مسائل تحالفات استراتيجية في المنطقة كرغبة إسرائيل في التحالف مع العرب ضد إيران، فالدول العربية تدرك أن الأزمة مع إيران لا يمكن ربطها بأي شكل من الأشكال مع القضية الفلسطينية.
المصالح العربية الداعية إلى تحجيم الدور الإيراني قضية تتقاطع فيها إسرائيل أيضا مع الدول العربية، وعندما تتقاطع المصالح الاستراتيجية في قضية إيران فلن يكون ذلك مبررا للذهاب بعيدا في قضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، الجميع يدرك أن إيران حاولت اللعب على هذه القضية، ولكن الحقيقة الثابتة أن العالم العربي في عام 2018، دحض كل النظريات المعادية التي كانت تعول على أن وجود عدو مشترك بين إسرائيل والعرب يمكنه أن يسهم في تحقيق انتصارات غير منطقية في القضية الفلسطينية.
العام الماضي ومع كل الأحداث المؤلمة، إلا أنه كان عاما تميَّزَ بالوضوح في تقرير القضايا وحسم المواقف للكثير من الدول العربية، ولذلك فإن من التنبؤات المهمة لعام 2019 أن يتمكن العرب من الانتصار على إيران بنموذج سياسي مختلف عن المعتاد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة