الدولة هي التي تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الطبقية أو الفكرية
تعالوا -أولاً- نعود إلى تعريف وتدقيق وتفسير مفهوم كل من: «الشعب» و«الدولة» ليس كما أراه «أنا» أو تراه «أنت» أو يراه «البعض»، ولكن حسب التعريف العلمي الموسوعي.
«الشعب كما هو مصطلح عليه في علمي السياسة والاجتماع يشير إلى مجموعة من الأفراد أو الأقوام يعيشون في إطار واحد وعلى أرض واحدة، ويلتزمون بعقد اجتماعي واحد فيما بينهم».
السلطة يجب ألا تسقط الشعب -أبداً- من حساباتها. والشعب يجب ألا يسعى عن عمد أو بالخطأ إلى إسقاط الدولة الوطنية.
والدولة هي التي تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الطبقية أو الفكرية.
واتفق المفكرون على أن الدولة المدنية العصرية لا بد أن تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، بحيث تضمن حقوق المواطنين فلا يخضع أي فرد أو أي فئة لانتهاك حقوقهم من قبل فرد أو طرف آخر».
من هنا جاءت مسألة «مبدأ المواطنة» الذي يعني أن الفرد لا يُعرَّف داخل المجتمع بثروته أو ديانته أو سلطانه أو منصبه أو منطقته الجغرافية، ولكن يعرّف تعريفاً قانونياً اجتماعياً بأنه مواطن عليه واجبات وحقوق تلك المواطنة.
ولغياب مفهوم المواطنة الحقيقي في كثير من مجتمعاتنا العربية من قبل بعض السلطات يثور الناس، لأن غياب المواطنة المتساوية يؤدي بالضرورة إلى الشعور بالمظلومية.
وحينما يسعى أصحاب السلطة لتجريد المواطن من حقوقه الطبيعية والقانونية والدستورية فإن ذلك يكون بهدف خلق سلطة استبداد تقوم على التمييز وتسعى لرعاية الفساد.
ويأتي انسداد قنوات التعبير في بعض المجتمعات العربية ما يجعل هناك نوعاً من التراكم التاريخي للشعور بالظلم الذي يولد -تلقائياً- فَيَصِلَ بالضرورة، طال الزمن أو قصر، إلى الانفجار الشعبي.
الانفجارات الشعبية أنواع؛ بعضها تلقائي، والآخر منظم.
الانفجار التلقائي بريء صادق، لكنه قد يكون عُرضة لخطر أن يتم توجيهه من قبل قوى شريرة من الداخل أو الخارج.
وفي حال الانفجار المنظم، فإن ذلك يدعو بالضرورة إلى وجود قيادة تحدد المسارات والأساليب والأهداف للجماهير الغاضبة، قد تكون هذه ميزة لأنها تؤدي إلى وجود آلية للتفاوض والحوار، ولها عيب لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى «بيع مطالب الجماهير الغاضبة» إذا كانت القيادة الشعبية بلا ضمير سياسي أو موقف مبدئي حقيقي.
أردت من خلال كل ما سبق أن أمهد لما أريد أن أصل إليه في السطور المقبلة وهو التحذير المزدوج لأهل السلطة وأهل الثورة.
نحذر أهل السلطة في عالمنا العربي -بل ننصحهم- بفتح قنوات التواصل مع الجماهير والقياس الدائم والدقيق والصادق لمدى رضائهم عما تقوم به كافة سلطات الدولة.
وننصح أهل السلطة دائماً بإتاحة الفرصة للجماهير بالمشاركة في صناعة القرار حتى ينتقل الناس من حالة «رد الفعل» إلى حالة القوى الفاعلة.
وقد علمنا التاريخ أن الناس تحمي القرارات التي صنعتها، ويصعب عليها الدفاع عن القرارات التي ولدت خارج رحم المجتمع.
وفي الجهة المقابلة ننصح الجماهير الثائرة بأن تفعل 4 أشياء جوهرية:
1- تحدد أهدافها النهائية.
2- تقوم بمرحلة المطالب الأهم فالأقل.
3- تكون لديها -بالإضافة إلى وسائل الاحتجاج- آلية للحوار المفتوح الواعي.
4- تمنع تماماً أي تدخلات مشبوهة تسعى لاختطافها أو استيعابها بشكل يؤدي إلى «ثورة مضادة».
أهم شيء يجب أن تنتبه إليه أي سلطة هو أولاً عدم المراهنة على صبر الناس واعتبارهم مسلوبي الإرادة غير قابلين للغضب أو الثورة.
وأهم شيء يجب أن تنتبه إليه الثورة في أي مكان أن إسقاط حكومة أو حزب أو طبقة فاسدة يجب ألا يتوسع، فيسقط مشروع الدولة.
السلطة يجب ألا تسقط الشعب -أبداً- من حساباتها.
والشعب يجب ألا يسعى عن عمد أو بالخطأ إلى إسقاط الدولة الوطنية.
المأساة في عالمنا العربي، ومن خلال فهمي المحدود وتحليلي المتواضع، أن كليهما السلطة والشعب يهدف لإقصاء الآخر!
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة