العراقيب.. صمود فلسطيني يأبى الاستسلام
عنوان اليوم يحمل رقم 176 في سلسلة عمليات الهدم والاقتلاع التي تعرضت لها قرية "العراقيب" في صحراء النقب، منذ 2010.
حين تتصفح محرك جوجل للبحث عن قرية "العراقيب" الفلسطينية ستجد نفسك أمام 176 عنوانا متشابها على مدار عشر سنوات سطّرت فيها ملحمة من الصمود ومقاومة المحتل.
وفي كل عنوان كانت هناك قصة تحكي فصولا من معاناة القرية التي أقيمت عام 1905، ويسكنها العشرات الذين تحرمهم إسرائيل من مقومات الحياة.
عنوان اليوم يحمل رقم 176، في سلسلة عمليات الهدم والاقتلاع التي تعرضت لها قرية "العراقيب" في صحراء النقب، منذ 2010.
بداية المأساة
بُعيد نكبة 1948 وتحديدا سنة 1951، أمر الحاكم العسكري الإسرائيلي سكان القرية بإخلائها مؤقتا لمدة 6 أشهر بداعي الحاجة لها لإقامة تدريبات عسكرية.
مدةٌ طال أمدها حين أخبر الاحتلال سكان القرية بعدم العودة، وهو ما تحدث عنه عزيز الطوري، عضو لجنة الدفاع عن أراضي العراقيب، لـ"العين الإخبارية".
وقال الطوري إن السكان أقاموا في منطقة قريبة بانتظار السماح لهم بالعودة إلى أرضهم، لكن العودة طالت حين تم إخبارهم بالمنع.
وأضاف: "عندما انتهت فترة التدريبات العسكرية، بدأ السكان بالعودة، ولكن السلطات الإسرائيلية منعتهم إلى أن قيل لهم في نهاية الأمر إن عليهم أن يدفعوا أجرة أرضهم التي سيعودون للإقامة عليها".
منازل من صفيح
وقرية العراقيب هي واحدة من 45 قرية في النقب لا تعترف بها إسرائيل.
وعدم الاعتراف يعني منع إقامة بنى تحتية فيها من شوارع، وربط بشبكات الكهرباء والمياه، وعدم إقامة عيادات ومدارس وغيرها من مستلزمات الحياة فيها.
ويقيم السكان في خيام ومنازل مقامة من ألواح الصفيح، فيما يقيم أحدهم في سيارة قديمة.
عن وضع القرية يقول الطوري: "بدأ الهدم في عام 2010، حين كان هناك 65 منزلا في القرية، أما الآن فتقيم 22 عائلة فيها تتكون من 82 فردا بينهم 20 طفلا ".
وأضاف: "في بداية الأمر كانوا يهدمون القرية مرة كل أسبوع، ولاحقا باتوا يهدمونها مرة كل شهر".
وبعد كل عملية هدم، يقوم السكان بإعادة بناء القرية من جديد، وشعارهم "لن نهجر العراقيب مهما حدث وكلما هدموا القرية سنعيد بناءها".
وبمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لبدء عملية الهدم، أقام سكان القرية ونشطاء سياسيون ومواطنون عرب، مهرجانا على أرض القرية.
وقال رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية محمد بركة إن" العراقيب باتت رمزا كفاحيا، واسما يلمع في جميع أماكن وجود شعبنا الفلسطيني".
وأكد أن "النقب باتت قضيتنا المركزية الأكبر في معركة الأرض والمسكن التي نخوضها منذ 72 عاما في وطننا".
ولفت بركة إلى أن الاحتلال دمّر العراقيب 176 مرة "لكن أهلنا بنوا العراقيب 177 مرة، ولن يكلّوا، هم يهدمون ونحن نبني، هم يخربون ونحن نبني، هم يدمرون الحياة ونحن نبني أفقا للحياة في القرية".
العراقيب.. رمز للصمود
وينظر المواطنون العرب إلى قرية العراقيب كنموذج لتمسك الفلسطيني بأرضه.
وفي هذا الصدد، أوضح بركة أن الرسالة التي تخرج من العراقيب مفادها "أن النضال مجدٍ، وأن الإصرار على الحق مجدٍ، وأن الكسل والسكوت على الحق هو كارثة وهدية لعدونا".
واعتبر أن إسرائيل "تجاوزت كل حدود المنطق والمعقول، فهي تريد أن تقلع بشرا من أجل أن تزرع شجرا".
مستطردا "نقول لهم (للاحتلال) كما نقول كل مرة، نحن أولى بشجر بلادنا من أي مخلوق على هذه الأرض، لكن عندما يجري استعمال زرع الشجر من أجل قلع البشر نقول إن البشر أولى وهم يستحقون الحياة على أرضهم".
ولا تتوفر خدمات طبية أو تعليمية في العراقيب، ما يضطر سكان القرية للسفر إلى مدينة رهط على بعد حوالي 6 كيلومترات للحصول على هذه الخدمات.
ويستخدم السكان المولدات والألواح الشمسية لتوليد الكهرباء، أما المياه فيتم نقلها في صهاريج بثمن باهظ.
وعن هذا الأمر، يشرح الطوري لـ"العين الإخبارية: "لا مكان آخر لنا لنذهب إليه، ولا ننوي الذهاب إلى أي مكان فهذه أرضنا ونحن هنا باقون".