جاء انعقاد مؤتمر «COP28» لمواكبة تعزيز الجهود الأممية من قبل دولة الإمارات التي تسير وفق رؤية استباقية في إطار جهودها المناخية، كإطلاق استراتيجية "الحياد المناخي"، بهدف الوصول لنسبة صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050.
وأثبت استضافة دولة الإمارات لمؤتمر المناخ قدرتها على إحداث تغيير إيجابي لضمان مستقبل قائم على التنمية المستدامة، وثقة العالم بمكانتها في البحث عن حلول عملية للقضايا الدولية المحورية، حيث شارك نخبة من قادة العالم وخبراء وصانعي القرارات والناشطين الدوليين لمواصلة جهود العمل المناخي، والتصدي للتحديات العالمية، ودفع التنمية الاقتصادية المستدامة للأمام.
أقيم المؤتمر في مرحلة بالغة الأهمية، نظراً للآثار السلبية بالغة الخطورة، التي يعاني منها العالم بسبب تغير المناخ، وتحديات ضمان أمن الطاقة والأمن الغذائي والمائي.
ويفاقم تغير المناخ المخاطر والتهديدات على العالم، مما يؤثر على السلم والأمن الدوليين، خصوصاً في الشرق الأوسط، ومناطق مختلفة حول العالم، ومن المعروف أن تغير المناخ يؤثر كذلك على المهام والقدرات العملياتية للمؤسسات العسكرية والأمنية على مستوى العالم. ومن هذا المنطلق فقد وجب العمل على مراعاة الأمن المناخي، وكل ما يتعلق بتأثير تغير المناخ على السياق الاستراتيجي والتوازنات الجيوسياسية، ومهام الجيوش ووسائل تنفيذها لتلك المهام.
وينبغي أن تهتم المؤسسات العسكرية على مستوى العالم بالمناخ وبالقضايا المتعلقة به وتأثيراتها المختلفة وحدود هذه التأثيرات ولا سيما فيما يتعلق بالقدرات الدفاعية والعملياتية للجيوش، حيث إن تكيف الجيوش مع تغير المناخ أمر بات ضرورياً يؤثر بلا شك في السياسة الدفاعية للدول، ويمكن العمل في هذا السياق من خلال السيطرة على تداعيات تغير المناخ على مهام وقدرات الجيوش، والتنسيق مع الوزارات والمؤسسات والهيئات المدنية ومع الشركاء الدوليين في الحد من التداعيات المناخية، وتنمية قدرات استشراف تحديات تغير المناخ بوسائل ابتكارية، ودعم البحث العلمي في هذا الشأن.
إن التحديات المناخية تتطلب تعاوناً وثيقاً بين القطاعات العسكرية والمدنية كافة داخل الدول، والشركاء الدوليين في الخارج. حيث يمكن العمل مع الشركاء على توحيد الجهود وتبادل الخبرات في التعامل مع التغيرات المناخية، مع إمكانية الوصول إلى الموارد التكنولوجية المتطورة لتعزيز جهود المكافحة، وزيادة الوعي بالمخاطر، وتحفيز العمل على مواجهة التحديات، وكذلك في مجال التنبؤ بالكوارث المناخية، لمواجهة تغيرات المناخ على صعيد الدفاع والأمن.
وينبغي أن يشمل التعاون بين الجيوش على تدريب وتوعية القادة والضباط والأفراد على كيفية التعامل مع آثار التغير المناخي، وزيادة الوعي بالمخاطر الناجمة عنها، وكذلك البحث والتطوير، والتقنيات المبتكرة، التي يمكن أن تساعد في الحد من تغير المناخ، والاستعداد للمشاركة في عمليات الإغاثة، في حالات الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية.
ويعد التعاون المشترك بين الجيوش خطوة مهمة في المكافحة المناخية، ويساعد في تعزيز قدرات الجيوش على مواجهة آثار التغير المناخي.
كما ينبغي أن تتعاون الجيوش مع بقية المؤسسات المدنية في رصد واستشراف الكوارث المناخية، بغية رصد وتحليل البيانات المتعلقة بالتغيرات المناخية، ووضع الخطط اللازمة للاستجابة للكوارث المناخية، وإعداد الدراسات الاستباقية الخاصة باستشراف تداعيات التغير المناخي، ومن ثم الاستعداد لهذه التغيرات على كافة المستويات.
ومن المهم تنظيم سلسلة من التدريبات المشتركة بين المؤسسات العسكرية والأمنية بالدول والمؤسسات المدنية، لتحسين التنسيق بين مختلف الجهات المعنية، وتعزيز قدراتها على الاستجابة للكوارث المناخية، وأيضاً تتبادل المعلومات والتكنولوجيا المساعدة على رصد واستشراف الكوارث المناخية.
من ناحية أخرى، فإنه من المهم أن تسعى الجيوش إلى تطوير مجال البحث العلمي والتكنولوجيا، لتطوير حلول مبتكرة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتعزيز التكيف مع آثار التغيرات المناخية، مع رفع الوعي بين أفرادها بأهمية حماية البيئة، من خلال برامج التدريب والتوعية، وتسهم هذه الخطوات في جعل الجيوش أكثر ريادة في مجال العمل المناخي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة