اعتقال وترحيل وعنصرية.. مصير صعب للسوريين في تركيا
تقرير تلفزيوني ألماني أكد أن مناخا عدائيا بات سائدا في تركيا ضد السوريين حاليا، وبات معتادا قراءة تعليقات عنصرية ضدهم على مواقع التواصل
لم يعد الترحيب وسياسة فتح الأبواب تمثل النغمة التي يتشدق بها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن ٣.٦ مليون لاجئ سوري في بلاده؛ إذ بات الأمر يتعلق باعتقال وترحيل وعنف شرطي وعنصرية.
وبات واضحاً أن هذا التغير الدرامي مدفوع بالأساس بخسائر نظام أردوغان في الانتخابات البلدية بالمدن الكبرى، وخاصة إسطنبول، ومحاولته استمالة الناخبين الرافضين لوجود اللاجئين، لكنه يعد لعبا بالنار، بحسب تقرير للقناة الأولى بالتلفزيون الألماني "أيه آر دي".
ووفق التقرير الذي أعدته القناة من إسطنبول، فإن روحاً ومناخاً عدائيين في مواجهة السوريين يسودان تركيا في الوقت الحالي، وبات من المعتاد قراءة التعليقات العنصرية بحقهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما يستخدم النظام بشكل متزايد خطاباً سياسياً متشدداً حيال اللاجئين، بعد أن وصفهم في ٢٠١١ بـ"الضيوف"، وفتح لهم الحدود، ودعا الأتراك للترحيب بهم.
وبحسب استطلاع حديث لمعهد بيار التركي لقياس اتجاهات الرأي العام، فإن ٧٠% من الأتراك يرفضون وجود السوريين في بلادهم.
وفي هذا الإطار، قالت القناة الألمانية: "لا يتوقف الأمر عند الرفض فقط، فالهجمات العنيفة ضد السوريين وأعمالهم التجارية في ازدياد، فيما تلقى تعليقات عنصرية مثل (العرب غير المتحضرين والغزاة) رواجا كبيرا في مواقع التواصل الاجتماعي والشارع.
بدورها، تتبع الحكومة التركية نهجا متشددا حيال السوريين، وشنت مداهمات وحملات أمنية خلال الأيام الماضية، أسفرت عن اعتقال الآلاف في إسطنبول وحدها، فيما رحلت المئات بشكل قسري إلى مناطق التوتر والقتال في شمال شرق سوريا، مثل إدلب وعفرين.
كما نقلت آخرين إلى معسكرات لاجئين في المناطق الحدودية مع سوريا، حيث لا يتوفر الحد الأدنى للحياة الإنسانية، وفق التقرير ذاته.
ويبلغ عدد السوريين المسجلين في تركيا منذ ٢٠١١ نحو ٣.٦ مليون شخص، بينهم ٥٤٧ ألفاً في إسطنبول وحدها، غير أن نحو ٣٠٠ ألف إضافيين يعيشون في المدينة التي تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد بدون تسجيل.
ووفق "أيه آر دي"، فإن حقوقيين أتراكا رصدوا استعمال الشرطة للعنف ضد اللاجئين السوريين بشكل متزايد.
والأسبوع الماضي، ذكرت تقارير لصحف ألمانية أبرزها صحيفة تاجس شبيجل أن الشرطة ترحل اللاجئين لسوريا مربوطي الأيدي، وتجبرهم على توقيع وثائق تفيد بعودتهم لبلادهم طواعية.
وحول تداعيات الحملة الحالية ضد السوريين، قالت "أيه آر دي" إن "أردوغان يتبع نهجا متشددا وعدائيا ضد السوريين لاستمالة الناخبين الرافضين لوجودهم، في ظل تعرضه لخسائر كبيرة في أنقرة وإسطنبول وغيرهما من المدن الرئيسية خلال الانتخابات البلدية التي جرت يومي ٣١ مارس/آذار و٢٣ يونيو/حزيران الماضيين".
وتابعت أن أردوغان "يشعل غضب الأتراك الداعمين للاجئين ويغامر بخسارتهم"، لافتا إلى أن النهج الحالي للنظام يقسم المجتمع التركي، ويمثل ما عدته حجر عثرة في طريق الحكومة.
وأضافت أنه "كما أن الانتهاكات الحالية للاجئين وتسرب أعداد منهم لأوروبا مجددا يضعفان الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي بشأن اللاجئين، ويضعان مستقبله على المحك".
عبرت الناشطة الحقوقية التركية يلديز أونان عن رفضها سياسات حكومة بلادها في ملف اللاجئين قائلة إنه "من العار أن تنتشر العنصرية هنا في تركيا"، مضيفة في تصريحات للتلفزيون الألماني أن "السياسيين يشعلون مشاعر كراهية الأجانب والشعارات القومية المعادية للسوريين بدلا من مواجهتها".
ومضت قائلة: "نحن جميعا لاجئون.. لا للعنصرية".
وفي ٢٠١٦، وقّع الاتحاد الأوروبي وتركيا اتفاقاً يهدف للحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا بشكل غير شرعي، مقابل منح أنقرة ٦ مليارات يورو لتوفير الحاجات الأساسية لهم على أراضيها.