"العين" في لقاء خاص مع صفوان داحول.. وجوهي تحكي حال سوريا وناسها
الداخل إلى قاعة "أيام غاليري" وهو يبحث عن جداريات صفوان داحول ترتفع لأمتار على الجدران.. سيظن للوهلة الأولى أنه قد أخطأ في العنوان.
الداخل إلى قاعة "أيام غاليري" وهو يبحث عن جداريات صفوان داحول ترتفع وتمتد لأمتار على الجدران.. سيظن للوهلة الأولى أنه قد أخطأ في العنوان.
الجداريات تقلصت!
الوجوه الصامتة، المشبعة بتعابيرها، الأجساد المتكومة على نفسها، اللوحات التي كان يسرح فيها الأسود والأبيض على مساحات تمتد لـ 6 أمتار استحالت منمنمات صغيرة لا يتعدى حجم الواحدة منها راحة اليد الواحدة.
خطوة جريئة وصادمة للفنان السوري صاحب سلسلة "حلم".. خطوة تجعل المرء يلصق عينيه في ذلك المربع الصغير بكل ما أوتيّ من نظر، و"يبحلق" وجهاً لوجه في عيني سيدته الساكنة.
تصغير داحول في معرضه الجديد، لم يخفف من ثقل العمل ولا من قوة تعابير شخوصه، بل كثفه ليأسر مشاهد يقف أمامه ويبحث في أدق خطوطه وأرفع ملامحه. لكن حجم الأعمال لا يلخص وحده سمات معرض داحول الجديد الذي كان لـ "بوابة العين" لقاء خاص معه، بل أيضا هوية شخصيته الأزلية.. تلك المرأة التي سكنت لوحاته منذ سنوات. سيدة تلخص سيدات كثيرات، لكنها تبقى واحدة لا ثان لها كما يقول بنفسه لـ "العين". واحدة نعم، لكن هذه المرة كانت امرأة صفوان داحول بلد برمته.. بلد يتأرجح في المصير المجهول، على أرجوحة معلقة في اللاشيء، بلد يفقع غراب عينه ويظلل نظره.
وفي مطلق الأحوال مازال معرضه الجديد يعتبر استكمالا لسلسلته المستمرة منذ 1987 والتي تتكرر موضوعاتها بتفاصيلها الدقيقة، رغم محدودية المساحة، محافظة على تأثيرها المعهود، وعلى الثقل السيكولوجي نفسه الذي يميّز أعماله السابقة.
داحول الذي اختصر ألوانه ليزيد القيمة التعبيرية لها.. لأنه يرى أن معنويات العمل هم الأهم أكثر من اللون أو شكل الرسم، أطل داحول بزهد على زائر متعطش للغرق في بحر جدارياته.. زهد اللون وزهد المساحة لم ينجحا إلا بإغناء التجربة ومتعة النظر والبصر.
بحسب الفنان، تعدّ تلك الأعمال ذات الأبعاد الصغيرة تجسيداً لأحلامنا الآخذة بالتقلص، فضلا عن معنى رمزي يمكن استخلاصه بشكل أعمق من تلك الإشارات إلى فن اللوحات الدينية القديم، كتلك الموجودة في الأيقونات وفي الفن الإسلامي على حدّ سواء، إما كصور تجريدية أو رسوم نصية.