في حضرة البراءة.. ماذا فعل يعقوب الشاروني في مكتبة البلسم؟
الشاروني يحرص على عقد لقاءات حكي مع الأطفال وآبائهم، شدد على أهمية انتقاء الكتب والقصص المناسبة لأعمارهم ودورها في تنمية عقولهم
داخل مكتبة البلسم بالقاهرة، كان المكان مجهزا في انتظار وصول كاتب الأطفال الكبير "يعقوب الشاروني"، للقاء حكي تفاعلي مع مجموعة من الأطفال وذويهم.
الأجواء ملائكية، ألعاب هنا وهناك، وكُتب الناشئة في جميع الأنحاء، هدوء لم يقطعه سوى وصول الرجل الثمانيني، قبل موعده بدقائق، بابتسامة على وجهه، وحقيبة ممتلئة بأعماله، قبل أن تزدحم القاعة بالأطفال وذويهم، لتبدأ الجلسة التي استمرت لنحو ساعة مضت بين التفاعل والمتعة والحكي.
في البدء، تحدثت نادية الخولي، رئيس المجلس المصري لكتاب الطفل، عن الشاروني، مؤكدة قدرته المدهشة على التواصل مع الأطفال على مدار عقود عديدة، لأنه يواكب كل جديد في عالم الطفولة، والتطور الذي وصلت إليه الأجيال الجديدة.
وأشارت إلى غزارة إنتاج الشاروني الأدبي للأطفال، كونه قَدم للمكتبة المصرية والعربية قصص في كل المجالات، مثل الحكايات الشعبية، والقصص التاريخية، والبوليسية والاجتماعية والخيال العلمي. واعتبرت أن أكثر ما يميز الكاتب الشهير، هو "مصريته" وفق تعبيرها، إذ يحرص في كل أعماله على زرع القيم المصرية والعادات والتقاليد، وتعريف الأطفال بالبيئة المحيطة، والسفر بهم إلى كل محافظات مصر من خلال كتاباته بطريقته الممتعة.
بدأ الشاروني لقاءه في حديث حميمي مع الآباء والأمهات، مستفسرا منهم عن كيفية اختيارهم للكتب المناسبة لأطفالهم، وما إذا كان يتم على أسس مُحددة أم بصورة عشوائية؟ أجاب بعضهم بأن الأغلفة أحيانا تكون جاذبة، فيما يلجأ أغلبهم إلى الكتب القديمة التي تربوا عليها، أو وفق رغبة الأبناء. هنا شدد الشاروني لافتا انتباههم إلى "ضرورة التأكد من صلاحية تلك القصص بالنسبة لأعمار الأطفال، وأهمية وجود تشكيل منضبط حتى يتمكنوا من قراءة الحكايات لأولادهم بطريقة صحيحة"، ومرر لهم نصيحة بقيمة مجلات الأطفال ودورها في تنمية الصغار؛ لأنها تحتوي على القصة والمعلومة والصور المناسبة لأعمارهم.
13 عملا بالقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد فرع "أدب الطفل"
ثم جاء دور الصغار، الجالسون في الصفوف الأولى، اقترح عليهم قراءة أحد قصصه الشهيرة معاً، وهي "حكاية مرمر والبجعة" طلب من إحدى الفتيات أن تقف إلى جواره لتساعده في الحكي، كانت تجربة ممتعة، تفاعلت معه الطفلة، ثم انضم إليهم باقي الصغار، قاموا واحد تلو الآخر، يقرأ معهم، يضحك أمامهم، ويصفق لهم في نهاية التجربة وسط سعادة كبيرة على وجوههم.
يتحدث الشاروني مع الأطفال وفق ما يناسب أعمارهم السنية، يمنح كل منهم الإحساس بالنجاح مع حماسه في الكلام معهم، يسألهم عن ألوان الحيوانات في القصص، يمرر لهم سلوكيات لابد من الحفاظ عليها، قبل أن يطلب من الصغار أن يقفوا أمام الجميع لسرد حكايات من وحي خيالهم، وهو ما تم في دقائق بصورة جميلة وسلسة.
في نهاية اللقاء، نصح الشاروني، الحضور بأهمية أن يُشاركوا أطفالهم في حكي القصص بدلاً من تلقينها إليهم دون منحهم فرصة التخيل والتفاعل.
التف الأطفال لالتقاط الصور التذكارية مع الكاتب الكبير، من بينهم هبة أحمد من اليمن، التي حضرت برفقة طفلتها بيلسان، التي عبرت عن سعادتها باللقاء، قائلة لـ"العين الإخبارية": "لم أكن أتوقع الاستمتاع بتلك الصورة الرائعة وأرغب حقيقة في تكرار التجربة مرة أخرى".
وأضافت: "الشاروني لديه أسلوب سلس، تمكن من التعامل مع جميع الأطفال بطريقة جيدة وغير معقدة"، فيما أشارت دعاء الشريف، أنها تقرأ للشاروني منذ طفولتها لذلك حضرت إلى اللقاء مع ابنتها عاليا.
ولفتت الشريف سِر اهتمامها بالحضور "لقدرة الشاروني على شد انتباه الأطفال، من خلال طريقته في الحكي، والخبرة التي اكتسبتها خلال اللقاء، فضلاً عن رغبة ابنتها في قراءة مزيد من القصص بسبب إعجابها بالتفاعل ما بين الكاتب والأطفال".
"اتصالات لكتاب الطفل" بصمة واضحة للارتقاء بالأدب في الوطن العربي
المهندس أحمد إبراهيم، كان موجودا أيضا مع ابنته سلمى، آثر حضور اللقاء عوضا عن قضاء اليوم في المنزل وهو يوم إجازته، وقرر أن يحضر لقاء الكاتب الكبير، وقال لـ"العين الإخبارية": "أعتقد أن الأطفال مثل: النباتات، لابد من الاهتمام بهم وتنمية قدراتهم منذ الصغر؛ لذلك حرصت على المجيء والاستفادة".
يعرف إبراهيم قيمة الشاروني جيدا، وأن لديه خبرة كبيرة في عالم الكتابة للأطفال، سواء فيما دونه في المكتبة الخضراء وغيرها. وهو أمر مميز لابنته التي تحب القصص وترغب في تأليف الحكايات رغم سنها الصغير.
متخصصون يؤكدون أهمية أدب الطفل في نشر السلام وتعزيز التقارب بين الشعوب
بعد أن غادر الحضور المكان، بقي الشاروني لدقائق يبحث عن الجديد في قصص الأطفال، يقول لــ"العين الإخبارية": "أحاول دائماً التعرف على كل ما يخص الصغار، وما يُقدم إليهم"، مُشيراً إلى أن الكتابة لطفل تطورت بشكل كبير في الخارج لاعتمادها على التفاعل بدلا من التلقين".
وأوضح الشاروني أنه لا يحب الانعزال عن العالم الذي يحبه، لذا يهتم بالتواصل مع الأطفال مرة على الأقل في كل أسبوع، من خلال لقاء معهم وذويهم، فضلاً عن ندوة شهرية مع أبرز الأسماء من الكتاب والنقاد والرسامين الذين يعملون في المجال نفسه.
وشدد على قيمة قصص الأطفال وأدب الطفل، وضرورة أن يعي أولياء الأمور أنها خطوة مهمة، في طريقة تربيتهم، موضحا أنه "ضد أن يستغنى عنها الصغار مقابل أجهزة المحمول واستخدام الإنترنت، التي يريد رقابة عليها من الأباء والأمهات لكونها تحوي مواد غير مفيدة".
فيما قالت بلسم سعد، صاحبة "مكتبة البلسم"، لـ"العين الإخبارية": إن "البلسم" منذ تأسيسها في 2005 وهي مكرسة تماما للاهتمام بالصغار، كما تحرص المكتبة على عقد لقاءات دورية تجمع المؤلفين بالأطفال، إلى جانب الحرص على وجود قامات كبيرة مثل الشاروني في الورش التي تحتضنها المكتبة".
مضيفة: "الشاروني إنسان وكاتب رائع، لديه طريقة مبهرة في الحكي وإسعاد الأطفال والكبار".
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4yNiA=
جزيرة ام اند امز