بالصور.. مجسمات مهرجان ثقافي تنقل أهل غزة لأجواء القدس
أماكن مدينة القدس الأثرية والتاريخية في معرض فني يعيد صورة المدينة القديمة إلى الأذهان على وقع ألحان الرحبانية وغناء فيروز.
عبر مجسمات فنية ضخمة وبوسترات وملصقات وفعاليات ثقافية متعددة، حاكى مهرجان القدس عاصمة فلسطين، في غزة، البيئة التاريخية والاجتماعية والحياتية لمدينة القدس المحتلة.
هنا مجسم لقبة الصخرة، وهناك سوق القطانين وإلى جوارها قهوة علون الشهيرة، وبيت الشرق، معالم مقدسية بارزة، بدت حاضرة في الهرجان الذي جسد أوضاع مدينة القدس السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية، واحتضنته خان يونس جنوب قطاع غزة.
وتوزعت أماكن إقامة المهرجان بين 3 مواقع، بمشاركة مئات الفلسطينيين الذين جاءوا لعيشوا أجواء المدينة التي حرمهم الاحتلال من الوصول إليها.
وعلى شدو فيروز "يا قدس.. يا مدينة الصلاة.. عيوننا ترحل إليك كل يوم"، تجول الحضور بين أروقة الأماكن المقدسية التي أعيد تجسيدها داخل ساحة مهرجان يبوس سيرة ومسيرة، لتثير الشجون والشوق لأهالي غزة المحرومين من الوصول للمدينة المحتلة.
وبدأت فعاليات المهرجان الإثنين، واختتمت اليوم الخميس، بتنظيم من مراكز جمعية الثقافة والفكر الحر ومشاركة نخبة من المؤرخين والكتاب والأكاديميين والأسرى المقدسيين في أمسيات ثقافية وأصبوحات ثقافية.
قهوة علون
في جانب الساحة، انتصبت قهوة علون، وداخلها انهمك مجموعة من الفتيان والفتيات في عروض مسرحية تجسد شخصيات أدبية مقدسية وأخرى فلسطينية بارزة لها دور بارز في النضال الفلسطيني.
وقالت سمر العناني، موجهة زاوية الأدب والمشرفة على المقهى لـ"العين الإخبارية": "اخترنا تجسيد مقهى علون الموجود في باب حطة بالقدس، وهو من أشهر المقاهي التي كانت تستضيف رواة القصص أو الحكواتي، وفيه عبر هذا الفريق من الفتيات والفتيان.. نقدم عروضا مسرحية عن شخصيات تجمع بين الأدب والسياسة ومن الماضي والحاضر، فلدينا عرض عن الأديب خليل السكاكيني (ولد في 23 يناير 1878 - وتوفي في 13 أغسطس 1953) والشاعر تميم البرغوثي، وهو مبعد عن القدس".
وفي إحدى الزوايا بدت زنزانة حديدية، وقربها علقت صورة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مروان البرغوثي الأسير في السجون الإسرائيلية.
وتوضح العناني، أن عروضهم تلامس الهم المقدسي وتهدف إلى التنوير باعتداءات الاحتلال والمعاناة المقدسية، مشيرة إلى أنهم يعتمدون على الأدوات التراثية والمعاصرة لربط الماضي بالحاضر، للتأكيد على الهوية الفلسطينية.
الطفلة لينا شبير (9 أعوام) التي ارتدت الطربوش ووضعت شنبا مستعارا بدت سعيدة وفخورة وهي تجسد شخصية الأديب السكاكيني، وقالت لـ"العين الإخبارية": "أنا أحب الأدب والكتابة ولذلك أحببت تجسيد شخصية السكاكيني ومعاناته من الاحتلال في القدس وهي المدينة التي أحبها وأتمنى أن أزورها".
سوق القطانين
في جانب آخر، من المكان، برز سوق القطانين، وداخله عدة زوايا، انهمك فيه أطفال وفتية في إعداد مشغولات فنية وتراثية، بينما عرضت داخله الأثواب التراثية المقدسية.
وسوق القطانين من أشهر أسواق القدس، وحملت هذا الاسم؛ لأن حوانيتها اختصت بتجارة القطن القادم من مصر، حيث كان يصنع في القدس ويصدر للعالم.
وتتكون السوق من طابقين، وتحتوي على 50 حانوتا يتصل كل منها بغرفة علوية سكنها جزء كبير من رجال الأوقاف على مر السنين، ولا تزال هذه الغرف تتبع للأوقاف الإسلامية وتسكن بها عائلات مقدسية.
وفي زاوية أخرى جسد بيت الشرق أحد معالم القدس البارزة، وعلى بابه بدت الأسلاك الشائكة ترمز إلى إغلاقه من قوات الاحتلال.
وقالت نوار النجار المشرفة على إنتاج وإخراج بيت الشرق لـ"العين الإخبارية": "حرصنا على تبصير الجمهور بهذا البيت المقدسي الذي بناه إسماعيل موسى الحسيني سنة 1897 بمنطقة باب الساهرة وتحول لاحقا إلى مقر منظمة التحرير، وتعرض للإغلاق المتكرر من قوات الاحتلال.
القدس عاصمة فلسطين
وداخل إحدى الزوايا، انهمك مجموعة من الفتيان بتوجيه من مدربتهم في إعداد لوحة فنية من قطع تحاكي فيسفساء مقدسية كتب عليها "القدس عاصمة فلسطين الأبدية"، في إشارة إلى رفض قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعلان المدينة عاصمة لإسرائيل.
يعلو صوت فيروز في أرجاء المكان "تدور في أروقة الأماكن، تعانق الكنائس القديمة وتمسح الحزن عن المساجد، لتثير حنين وشجون المتجولين في المكان وغالبيتهم محروم من زيارة المدينة الخاضعة للاحتلال".
وبدا التأثر على وجه الطالب الجامعي مراد سلامة (20 عاما) وهو يقف قرب مجسم للمسجد الأقصى، وقال لـ"العين الإخبارية": "أمنيتي أن أزور القدس، وأتجول في شوارعها العتيقة، وأصلي في المسجد الأقصى، لم يسبق لي زيارتها؛ لأن الاحتلال يمنع ذلك تحت حجج واهية".
وتبعد غزة عن القدس 78 كم، ويمنع الاحتلال وصول الغزيين إليها، منذ عدة سنوات، ولكنه يسمح على فترات متباعدة لأعداد محدودة من كبار السن بزيارتها ساعات محدودة بعد استصدار تصاريح خاصة.
وقالت مريم زقوت، مدير عام جمعية الثقافة والفكر الحر لـ"العين الإخبارية": إن المهرجان مثل تظاهرة ثقافية وطنية، نرسخ من خلال فعالياته المتعددة، الثقافة الفلسطينية بمفهومها الواسع في عقول ونفوس أطفالنا أساسا للمحافظة على الهوية وتعزيز الانتماء، بتحبيبه بمورثه الثقافي والأدبي والفني وتشجيعه على البحث والقراءة ومن ثم الإبداع فيما بعد.
وشددت زقوت على أن المهرجان الذي خصص هذا العام للحديث عن عاصمة فلسطين الأبدية القدس، له دلالات معنوية وسياسية، خاصة في ظل ما تتعرض له المدينة المقدسة من تهويد من قبل الاحتلال، وفي ظل قرار ترامب الأخير، لنؤكد عبر بوابتنا الثقافية والإبداعية أن القدس حاضرة في الفعل الثقافي الفلسطيني.
aXA6IDE4LjIyNi4yMDAuMTgwIA==
جزيرة ام اند امز