أزمة سوريا في 2017.. "جنيف" بمربعها الأول و"أستانة" تحرز تقدما
عام 2017 شهد انعقاد 8 جولات من محادثات السلام السورية في أستانة، توّجت بإنشاء 4 مناطق لخفض التوتر مقابل 5 جولات لجنيف دون نتائج.
شهد عام 2017 انعقاد 8 جولات من محادثات السلام السورية في العاصمة الكازاخية أستانة، تُوّجت بتثبيت وقف إطلاق النار وإنشاء 4 مناطق لـ"خفض التوتر". يأتي ذلك مقابل 5 مفاوضات عقدها النظام والمعارضة في المدينة السويسرية جنيف دون نتائج ملموسة على صعيد الأزمة.
لا يعني ذلك أن جولات الأستانة الـ8 مرت مرور الكرام؛ فقد اصطدمت بالعديد من العقبات حتى وصلت الحرب الأهلية السورية إلى حالة من "تخفيف التوتر والتصعيد".
بوابة "العين" الإخبارية ترصد في التقرير التالي تداعيات ونتائج الزخم السياسي الذي شهدته الأزمة السورية خلال عام 2017، والذي تجلي في انعقاد 8 جولات من محادثات "أستانة" و5 محادثات من "جنيف".
أستانة.. إنجازات وعقبات
في أواخر العام الماضي، خرج إلى النور إعلان لوقف شامل لإطلاق النار في سوريا بضمانة روسية–تركية، وذلك تمهيدا لحل الأزمة المستعرة، منذ مارس/آذار 2011، سياسيا.
وقف إطلاق النار دعمته المعارضة السورية والنظام، فضلا عن الدول المساندة لهما، واستُثني تنظيما "داعش" الإرهابي و"جبهة النصرة".
وعملا لدعم ذلك الإعلان، عُقدت في العاصمة الكازاخية أستانة أولى جولات السلام، بين وفدي النظام والمعارضة في 23 و24 يناير/كانون الثاني الماضي.
ودعت الجولة التي رعتها روسيا وتركيا وإيران (الدول الضامنة لوقف إطلاق النار) ومنظمة الأمم المتحدة، وحضرتها الولايات المتحدة، إلى تثبيت وقف إطلاق النار، وإنشاء آلية ثلاثية لمراقبة مدى التزام الأطراف المعنية به.
وأدت "أستانة 1" إلى انقسام وصف بـ"الحاد" في صفوف المعارضة المسلحة؛ حيث رفضت جبهة فتح الشام، "النصرة" سابقا، وعدد من الفصائل المتحالفة معها نتائج المؤتمر، كما حدث شرخ في صفوف حركة أحرار الشام نتج عنه انشقاق عدد من قياداته.
وفي 16 فبراير/شباط الماضي، استؤنفت الجولة الثانية، بعد تأخرها يوما، بغياب المبعوث الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا، ومع وفد "مصغر" من المعارضة السورية.
وفد المعارضة "المصغر" ربما كان سببه انتهاك النظام لوقف إطلاق النار؛ حيث قال أحمد رمضان رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، حينها إن هدف المشاركة في المحادثات "نقل رسالة إلى الروس مفادها عدم وجود التزام".
لم يختلف الأمر كثيرا في الجولة الثالثة؛ حيث استمر موقف المعارضة الداعي لضرورة التزام دمشق باتفاق وقف إطلاق النار.
وعبّرت المعارضة خلال تلك الجولة، التي انعقدت يومي 14 و15مارس/آذار الماضي، عن موقفها هذا بمقاطعة وفدها للاجتماع، متهمة روسيا (ضامن النظام) بالتقاعس عن دعم ذلك الاتفاق.
وتأتي الجولة الرابعة لتضيف بعض الإنجازات على مسار وقف إطلاق النار من خلال توصل الدول الضامنة إلى اتفاق لإنشاء 4 مناطق لـ"خفض التوتر"، شملت إدلب وشمال حمص ودرعا والغوطة الشرقية.
"خفض التوتر" الذي اقترحته روسيا ووقّعته الدول الضامنة، خلال تلك الجولة المنعقدة يومي 3 و4 مايو/آيار الماضي، يمنع طيران النظام السوري من أداء طلعاته الجوية، على أن تتولى فصائل المعارضة محاربة تنظيمي "داعش" و"النصرة".
لم يستمر النجاح طويلا؛ حيث أتت الجولة الخامسة، المنعقدة خلال يومي 4 و5 يوليو/تموز الماضي، بما لا تشتهيه سفن الحوار السورية، وانتهت بفشل الدول الضامنة في الاتفاق على حدود مناطق "خفض التوتر".
وتداركت الجولة السادسة بعض ذلك الفشل؛ حيث استطاعت الدول الضامنة إدخال مدينة إدلب، التي تتمركز بها جبهة "فتح الشام" لمناطق "خفض التوتر"، وذلك عبر دخول قوات تركية إلى المدينة السورية.
وقال وزير خارجية كازاخستان خيرت عبد الرحمنوف، خلال تلك الجولة التي انعقدت في 14 و15 سبتمبر/أيلول الماضي، إن الدول الضامنة أقرت "إنشاء مركز تنسيق مشترك تركي روسي إيراني، يهدف إلى تنسيق أنشطة قوات مراقبة خفض التوتر".
من ناحية أخرى، ركزت جولتا أستانة السابعة والثامنة على الملف الإنساني. ودعا البيان الختامي لـ"أستانة 7"، المنعقدة 31 أكتوبر/تشرين الأول، الدول الضامنة إلى ضرورة اتخاذ خطوات لبناء الثقة من قبيل الإفراج عن المعتقلين وتسليم جثث القتلى.
في حين اختتمت "أستانة 8"، المنعقدة يومي 22 و23 ديسمبر الجاري، جولتها بإقرار وثيقة حول تشكيل فريق عمل خاص لبحث ملف المفقودين والمعتقلين والأسرى.
وقال مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف، إن اللجنة ستباشر عملها خلال أسبوعين أو 3.
جنيف.. خلافات لا تنتهي
على صعيد موازٍ لمحادثات الأستانة، تم انعقاد 5 جولات من مفاوضات "جنيف" لإيجاد مخرج سياسي للأزمة، لكن السمة التي طبعت تلك الجولات كانت الخلاف بين وفدي النظام والمعارضة. من الاختلاف على جدول الأعمال وانتقاد تمثيل أكثر من وفد للمعارضة إلى رفض مخرجات مؤتمر "الرياض 2"، الذي أسهم في إيجاد وفد موحد للمعارضة.
وفي 23 فبراير/شباط الماضي، انطلقت الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف بين النظام والمعارضة، التي تم تمثيلها عبر 3 منصات هي: القاهرة وموسكو والرياض؛ الأمر الذي دفع وفد النظام إلى الدعوة إلى توحيدهم في وفد واحد حتى يتسنى التفاوض معه، حسب تصريحات مسؤولي دمشق.
والخلاف الآخر بين المعارضة والنظام كان على الغرض من المفاوضات وأولويات البنود التي يتم التفاوض عليها؛ حيث سعى وفد النظام إلى التركيز على تثبيت وقف إطلاق النار ومكافحة الإرهاب، في حين ترى المعارضة أن التركيز على مسائل الانتقال السياسي هو الأولوية.
الخلاف نفسه تكرر في الجولة الخامسة (انتهت في 31 مارس/آذار) والسادسة (انتهت في 19 مايو/أيار) من مفاوضات جنيف، وأعلن دي ميستورا انتهاء الجولة دون أن يطرأ أي تغيير على مواقف الحكومة والمعارضة.
وتتركز بنود المفاوضات بين النظام والمعارضة حول 4 ملفات هي: الدستور والحكم الانتقالي والانتخابات ومكافحة الإرهاب.
ورغم طلبات المعارضة المتكررة للنظام بتقديم بوادر حسن نية من قبيل الإفراج عن المعتقلين والمحتجزين والالتزام بوقف إطلاق النار؛ فإنها (المعارضة) نفت تلقيها خطوات من دمشق على هذا الصعيد.
وفي 15 يوليو/تموز، أكد المبعوث الأممي أن وفد النظام لم يُبدِ استعدادا لبحث موضوع الانتقال السياسي في مفاوضات "جنيف 7".
وقال رئيس الوفد المعارض إلى جنيف نصر الحريري، إن الوفد الحكومي تعمد تجاهل رؤية المعارضة السياسية حول الانتقال، معتبرا أن "الانتقال السياسي هو الطريقة الوحيدة لمحاربة الإرهاب".
ورغم تمكن منصات المعارضة الـ3 من ولادة وفد واحد موحد يمثلهم في مفاوضات جنيف، عبر مؤتمر "الرياض 2"، الذي انعقد في 22 و23 نوفمبر/تشرين الثاني في العاصمة السعودية، فإن ذلك لم يشفع في تقدم الجولة الثامنة من مباحثات جنيف.
واختتمت مفاوضات "جنيف 8"، يوم 14 ديسمبر/كانون الأول الجاري، دون أي تقدم، وذلك بعد تعليق المفاوضات خلال تلك الجولة 3 أيام؛ حيث عاد وفد النظام إلى بلاده.
ورغم دعوة الطرفين النظام والمعارضة إلى بدء تلك الجولة دون أي شروط مسبقة؛ فإن وفد دمشق رفض أكثر من مرة مخرجات "مؤتمر الرياض 2"، داعيا المعارضة إلى التخلي عن مطلب "رحيل الأسد".
وفي النصف الثاني من يناير/كانون الثاني المقبل، من المتوقع انعقاد جولة تاسعة من مفاوضات جنيف، وفقا لتصريحات أدلى بها المبعوث الأممي إلى سوريا خلال اجتماعه مع وزير الخارجية والدفاع الروسيين في 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
aXA6IDMuMTQ5LjI1LjExNyA=
جزيرة ام اند امز