إغلاق ساحة "إتني" الشهيرة بالخرطوم.. واحة المثقفين تجافي روادها
بمداد أسود يروي أحزان المكان على فراق مرتاديه، وضع ملاك ساحة "إتني" بالخرطوم إعلاناً تحذيرياً يمنع التجمع بها والتواجد وإقامة الأنشطة.
"إتني" وهي أحد أشهر معالم العاصمة السودانية الخرطوم وملتقى المثقفين ونشطاء السياسة، ستجافي روادها قهراً هذه المرة امتثالاً لرغبة ملاك الأرض.
وفوجئ روّاد هذه الساحة بلوحة إعلانية كُتِب عليها: "هذه المساحة ملكية خاصة، ممنوع منعاً باتاً عمل أي نشاط من أي نوع أو تواجد أي مجموعات داخل هذه المساحة".
عبارات التحذير القاسية دفعت رواد ساحة "إتني" إلى هجرها لأول مرة منذ عقود، وأضحت خالية من الوجود البشري يكتسيها حزن الفراق.
وتقع ساحة "إتني" في السوق الأفرنجي بالخرطوم قبالة شارع الجمهورية وعلى بعد أمتار من القصر الرئاسي، وظلت خالية لسنوات مضت يلتقي فيها المثقفون وطلاب الجامعات وحتى منسوبي الأحزاب السياسية وتشهد أنشطة سياسية وإبداعية ولم يُعرف أن ملكيتها لشخص، بينما كان الجميع يظنها ساحة عامة تخص الدولة.
ويعود مسمى هذه الساحة وفق روايات متطابقة إلى مقهي إغريقي عريق لسيدة يونانية يطلق عليها في ذلك الحين "إتني".
ويلتقي المثقفون ونشطاء السياسة والمجتمع عند الأمسيات في ساحة "إتني" لشرب الشاي والقهوة على أنغام الموسيقى ونقاشات الفكر والسياسة، كما يتخلل المكان شتى ضروب الإبداع من نحت ورسوم تشكيلية وجداريات تعكس حضارة أهل البلد ونضالاتهم.
وكانت "إتني" أيضاً مكاناً لكنز المعارف حيث تشهد من وقت إلى آخر معارض للكتب المستعملة التي تناسب الواقع الاقتصادي لمرتادي المكان.
ومن أهم المعالم التي تميز "إتني" بازارات الفلكلور والمقاعد الأسمنتية، التي يتناثر حولها الحمام بثقة وأمان وسط رواد الساحة.
وكانت حكومة المعزول عمر البشير تغلق ساحة "إتني" من وقت إلى آخر وفي بعض المرات تفرض عليها تضييقاً أمنياً ضمن محاولات لكبح الحراك السياسي والأنشطة المناهضة لها.
لكن عقب نجاح ثورة ديسمبر، تنفست ساحة "إتني" نسائم الحرية وعادت لتحتضن روادها بأنشطتهم الثقافية والإبداعية وحتى السياسية، دون تضييق.