الهجمات الانتحارية أحد التكتيكات الأبشع استخداما في العقدين الماضيين؛ إذ لا يمكن التحقيق مع مرتكبها وسؤاله عن دوافعه الأساسية.
تُعَد الهجمات الانتحارية أحد التكتيكات الأبشع استخداما في العقدين الماضيين، ومكمن الصعوبة في فهمه أنه لا يمكن التحقيق مع مرتكبها وسؤاله عن دوافعه الأساسية التي رمت به إلى طريق التهلكة، كما نجد أن هناك مفاهيم مغلوطة مرتبطة بالهجمات الانتحارية أهمها اعتبار الدافع الديني هو المسؤول تماما عن قيام المتطرف بتفجير نفسه.
وللإجابة عن هذه الفكرة المغلوطة يجب إيضاح أن الأديان الأكثر انتشارا اليوم لا تدعو إلى العنف والكراهية، كما أن أول مرتكب للتفجيرات الانتحارية لم يكن متدينا بل كان انفصاليا من نمور التأميل التي تحمل أيديولوجية علمانية.
يمكن تفكيك هذه النوادي من خلال اتباع استراتيجية محكمة ترتكز أولا على منع ورصد طُرق التمويل؛ فهي بدون التمويل عاجزة عن توفير خدماتها المجتمعية لأتباعها وتقوض قدرتها على التجنيد، ومن ثم توفير الحياة الكريمة وفرص عمل للشباب وتعزيز الانتماء الوطني الذي يشكل الدرع الواقي ضد أوهام العابثين
يعود الاقتصاد مرة أخرى محاولا تفسير هذه الظاهرة دون الخوض في جدليات تفسير النصوص الدينية، ودون اتهام "التراث" الديني لهذه الطائفة أو تلك. بل الأهم من ذلك أنه يضع إطارا أوسع لفهم هذا السلوك ودوافعه، وتشكل نظرية "النوادي" مدخلا مُهما في فهم التنظيمات الإرهابية وأسلوب تجنيدها ودفع مريديها إلى الانتحار، حيث تُشكل المنظمات المتطرفة نوادي ذات طابع انتقائي، مثل النوادي الرياضية أو النوادي الاجتماعية، تقدم خدماتها للأعضاء بصفة غير تنافسية، فاشتراك عضو جديد في النادي الصحي لا يضر عضوية المشترك الآخر إلا في حالة الازدحام بسبب طفرة في عدد الأعضاء.
عصابات الجرائم المنظمة، الجماعات الإرهابية والفرق الأصولية هي أكثر من تطبق نظرية "النوادي"؛ فعليك دفع سعر الاشتراك مُقدما للتمتع بالخدمات والمنتجات والأجهزة التي تعد عالية التكلفة على الفرد لشرائها وحده، وكلما زاد سعر الاشتراك كان النادي أكثر تطورا أو رُقيا، وهناك أندية خاصة جدا تضع مواصفات معينة للأعضاء بهدف أن تكون أندية أو مؤسسات نخبوية، تضع هذه الأندية أعرافها الخاصة بها من ناحية اللباس والشكل والتصرف. وقد تتضمن تقديم بعض التضحيات أو شعائر للالتحاق لهذه المنظومة مثل نوع معين من الأوشام تستخدمه العصابات أو إعلان بيعة للمرشد أو للخليفة، كلما زادت التضحية زاد الانتماء "للنادي". أقصى ما يمكن التضحية به هو النفس. فمتى يضحي بها؟
تختلف جماعات الإخوان وحزب الله وطالبان، إلا أن أحد عوامل نهوضها هو فشل الدولة المركزية؛ ما مكّن هذه المنظمات الإرهابية من تشكيل ناديها الخاص؛ فهي تقدم الخدمات الاجتماعية التي عجزت الدولة عن تقديمها، مقابل ولاء وانصياع أتباعها، وتنفيذهم تعليماتها وخضوعهم لقواعدها كارتداء العمامة الطالبانية أو ملبس معيّن، أو منع النساء من العمل، ولتشكيل هذا النادي تحتاج المنظمة الإرهابية إلى منظومة تمويل عالية ومتنوعة، تضمن بها استمرارية النادي في التجنيد وتقديم الخدمات، وذلك ينطبق على تجنيد الانتحاريين؛ ففي حرب الشيشان حيث بدأت الهجمات الانتحارية مع وصول تمويلها من أسامة بن لادن، كانت تُدفع للانتحاري مُكافأة مجزية وتحصل عائلته على صيت وسمعة في وسط "النادي" بالإضافة إلى مكافأة شهرية تضمن لهم مستوى معيشيا جيدا، هذا كله لم يكن ليحلم بتقديمه لعائلته في ظل الظروف الاقتصادية البائسة. فهو يرى أن عائد الانتحار أكبر من الحياة.
ونظريا يمكن تفكيك هذه النوادي من خلال اتباع استراتيجية محكمة ترتكز أولا على منع ورصد طُرق التمويل، فهي بدون التمويل عاجزة عن توفير خدماتها المجتمعية لأتباعها وتقوض قدرتها على التجنيد، ومن ثم توفير الحياة الكريمة وفرص عمل للشباب وتعزيز الانتماء الوطني الذي يشكل الدرع الواقي ضد أوهام العابثين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة