الميزانية التقشفية تعرقل الإصلاح الاقتصادي في لبنان
مأزق لبنان بشأن عدم الاتفاق على الميزانية الجديدة قد يؤجل إتمام اتفاقات التمويل التي ينتظرها لبنان لبدء برنامجه الإصلاحي.
يكافح لبنان منذ سنوات للخروج من مأزق التباطؤ الاقتصادي، ولم يكد البلد المثقل بالديون يقرر البدء في خطة للإصلاح الاقتصادي حتى أوقفتها الاحتجاجات الداخلية المعارضة للميزانية التقشفية التي عرضتها الحكومة.
والمأزق الحالي الذي يواجهه لبنان بشأن الاتفاق على الميزانية الجديدة لبدء خطة إصلاح مالي ذات مصداقية إلى جانب تدهور أوضاع السوق العالمية، قد يؤجل إتمام اتفاقات التمويل التي ينتظرها لبنان لبدء برنامجه الإصلاحي ما قد يجد صعوبة في إعادة تمويل ديون كبيرة بالعملة الصعبة تستحق هذا العام، الأمر الذي يثير قلق المستثمرين في الخارج.
ومن المرجح تفادي التخلف الصريح عن السداد في المدى القصير عن طريق مناورة حكومية تشمل مشاركة البنك المركزي والبنوك المحلية، كبار حاملي ديون لبنان، بحسب تقرير نشرته "رويترز".
التقرير أشار إلى أنه لن يكون سوى حل مؤقت على الأرجح وقالت صناديق أجنبية عديدة ردا على أسئلة إنها ستكون مترددة في شراء سندات دولية لبنانية جديدة إلى أن تنتهي من تقييم الإصلاحات.
وأضاف أنه قد تمتد محادثات مجلس الوزراء اللبناني إلى الأسبوع القادم بعد نحو 10 جلسات حتى الآن دون اتفاق، على خلفية احتجاجات لموظفي القطاع العام والجنود المتقاعدين بسبب المخاوف من تخفيضات للأجور ومعاشات التقاعد.
وكانت الحكومة قد وعدت في فبراير/شباط بإصلاحات قالت إنها "صعبة ومؤلمة" للسيطرة على الإنفاق، ويقول رئيس الوزراء سعد الحريري إنها قد تكون الميزانية الأشد تقشفا في تاريخ لبنان.
وعلى المحك من ذلك يقع دعم المستثمرين لمبيعات الدين الجديدة الضرورية لتلبية استحقاقات سندات دولية تحل الأسبوع المقبل ثم في نوفمبر/تشرين الثاني.
وتزداد طرق الأسواق العالمية تعقيدا جراء الاضطرابات الجديدة في الأسواق الناشئة مع تفاقم النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين وتصاعد التوترات الجيوسياسية بخصوص إيران.
يعاني لبنان، الذي ينوء تحت وطأة أحد أثقل أعباء الدين العام في العالم، جراء شلل سياسي والحرب في سوريا والعراق، التي نالت من التجارة الإقليمية والاستثمار وحركة السفر.
تأثر أيضا اقتصاد لبنان الصغير والمنفتح سلبا من جراء تراجع التدفقات النقدية من لبنانيي المهجر المنتشرين في أنحاء العالم، بعد أن كانوا تقليديا عاملا مساعدا في تمويل جانب من متطلباته المالية.
وتقول علياء مبيض، العضو المنتدب في شركة جيفريز المالية العالمية: "الحكومة عاجزة حتى عن ترتيب أوضاعها للوصول إلى ميزانية شاملة وشفافة، لم تُقدم أو تَصُغ خطة إصلاح مالي ذات مصداقية للأجل المتوسط تحقق التوازن السليم بين ضرورتي النمو والانضباط المالي".
وتابعت: "في غياب إطار واضح للسياسة الاقتصادية والمالية في المدى المتوسط يعالج الاختلالات الخارجية الضخمة، وفي ضوء ارتفاع معدلات الفساد وخضوع صناعة القرار في الدولة للمصالح الخاصة، فإن المستثمرين لن يكونوا مقتنعين بالشراء في مخاطر لبنان، كما سيعمد المانحون إلى زيادة الفحص والتدقيق قبل تقديم مزيد من التمويل".
ورفع طول أمد عملية وضع الميزانية تكلفة التأمين على ديون لبنان في الفترة الأخيرة إلى أعلى مستوياتها منذ 22 يناير/كانون الثاني.
وسيسع لبنان ارتجال حل لصداع دينه الأقرب استحقاقا، والمتمثل في سندات دولية قيمتها 650 مليون دولار تحل في 20 مايو/أيار.
وقال مصدر مطلع إن لبنان يستطيع سداد مستحقات المستثمرين في هذه السندات عن طريق معاملة صرف أجنبي مع البنك المركزي.
وسبق أن استخدمت الحكومة في لبنان ذات النهج غير التقليدي من قبل لتمويل عجز الميزانية.
ومن المرجح أن يخصم البنك المركزي شهادات إيداع مقومة بالدولار لكي تكتتب فيها البنوك في مقابل شرائها سندات محلية طويلة الأجل، حسبما ذكر مصرفي مطلع على الوضع، وبالتوازي مع ذلك، سيجري البنك المركزي مبادلة مع وزارة المالية، الجهة المصدرة للدين الدولي.
وزير المالية في لبنان، قال من قبل إن الحكومة تطمح لإصدار سندات دولية في نطاق 2.5 مليار إلى 3 مليارات دولار في 20 مايو/أيار لتغطية هذا الاستحقاق واستحقاق لبناني آخر لعام 2019، عبارة عن إصدار حجمه 1.5 مليار دولار يحل أجله في نوفمبر/تشرين الثاني.
وأبلغ مصدر مطلع رويترز، الثلاثاء، أن لبنان قد ينتظر إلى أن تتحسن شهية مستثمري الأسواق الناشئة وتتفق الحكومة على الميزانية.
وتستهدف الحكومة بيع نحو 20% من الإصدار الجديد إلى المستثمرين الدوليين.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMy4yMCA= جزيرة ام اند امز