"زراعة البراز".. أحدث صيحة علاجية لمرض التوحد
أبلغ معظم آباء أطفال التوحد عن حدوث تحسن بطيء، ولكنه ثابت في أعراض المرض لدى أطفالهم بعد عامين من خضوعهم لعملية زراعة البراز.
على الرغم مما تثيره اسم عملية "زراعة البراز" من اشمئزاز، فإن مزيدا من الفوائد تتكشف كل يوم لتلك العملية التي تهدف إلى زراعة ميكروبات نافعة جديدة في الجهاز الهضمي للمريض.
واستخدم باحثون من مختبر "باسفيك نورث ويست" الوطني في ولاية واشنطن الأمريكية العام الماضي هذه العملية لإنقاذ حياة سيدة تبلغ من العمر 61 عاما، كانت تعاني من إسهال مزمن طوال نحو ثمانية أشهر، وفقدت على إثره 27 كيلوجراما من وزنها.
ومؤخرا أثبتت دراسة أمريكية أخرى أجراها باحثون من جامعة ولاية أريزونا الأمريكية، فاعليتها في علاج مرض التوحد لدى الأطفال.
وانطلقت الدراسة الجديدة التي نشرت الثلاثاء 9 إبريل/نيسان الجاري في دورية "Scientific Reports"، من حقيقة أثبتتها الأبحاث الحديثة، وهي أن الميكروبات المعوية تؤثر على تواصل المخ والصحة العصبية، وهو ما يظهر بشكل واضح في الأطفال المصابين بالتوحد، حيث إنهم يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي.
ويعاني ما يقرب من 30-50٪ من جميع المصابين بالتوحد من مشاكل الجهاز الهضمي المزمنة، وخاصة الإمساك أو الإسهال الذي قد يستمر لسنوات عديدة.
ووجدت دراسة سابقة أجريت على عقار الفانكومايسين (مضاد حيوي) تحسنًا كبيرًا مؤقتًا في أعراض الجهاز الهضمي والتوحد عند تناوله، لكن الفوائد فقدت بعد أسابيع قليلة من توقف العلاج.
كان السؤال الذي طرحته الدراسة الجديدة هو ماذا يحدث في القناة الهضمية لدى المصابين بالتوحد، وكيف يؤثر ما يحدث داخلها على كل من الأعراض الجسدية والسلوكية لمرضى التوحد، وكيف يمكن تطوير علاج طويل الأمد؟
انطلق الفريق البحثي في إجابته على هذه الأسئلة من مقارنة ميكروبيوم (الميكروبات المتعايشة داخل الأمعاء) الأطفال المصابين بالتوحد مقارنةً بالأطفال غير المصابين.
ووجد الباحثون أن لدى الأطفال الذين يعانون من مرض التوحد تنوع أقل في ميكروبات الأمعاء الخاصة بهم، وكانوا يفتقرون إلى البكتيريا المفيدة المهمة، ولديهم خيارات أقل في القائمة البكتيرية للوظائف المهمة التي توفرها البكتيريا للقناة الهضمية، مقارنة بالأطفال الآخرين.
وباستخدام عملية "زراعة البراز" نجح الفريق البحثي في إحداث تنوع في الميكروبات لدى أطفال التوحد، كما أوجدوا في ميكروبيوم أمعاء الأطفال بكتيريا مفيدة، مثل Bifidobacteria و Prevotella، وبعد عامين من العملية كان التنوع أعلى واستمر وجود الميكروبات المفيدة.
ووفق الدراسة، فقد ساهم ذلك في حدوث انخفاض بنسبة 58٪ في أعراض الجهاز الهضمي مقارنةً بالفترة السابقة على بدء الدراسة، كما أبلغ معظم آباء الأطفال عن حدوث تحسن بطيء، ولكنه ثابت في أعراض التوحد.
ويقول كراجمالنيك براون أحد الباحثين الرئيسين المشاركين بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة ولاية أريزونا الأمريكية أنهم سيعملون لاحقا على فهم أي الميكروبات والمواد الكيميائية التي تنتجها الميكروبات، وتقود إلى هذه التغييرات السلوكية عند مرضى التوحد.