الأزهر والفاتيكان .. ثنائية السلام والمحبة من أرض التسامح
لقاء تاريخي تحتضنه أرض التسامح والمحبة، دولة الإمارات بين قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف.
لقاء تاريخي تحتضنه أرض التسامح والمحبة، دولة الإمارات العربية المتحدة، الأحد، بين قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين.
بادرة مُميّزة ستزيد السمات المشتركة بين الأزهر الشريف والفاتيكان رسوخاً وثباتاً، وتحمل كثيراً من الدلالات والمعاني بشأن دور الإمارات في نشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي، وإعلاء قيمة الإنسان واحترام حرية المعتقد.
وتهدف أبوظبي، من خلال زيارة قداسة البابا فرنسيس وشيخ الأزهر الشريف، إلى تعميق مبادئ الوسطية والاعتدال، ومكافحة خطاب الكراهية والتفرقة والغلوّ الديني.
المتابع لِدور الأزهر الشريف والفاتيكان، باعتبارهما من أكبر المؤسّستين الدينيّتين عالمياً، يلاحظ كثيراً من النقاط المشتركة والرؤى المُوحّدة، بخصوص نشر قيم السلام والمساواة والحوار، في فترة حرجة تسيطر خلالها النزاعات الدينية على مناطق متفرقة من المعمورة.
- البابا فرنسيس يغادر روما متوجها إلى الإمارات في زيارة تاريخية
- رحلة البابا فرنسيس إلى الإمارات.. صور حصرية من الطائرة البابوية
ومنذ عام 1947، تاريخ إقامة علاقات دبلوماسية بين جمهورية مصر العربية ودولة الفاتيكان، شهِد التعاون بين المؤسّستيْن تنوعاً كبيراً وتطوّراً ملموساً ومحطات جمّة، لعلّ أهمّها زيارة البابا حنا بولس الثاني، بابا الكنيسة الكاثوليكية، مصر عام ٢٠٠٠، فضلاً عن استقبال قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين، سنة 2016، في الفاتيكان.
وتُوّج هذا المسار التشاركي أيضاً، بزيارة تاريخية لقداسة البابا فرنسيس إلى القاهرة عام 2017، والتي اكتسبت أهمية كبرى على المُستوييْن الرسمي والشعبي، كما تجدر الإشارة إلى مشاركة فضيلة الإمام الأكبر بالسنة ذاتها، ضمن النسخة الثالثة للحوار بين الشرق والغرب، والذي نظّمته جمعية "سانت إيجيديو" بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين في روما.
وأكد فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب استعداد الأزهر الشريف، لوضع خبراته المتراكمة وتعاونه في خدمة السلام العالمي وترسيخ حوار الحضارات وقيم التعايش المشترك.
وأوضح أن احترام الأديان الأخرى والمؤمنين بها لا يقل عن احترام المسلم لدينه، في خطاب قوي ترجم مدى حرص الأزهر على نشر قيم الإسلام السمحة.
ومن بين المشاهد المُعبّرة التي جمعت الطرفيْن "مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس" عام 2018P إذ تضمّنت كلمة الفاتيكان رسالة مهمة حول رفض دعوات تهويد القدس، مع التأكيد على حقّ الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة.
في الإطار ذاته، أصدر مرصد الأزهر لمكافحة الفكر المتطرف تقريراً عن العلاقة بين الجانبين على مرّ العصور، أشار عبره إلى التراث العريق للأزهر الشريف في تأصيل الدعوة إلى السلام العالمي، وتوثيق روابط الأخوة الإنسانية.
وتناول التقرير أيضاً رسالة شيخ الأزهر محمد مصطفى المراغي، رحمه الله، في بيان أصول السلام الإسلامي والأخوة الإنسانية، أثناء مؤتمر الأديان بلندن 1936، إثر فترة عصيبة من الصراعات والحروب آنذاك.
وقال المرصد في تقريره: "إنّ هذا هو ما يردّده صباحاً ومساءً، الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في كل المناسبات والمؤتمرات الدولية، مّا يدلّ على أن الأزهر لا يلبس أرديةً مختلفة تتنوّع وفْق الاتجاهات المتعارضة، بل يلتزم بمنطق الإسلام في مواجهة الأحداث، وآية ذلك أن رجال الأزهر اليوم يقولون عن اعتقادٍ ما قاله أسلافهم الفاقهون، لا لأن اللاحق يُقلِّد السالف، بل لأن المصدر واحدٌ لا يختلف، وهو القرآن الكريم".
الإمارات ريادة عالمية في التسامح
من منطلق هذه الأرضية المشتركة، تأتي الزيارة التاريخية لقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، إلى دولة الإمارات، التي تعد نموذجاً للتسامح والتعايش الإنساني وتلاقي الثقافات، فقد حقّقت الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في "مؤشر التسامح تجاه الأجانب"، بحسب التقارير الأممية عام 2017، وهي "الكتاب السنوي للتنافسية العالمية"، "تقرير مؤشر الازدهار الصادر عن ليجاتم"، و"تقرير مؤشر تنافسية المواهب العالمية الصادر عن معهد إنسياد".
ووردت الإمارات الثالثة عالمياً في "مؤشر الثقافة الوطنية المرتبط بدرجة التسامح"، كما حصلت على المرتبة الثالثة عالمياً في "مؤشر الثقافة الوطنية المرتبط بدرجة التسامح ومدى انفتاح الثقافة المحلية لتقبل الآخر"، إذ صعدت الإمارات من المرتبة الثامنة عام 2015 إلى الثالثة سنة 2016، وذلك بحسب "تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2016"، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية العالمية في سويسرا، والذي قيَّمَ 61 اقتصاداً متقدماً.
ولم تشهد الدولة طوال تاريخها أي تطرف على المستوى الديني، فكانت وستبقى نموذجاً للإسلام الحق، الذي يحتضن ثقافات وديانات وخلفيات حضارية متنوعة، كما تضمّ مؤسسات كثيرة تأخذ على عاتقها، نشر قيم التسامح والتعايش السلمي، فقد أسست في يوليو 2014 مجلس حكماء المُسْلِمين، وهو هيئة دولية مستقلة تهدف إلى تعزيز السلم في العالم الإسلامي، فضلاً عن منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة.
وأسّست الإمارات عام 2018 المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، كي يعمل على تعزيز قيم الاعتدال والحوار والتسامح والانتماء الوطني، ونبذ التعصّب والكراهية.
ومن أبرز الشواهد والدلائل التي تترجم ركائز بناء الدولة، ما قاله المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في اليوم الوطني الـ 32 للاتحاد: "إننا نرفض بكل شدة الدعوة إلى الكراهية والعنف ونشر الفرقة بين شعوب العالم، وسنواصل طريقنا في دولة الإمارات للمحافظة على مجتمعنا المتجانس والموّحد، المتمسك بقيمه وتراثه والمنفتح على العالم والمتفاعل مع ثقافاته وإبداعاته".
aXA6IDMuMTQyLjQwLjE5NSA= جزيرة ام اند امز