أطفال يولدون بحجم عامهم الأول.. ما السر وراء هذه الظاهرة الغريبة؟

انتشرت في الأشهر الأخيرة بمنصة تيك توك موجة لافتة من مقاطع فيديو، يظهر فيها آباء وأمهات يستعرضون أطفالهم الرضع وهم بأحجام استثنائية.
وتحت وسم" بيج بيبي"، حصدت هذه المقاطع عشرات الملايين من المشاهدات، حيث يتباهى الأهالي بملامح أطفالهم الممتلئة وأوزانهم التي تتجاوز المعدلات الطبيعية.
إحدى الأمهات من أوكلاهوما، على سبيل المثال، نشرت مقطعا يظهر طفلها البالغ من العمر أربعة أشهر فقط، والذي يزن نحو عشرة كيلوغرامات ويبلغ طوله أكثر من 70 سنتيمترا، أي ما يقارب نصف حجم والدته. وفي مقطع آخر، حقق أكثر من 44 مليون مشاهدة، قدّمت مؤثرة طفلها "المصنَّف في الشريحة المئوية 99" من حيث الطول والوزن، ووصفت حبها لـ "طفلها الضخم".
جدل بين الإعجاب والتحذير
ورغم موجة التعليقات التي أبدت إعجابًا بما وصفوه بـ"جمال الأطفال الممتلئين"، إلا أن آخرين وجّهوا تحذيرات من مخاطر صحية محتملة، بل وذهب بعضهم إلى حد وصف الأمر بـ"سوء معاملة للطفل".
وامتلأت التعليقات بأسئلة متكررة من نوع: "ماذا تطعمينه؟" و"كم يبلغ طول الأب؟"، و"كيف خرج إلى الدنيا بهذا الحجم؟"
الخلفية الطبية.. "العملقة الجنينية"
يقول الأطباء إن الظاهرة ليست مجرد صدفة، بل تعكس اتجاها متزايدا في السنوات الأخيرة، حيث يُولد الأطفال أكبر من أي وقت مضى.
ويُعرف هذا الوضع طبيا باسم "العملقة الجنينية" أي ولادة طفل يزيد وزنه عن أربعة كيلوغرامات تقريبا.
وتشير الإحصاءات إلى أن واحدا من كل عشرة مواليد في بريطانيا يندرج تحت هذه الفئة، لكن النسبة في ارتفاع متواصل.
وبحسب البروفيسور ديميتريوس سياساكوس، أستاذ طب النساء والتوليد في جامعة كوليدج لندن: "نتوقع عادة أن يشكل هؤلاء الأطفال 10% فقط من المواليد وفق المخططات القياسية، لكن الواقع يشير إلى نسبة أعلى بكثير".
الأسباب: السمنة وسكري الحمل
ويرجع العلماء السبب الرئيسي إلى عاملين، وهو ارتفاع معدلات السمنة وتزايد الإصابة بسكري الحمل. فالأمهات اللواتي يعانين من هذا النوع من السكري، حتى لو كن نحيفات، أكثر عرضة لإنجاب أطفال يعانون من العملقة.
ويُقسِّم الأطباء الحالة إلى نوعين، هما، "عملقة متناظرة"، حيث يكون نمو الطفل متناسبا مع طوله، وغالبا ما ترتبط بوراثة الطول من الوالدين، و "عملقة غير متناظرة"، وتُعد الأخطر، إذ يتركز النمو في منطقة البطن والصدر والكتفين، وغالبا ما تكون نتيجة سكري الحمل غير المعالج.
المخاطر على الأم والطفل
وتشير الدراسات إلى أن الأطفال ذوي الأوزان الكبيرة يواجهون مخاطر متعددة، وهي زيادة احتمال الولادة المتعسرة أو التعرض لاختناق عند ولادتهم بسبب تعلق الكتفين في قناة الولادة، احتمالية إصابة دائمة في الأعصاب أو حتى الوفاة داخل الرحم، وارتفاع خطر الإصابة لاحقا بالسكري وارتفاع ضغط الدم والربو.
أما بالنسبة للأمهات، فإن ولادة طفل كبير الحجم ترتبط بزيادة الحاجة إلى الولادة القيصرية أو استخدام الملقط الطبي، إلى جانب خطر أكبر للإصابة بالسكري في المستقبل.
صعوبة التشخيص والحاجة للفحص المبكر
ورغم خطورة الوضع، يؤكد الأطباء أن الكثير من حالات سكري الحمل تمر دون تشخيص، إذ تقتصر الفحوصات غالبا على النساء اللواتي لديهن عوامل خطورة واضحة مثل السمنة أو وجود تاريخ مرضي. وتشير أبحاث إلى أن الاختبارات الحالية قد تفشل في اكتشاف نصف الحالات تقريبًا، ما يضاعف احتمالات المضاعفات.
الوقاية بأسلوب حياة صحي
ويبقى الخبر الجيد أن هذه الحالة قابلة للوقاية في كثير من الأحيان. فالالتزام بممارسة النشاط البدني بانتظام، واتباع نظام غذائي متوازن، يُعدان أكثر وسائل الحماية فاعلية للأم وطفلها.
ويؤكد البروفيسور سياساكوس: "الأمر لا يحتاج إلى تغييرات جذرية، بل إلى أسلوب حياة صحي متوازن يمكن أن يقلل بشكل كبير من مخاطر العملقة الجنينية لكل من الأم والطفل".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTEg جزيرة ام اند امز