من هو عثمان طرطاق رئيس المخابرات الجزائرية المقال؟
عثمان طرطاق كان من "مهندسي انتصار الجيش الجزائري على الإرهاب"، ومعارضا ترشح بوتفليقة في الفترات السابقة ثم مقربا منه
كشف إعلام جزائري، الجمعة، عن إعفاء اللواء عثمان طرطاق، قائد جهاز المخابرات العسكرية مستشار أمني للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، من منصبه.
إعلام محلي بالجزائر: إنهاء مهام رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية
كما أكدت مصادر أمنية جزائرية لـ"العين الإخبارية" أن عثمان طرطاق رئيس جهاز المخابرات الجزائرية "استقال الإثنين الماضي، بطلب من قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح".
وتزامن الإعلان مع ورود اسم "طرطاق" ضمن المجتمعين السبت الماضي، مع رئيس جهاز المخابرات السابق الفريق محمد مدين، وهو أمر أشار إليه قائد أركان الجيش الجزائري حين قال إن "اجتماعا سريا شاركت فيه شخصيات معروفة بهدف تشويه سمعة الجيش".
وتستعرض "العين الإخبارية" في هذا التقرير شخصية ومسار رئيس جهاز المخابرات الجزائرية المقال، الذي كان من أشد المعارضين للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في بدايات حكمه ثم بات "سلاحه" في وجه خصومه.
من هو اللواء بشير طرطاق؟
قليلة هي المعلومات المتوفرة عن كبار قادة المخابرات الجزائرية، وتذكر المتوفرة منها أن عثمان طرطاق المعروف إعلامياً بـ"بشير طرقاق" ولد عام 1950 في محافظة قسنطينة (شرق الجزائر)، والتي حصل منها على شهادة جامعية (ليسانس) في علوم الجغرافيا.
التحق عام 1972 بجهاز المخابرات الذي كان يسمى "الأمن العسكري" في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، ثم تنقل في العام ذاته إلى الاتحاد السوفيتي لمدة 3 أعوام، ليعين بعدها مباشرة مسؤولاً أمنياً في المنطقة العسكرية الثالثة بمحافظة تندوف (جنوب غرب الجزائر).
التحق مع نهاية 1978 بمحافظة أم البواقي (شرق الجزائر) كمسؤول أمني بها، ثم عام 1981 إلى محافظة جيجل (شرق الجزائر)، قبل أن ينتقل إلى الجزائر العاصمة سنة 1985، حيث عينه رئيس جهاز المخابرات الجزائري الأسبق "قاصدي مرباح" مسؤولاً للأمن الولائي بالعاصمة الجزائرية وضواحيها في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد.
العسكري الذي قهر الإرهاب
برز اسم بشير طرطاق في تسعينيات القرن الماضي، بعد إلغاء المسار الانتخابي ودخول الجزائر في أزمة أمنية عقب إعلان "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، تم حلها، الحرب على الأجهزة الأمنية والعسكرية وعلى الجزائريين.
لعب طرطاق دوراً بارزاً في الحرب على الإرهاب، حتى إنه كان يوصف آنذاك بـ"القوة الضاربة" ضد الإرهابيين في عهد رئيس أركان الجيش الجزائري السابق الراحل محمد العماري، وبـ"أحد مهندسي انتصار الجيش الجزائري على الإرهاب".
كان عثمان طرطاق من بين قادة المخابرات الجزائرية الذين تبنوا نهج تطهير الجماعات الإرهابية ورفض التحاور معهم.
ووجهت منظمات حقوقية وعائلات المفقودين خلال ما يعرف بـ"العشرية السوداء" تهماً لطرطاق مع مجيء بوتفليقة "بارتكاب انتهاكات في التسعينيات".
وعلى إثر ذلك تم استبعاده بقرار من بوتفليقة عام 1999 عن مركز القرار لمدة 5 سنوات، بالتزامن مع سعي الرئيس المستقيل (بوتفليقة) التحضير لقانوني الوئام المدني والمصالحة الوطنية الذي أنهى الأزمة الأمنية في الجزائر.
وكان عثمان طرطاق من أكثر المعارضين لترشح بوتفليقة لولاية ثانية عام 2004، برفقة قائد الأركان السابق محمد العماري، وبعد فوزه في الدور الأول أحال الرئيس الجزائري قائد الأركان السابق محمد العماري إلى التقاعد عام 2004.
بقي رئيس جهاز المخابرات الجزائرية المستقيل بعيداً عن مركز القرار حتى 2011، حيث استدعاه رئيس جهاز الاستعلامات السابق الفريق محمد مدين المعروف بـ"الجنرال توفيق" لمهمة جديدة، وأصبح الشخصية الثانية في جهاز المخابرات الجزائرية.
عقب الهجوم الإرهابي على المنشأة الغازية "تيقنتورين" بمحافظة عين أميناس (جنوب الجزائر) في يناير/كانون الثاني 2013، كلفه رئيس المخابرات السابق بقيادة قوات التدخل العسكري السريع.
طرطاق من خصم بوتفليقة إلى مقرب منه
أحاله بوتفليقة إلى التقاعد في يونيو/حزيران 2014 تمهيداً لعزل رئيس جهاز المخابرات السابق الفريق محمد مدين، خاصة أن طرطاق كان أيضا من المعارضين للتعديل الدستوري الذي قام به بوتفليقة عام 2008، والذي سمح له بفتح العهدات الرئاسية والترشح لولايتين ثالثة ورابعة.
عشية إقالة "مدين" استدعت الرئاسة الجزائرية "عثمان طرطاق" لمهمة جديدة، وهي منصب مستشار أمني لدى الرئيس، ثم تعيينه رئيساً لقسم الاستخبارات والأمن في 13 سبتمبر/أيلول 2015.
كما أصدر بوتفليقة قراراً يقضي بتحويل تبعية جهاز المخابرات من الجيش إلى الرئاسة، قبل أن يلغي القرار في النصف الثاني من 2018، ويعود جهاز الاستعلامات تابعاً لوزارة الدفاع الجزائرية.
خلال هذه الفترة، فتح عثمان طرطاق "ملفات فساد" على مستوى كبرى الشركات الحكومية والنفطية من خلال إقرار مصلحة جديدة مختصة في التحقيق بملفات الفساد، وهي "مصلحة الشرطة القضائية".
وكان خبراء أمنيون كشفوا سابقا أن خبرة اللواء عثمان طرطاق في مكافحة الإرهاب برزت مرة أخرى خلال توليه رئاسة المخابرات الجزائرية، وظهر ذلك في سلسلة الضربات القوية التي وجهها الجيش الجزائري ضد معاقل تنظيم القاعدة الإرهابي في منطقة القبائل (شرق الجزائر) منذ 2016.
خلال هذه الفترة، أصبح اللواء طرطاق "من الرجال الأقوياء" في الجزائر، كما يطلق عليه في الإعلام المحلي.
كان ظهور رئيس جهاز المخابرات الجزائرية نادراً، وظهر للمرة الأولى أواخر 2015 خلال استعراض للشرطة الجزائرية بجانب وزيرة التعليم السابقة نورية بن غبريط.
عثمان طرطاق.. التقاعد الثاني
خلال الحراك الشعبي الأخير في الجزائر المطالب برحيل نظام بوتفليقة، بقي اسم طرطاق بعيداً عن التداول الإعلامي وحتى الشعبي، حتى السبت الماضي حتى تردد اسمه فيما أسماه البعض بـ"شبهة محاولة الانقلاب على قائد أركان الجيش الجزائري".
في 30 مارس/آذار الماضي، عقدت قيادة الجيش الجزائري اجتماعاً استثنائياً لبحث آخر تطورات الوضع السياسي في البلاد، وأصدرت وزارة الدفاع الجزائرية بياناً تلاه قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح.
وذكر صالح قايد أنه "بتاريخ 30 مارس 2019 تم عقد اجتماع من طرف أشخاص معروفين، سيتم الكشف عن هويتهم في الوقت المناسب، من أجل شن حملة إعلامية شرسة في مختلف وسائل الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي ضد الجيش الوطني الشعبي، وإيهام الرأي العام بأن الشعب الجزائري يرفض تطبيق المادة 102 من الدستور".
في اليوم التالي، تسربت معلومات عن أسماء المشاركين في ذلك الاجتماع، والذين كان من بينهم رئيس جهاز المخابرات عثمان طرطاق، ولم يُصدر "طرطاق" بياناً "ينفي أو يؤكد" حقيقة مشاركته في هذا الاجتماع.
ويرى المراقبون أن استقالة رئيس جهاز المخابرات الجزائرية عثمان طرطاق مرتبطة بالقضية التي فجرتها وزارة الدفاع الجزائرية، والتي باشرت إجراءات فورية بعد بيان السبت، أبرزها توقيف 12 رجل أعمال مقربين من السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري المستقيل.
وكان اسم سعيد بوتفليقة تردد ضمن قائمة المشاركين في الاجتماع السري، وما تبعها من تعجيل باستقالة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، ووضع رئيس جهاز المخابرات السابق محمد مدين تحت الإقامة الجبرية، حسب ما كشفت عنه مصادر أمنية لـ"العين الإخبارية".