طمأنة بغداد للبعثات.. تحذيرات من "صكوك بلا رصيد"
الجهات التي تقف وراء الهجمات تريد إضعاف هيبة السلطة وتعريض البلاد إلى عزلة دولية، وفق خبراء
طالب خبراء سياسيون الحكومة العراقية بتقديم ضمانات حقيقية للبعثات الدبلوماسية وليس صكوك بلا رصيد، خشية على تأثر بغداد سلبيا حال تنفيذ قرار إغلاق أي دولة سفارتها.
وأكدوا أن الجهات التي تقف وراء الهجمات تريد إضعاف هيبة السلطة وتعريض البلاد إلى عزلة دولية.
واعتبروا أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أمام تحدٍ صريح وواضح تجاه التزاماته الداخلية والخارجية، مطالبين إياه بالكشف عن تلك الجهات وتعطيل منصات صواريخهم.
وتتعرض المصالح الأجنبية والبعثات الدبلوماسية، وخصوصا الأمريكية وقواعد التحالف الدولي، إلى اعتداءات متكررة بالصواريخ والمتفجرات، تتهم فيها مليشيات مسلحة تابعة لإيران بتصفية خصوم طهران عسكريا على أرض العراق.
وصعدت الفصائل المسلحة من حدة هجماتها منذ مطلع العام الحالي، على مبنى السفارة الأمريكية في العاصمة بغداد وأرتال قوات التحالف، بعد مقتل قائد مليشيا فيلق القدس الإرهابية، قاسم سليماني، مطلع يناير/كانون ثاني الماضي، قرب مطار بغداد في غارة أمريكية.
وأنذرت الولايات المتحدة، قبل أيام، السلطات العراقية بإغلاق مقر سفارتها في بغداد وإنهاء تمثيلها الدبلوماسي جراء تأزم الأوضاع والتهديدات الأمنية التي تطال مصالحها.
واليوم الخميس، أطلع العراق البعثات الدبلوماسية العاملة في بغداد على الإجراءات الأمنية والخطط المعتمدة لتأمين تواجدها وتطويق خطر "مليشيا الكاتيوشا"، التي تستهدف مقارها.
جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية، فؤاد حسين، مع سفراء دول الاتحاد الأوروبيّ في العراق حيث وعد بتذليل جميع الصُعُوبات والعقبات أمام البعثات الدبلوماسية في مُختلِف المجالات.
كما بحث الوزير، أمس، مع السفير الأمريكي في العراق، ماثيو تولر، "قرار الولايات المتحدة المبدئي بسحب السفارة الأمريكيّة في بغداد".
وأكد الوزير أن "الحُكُومة شرعت في اتخاذ عدد من الإجراءات الأمنيّة والفنّية والتنظيميّة لإيجاد بيئة مُلائِمة لعمل جميع البعثات لدى بغداد".
من جهته، وعد السفير الأمريكيّ، بحسب بيان للخارجية العراقية، برفع ما تقدّم به الوزير إلى الجهات الحُكُوميّة في بلاده لدراستها.
وفي اجتماع منفصل، ناقش حسين مع ممثلة الأمين العامّ للأمم المتحدة ورئيسة بعثة يونامي في العراق جينين بلاسخارت، مستجدّات الأوضاع في العراق ولاسيّما تعزيز الأمن في المناطق الحيويّة.
وتستهدف أغلب الهجمات التي تشنها المليشيات المنطقة الرئاسية المحصنة وسط بغداد والتي تضم المباني الحكومية الحساسة وكذلك مبنى السفارة الأمريكية ومقار البعثات الدبلوماسية.
كما تستهدف "صواريخ الكاتيوشا" عددا من المناطق الأخرى بينها مطار بغداد الذي يضم قاعدة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وفي تحرك أمني سريع عده مراقبون تطورا لافتاً لملاحقة وتتبع مهاجمي السفارات في بغداد، وجه الكاظمي، الأسبوع الماضي، بتوقيف المسؤولين العسكريين ممن يثبت انطلاق صواريخ الكاتيوشا من المناطق التي تقع تحت مسؤوليتهم.
وفي 28 سبتمبر/أيلول الماضي، أمر رئيس الوزراء بفتح تحقيق فوري وإيقاف القوات الأمنية التي انطلقت من مناطق مسؤولياتها صاروخ كاتيوشا تسبب بمقتل 5 أفراد من عائلة واحدة بعد أن أخطأ هدفه باستهداف مطار بغداد وسقط فوق أحد المنازل السكنية.
وأمس الأول الثلاثاء، أمر الكاظمي بتشكيل لجنة أمنية عليا برئاسته، تضم كبار القادة والمسؤولين في السلطة للتحقيق في الخروقات الأمنية التي تستهدف البعثات الدبلوماسية.
فيما لوح غداة أول اجتماع للجنة بالتوصل إلى معلومات وتفاصيل بشأن تلك العمليات، دون مزيد من التفاصيل.
إضعاف هيبة الدولة
نبيل عزام، المحلل والباحث السياسي العراقي، قال إن "إجراءات الكاظمي الأخيرة هي أولى الخطوات العملية الأمنية الناجعة لتعقب فصائل الكاتيوشا والتقليل من فرص تكرار الهجمات من جانب، وطمأنة البعثات الدبلوماسية العاملة في العراق بأن سلطات بغداد جادة على توفير الحماية لمقار تواجدهم ولا تجامل على حساب المصلحة الوطنية من جانب آخر ".
وأكد عزام، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "استهداف البعثات ومقار التواجد الدبلوماسي في العراق بات واضحا بما لا يقبل الشك أن الجهات التي تقف وراءه تريد إضعاف هيبة السلطة وتعريض البلاد إلى عزلة دولية".
وكان الكاظمي أكد، في مقابلة تلفزيونية، مطلع الأسبوع الحالي، أن الجهات التي تقف وراء تلك الهجمات تحاول إثارة الفوضى حتى يتسنى أن تستمر في عمليات الفساد ونهب المال العام الذي اعتادت عليه منذ سنوات.
وفي موقف وصف بالجريء، أعلنت الحكومة العراقية أن بغداد من استقدمت القوات الأمريكية وهي راغبة ببقائها لظروف مرحلية تواجهها البلاد من بينها الإرهاب وتأزم الأوضاع في المنطقة.
انطباع سلبي
المحلل السياسي، علي الكاتب، قال إن "الكاظمي أمام تحد صريح وواضح تجاه التزاماته الداخلية والخارجية في الكشف عن تلك الجهات وتعطيل منصات صواريخهم التي لا تريد أن تتوقف رغم كل الإجراءات التي تتخذ على المستوى السياسي والأمني.
وأشار الكاتب في حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "انشغال الرأي العام بقرار إغلاق السفارة الأمريكية وتبعات ذلك الموقف على بقية البعثات الدبلوماسية، يعطي انطباعا سيئا عن البلاد أمام المجتمع الدولي بغض النظر عن انعكاسات ذلك الأمر على المستوى الاقتصادي والأمني".
صكوك بلا رصيد
فيما قال الصحفي والمحلل السياسي، حمزة مصطفى، إن "التحديات مازالت كبيرة وفصائل الكاتيوشا يبدو أنها لا تريد أن تطرح أسلحتها إلى الأرض رغم التدابير والخطط المستجدة التي اتخذتها السلطات الأمنية في بغداد".
ونوه بأن "الضمانات التي يقدمها الكاظمي للبعثات الدبلوماسية يجب أن تكون قابلة للصرف وليست صكوكاً بلا رصيد".
aXA6IDE4LjE4OC4yMDUuOTUg جزيرة ام اند امز