البحرين 2021.. جهود نوعية لمحاربة الإرهاب ونشر التسامح
تودع مملكة البحرين عام 2021 بانتصارات نوعية في حربها على الإرهاب، تستند إلى عدة محاور أبرزها المحور الأمني ومبادرات نشر التسامح.
وما بين هذا المحور وذاك، واصلت مملكة البحرين جهودها لملاحقة مصادر تمويل الإرهاب وغسل الأموال، وتمكنت من تحقيق إنجازات مميزة في هذا الخصوص، وضعتها في المرتبة الأولى عربيا من حيث الأقل خطورة تجاه جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك وفق مؤشر "بازل" لمكافحة غسل الأموال سبتمبر/ أيلول الماضي.
على الصعيد الأمني، شهد عام 2021، إحباط عدة هجمات إرهابية، كان أحدثها الشهر الماضي، بإعلان الداخلية البحرينية القبض على عناصر إرهابية على صلة بإيران شرعت في التخطيط والإعداد لعمليات إرهابية بالبلاد، في عملية أمنية استباقية.
وعلى نفس المنوال، وضمن جهود المنامة المتواصلة والمتسارعة لمكافحة الإرهاب وتمويله، أصدرت البحرين يوليو/تموز الماضي، قوائم إرهاب هي الأكبر في تاريخها، سواء من حيث عدد الأشخاص والكيانات، أو من حيث تعدد جنسيات المدرجين.
وبالتوازي مع تلك الجهود الأمنية، واصلت البحرين مبادراتها لتعزيز السلام ونشر التسامح، فقبل أيام من إسدال الستار على عام 2021، تم افتتاح أكبر كاتدرائية كاثوليكية في منطقة الخليج تحقيقا لرؤية عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة المستنيرة في التقارب بين الأديان والثقافات.
افتتاح الكاتدرائية جاء بعد 3 شهور من عودة إقامة صلاة السبت في الكنيس اليهودي بالمنامة لأول مرة منذ 74 عاما، في خطوات متلاحقة تجسد التزام مملكة البحرين ومبادئها في إرساء وتعزيز الحوار بين الأديان والتفاهم بين مختلف الثقافات والحضارات، ونشر قيم الأخوة الإنسانية والتعايش بين الجميع.
انعكست تلك الجهود بشكل واضح على أرض الواقع، بالتراجع الملحوظ في معدلات الإرهاب ضد قوات الأمن في مختلف مناطق المملكة، بفضل جهود الحكومة ويقظة رجال الأمن.
وأسهمت الجهود الأمنية بالتوازي مع مبادرات نشر التسامح في أن يسود الأمن والأمان والاستقرار البحرين وتوفير مناخ جاذب للاستثمار ويساعد في تحقيق التنمية والازدهار .انتصارات أمنية
أحدث الانتصارات التي حققتها مملكة البحرين حربها ضد الإرهاب، تم الكشف عنها، يوم 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بإعلان الداخلية البحرينية القبض على عناصر إرهابية على صلة بإيران شرعت في التخطيط والإعداد لعمليات إرهابية بالبلاد، في عملية أمنية استباقية.
وقالت الداخلية البحرينية حينها إنه تم "ضبط أسلحة ومتفجرات مصدرها إيران لدى تلك العناصر المرتبطة بمجموعات إرهابية موجودة في إيران".
وأشارت إلى أن القبض على تلك الخلية يأتي في إطار الجهود الأمنية لحفظ أمن الوطن، وكان لافتا أن الإعلان عن تلك العملية يأتي غداة اختتام مؤتمر "حوار المنامة"، الذي يعد من أهم القمم الدبلوماسية والأمنية العالمية، واستضافته العاصمة البحرينية على مدار 3 أيام.
وشكلت هذه العملية واحدة من الضربات الأمنية المؤثرة لمحاصرة الإرهاب وتجفيف منابعه المالية، بعدما أيدت محكمة الاستئناف العليا في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي حكمًا صادرًا في أضخم قضية غسل أموال بإدانة بنك "المستقبل" والبنك المركزي الإيراني، وبنوك إيرانية أخرى، في معاملات مصرفية مشبوهة بالمخالفة لقانون حظر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويعد القبض على الخلية الأخيرة، نجاحا جديدا للأمن البحريني، وهو الثاني خلال شهرين، بعدما أحالت وزارة الداخلية بالمملكة في 29 سبتمبر/أيلول الماضي عددا من الأشخاص للنيابة العامة، لارتباطهم بتحويلات مالية مشبوهة مع أحد الأذرع التمويلية لحزب الله الإرهابي، والذي تم تصنيفه وإدراجه في قائمة الإرهاب لدول مجلس التعاون الخليجي منذ 2016 تزامناً مع تصنيف المجتمع الدولي لهذا الكيان تنظيما إرهابيا.
وأوضحت إدارة التحريات المالية بأن تلك التحويلات تسلمها عدد من الأشخاص، الذين قاموا بتملك عقارات في مملكة البحرين، بغرض التمويه والاستفادة من عوائد الأموال لأغراض تمويل الإرهاب، موضحة أنه تم التحفظ على هذه العقارات في إطار الإجراءات القانونية المتخذة.
ومرارا، أحبطت السلطات الأمنية في البحرين جرائم إرهابية، كان أبرزها إحباط هجمات ما عرف باسم خلية "قاسم سليماني"، التي تم القبض عليها يناير/كانون الثاني من العام الماضي، وصدرت ضدها أحكام مطلع عام 2021.
فقد حكمت المحكمة الكبرى الجنائية الأولىنهاية يناير الماضي، على 8 متهمين بالسجن المؤبد؛ لإدانتهم بتشكيل خلية إرهابية باسم الإرهابي "قاسم سليماني"، وسعت إلى الانتقام لمقتله بدعم من الحرس الثوري الإيراني من خلال تنفيذ عدة عمليات إرهابية في البحرين.
وقضت المحكمة بالسجن 15 عامًا على متهمَين، و10 أعوام على اثنين آخرين، والسجن 5 أعوام على خمسة متهمين، و7 أعوام لمتهم، في قضية ضمت 18 شخصًا بينهم فارّون خارج البلاد.
وكانت النيابة العامة باشرت التحقيق في القضية بعد القبض على عدد من المتهمين في النصف الثاني من يناير/كانون الثاني من عام 2020، وفي ضوء ما أسفرت عنه التحريات من أن بعض المتهمين الرئيسين فرّوا من البحرين، واستقروا في إيران وتلقوا الدعم المالي واللوجستي من الحرس الثوري.
وقام هؤلاء الفارّون بتأسيس جماعة لارتكاب عمليات إرهابية داخل المملكة، وتجنيد بقية المتهمين الذين انضموا إلى تلك الجماعة لاحقًا، وشرعوا بارتكاب جرائم في إطار ذلك النشاط؛ بهدف بث الرعب بين الناس وإشاعة الفوضى في أوساط المجتمع وإضعاف مقومات الدولة، إذ خططوا لإحداث تفجيرات في المملكة واستهداف رجال الأمن، وقد تلقى بعضهم التدريب على استخدام الأسلحة النارية والمتفجرات لاستعمالها في تنفيذ مخططاتهم.
وفي الشهر التالي، وتحديدا في 3 فبراير/ شباط الماضي، أحبطت وزارة الداخلية البحرينية عمليتين إرهابيتين استهدفتا تفجير جهازين للصراف الآلي تابعين لأحد البنوك الوطنية بمحافظة العاصمة المنامة والقبض على عدد من المشتبه في ارتكابهم الواقعتين.أكبر قوائم إرهاب
وضمن جهود المنامة المتواصلة والمتسارعة، لمكافحة الإرهاب وتمويله، والتي حققت نجاحا كبيرا، أصدرت البحرين يوليو/ تموز الماضي قوائم إرهاب هي الأكبر في تاريخها، سواء من حيث عدد الأشخاص والكيانات التي تضمه، أو من حيث تعدد جنسياتهم.
وتضم قوائم الإرهاب البحرينية التي أصدرتها المنامة ونشرتها في عدد الجريدة الرسمية، الصادر 6 يوليو/ تموز الماضي: 153 شخصا، و136 كيانا وتنظيما إرهابيا، من أكثر من 30 جنسية، فيما كان لافتا أن تضم قوائم الإرهاب أيضا، للمرة الأولى، تصنيفا لـ5 قطع بحرية ضمن القائمة.
وجاء إصدر تلك القوائم بعد توجيه مجلس الوزراء البحريني في اجتماعه يوم 28 يونيو/ حزيران الماضي بالعمل فورا دون تأخير بقوائم الإرهاب الوطنية.
وتم إصدار تلك القوائم بعد المذكرة التي قدمها الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وزير الداخلية البحريني، رئيس لجنة محاربة التطرف ومكافحة الإرهاب وتمويله وغسل الأموال، بشأن تصنيف عدد من الكيانات والأفراد كجهات إرهابية خلال الاجتماع نفسه.
وكان الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، قد أصدر في 13 أغسطس/ آب من العام الماضي، مرسوماً بتشكيل وإنشاء لجنة محاربة التطرف ومكافحة الإرهاب وتمويله وغسل الأموال، برئاسة وزير الداخلية.
وتختص اللجنة بدراسة كافة المسائل المتعلقة بمحاربة التطرف ومكافحة الإرهاب وتمويله وغسل الأموال، ومن بين مهامها اقتراح تصنيف وإدراج الأفراد والكيانات على قوائم الإرهاب الوطنية.إنجاز دولي
وفي إنجاز جديد على صعيد مكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال تبوأت البحرين، سبتمبر/ أيلول الماضي، المركز الأول عربيا والثاني على مستوى الشرق الأوسط، من حيث الأقل خطورة تجاه جريمة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك وفق مؤشر "بازل" لمكافحة غسيل الأموال.
على صعيد ذي صلة واصلت البحرين تعاونها مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب.
وفي أحدث الجهود في هذا الصدد، شاركت مملكة البحرين، 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري، عبر الاتصال الإلكتروني المرئي، في الاجتماع الخامس عشر لمجموعة العمل لمكافحة تمويل تنظيم داعش (CIFG) التابعة للتحالف الدولي ضد داعش، بمشاركة مختصين في ملفات مكافحة تمويل الإرهاب من إدارة التحريات المالية بوزارة الداخلية.
وخلال الاجتماع؛ أكدت مملكة البحرين على أهمية مكافحة تمويل الإرهاب والتطرف والعنف، والتصدي لكافة أشكال التمويل التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية ومموليها، مع ضرورة تجفيف منابع التمويل، استنادًا إلى أهم ركائز سياستها الخارجية القائمة على نشر ثقافة السلام في العالم.
كما أعربت مملكة البحرين عن حرصها على المشاركة الفاعلة في مختلف المحافل الإقليمية والدولية التي من شأنها تنسيق الجهود الدولية وتبادل الخبرات، واتخاذ التدابير التي من شأنها أن تسهم في مكافحة تمويل الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، إيمانًا منها بأهمية العمل الدولي المشترك في سبيل محاربة آفة الإرهاب والتطرف والعنف والقضاء عليهم، وسعيًا إلى تعزيز السلم والأمن بالمنطقة والعالم أجمع.
وشاركت في عدد من المؤتمرات متعددة الأطراف في مجال مكافحة الإرهاب، كما أنها عضو في "مركز استهداف تمويل الإرهاب" ومن خلال عضويتها في التحالف الدولي ضد "داعش"، تشارك المملكة في مشروع مناهضة "داعش" الخاص بمجموعة "إيغمونت" لوحدات الاستخبارات المالية.
ونجحت البحرين في تعزيز بنيتها القانونية لمكافحة تمويل الإرهاب، من خلال مواءمة التشريعات الوطنية للتشريعات الدولية، حيث يسمح القانون بتجميد الأصول المالية المشبوهة، كما تلزم الحكومة المنظمات غير الربحية بتقديم تقارير عن المعاملات المشبوهة، فضلا عن تنظيم ومراقبة هذه المنظمات؛ لتحول دون إساءة الاستخدام وتمويل الإرهاب.مبادرات التعايش السلمي
وبالتوازي مع جهودها الأمنية والدولية لمكافحة الإرهاب تعتمد البحرين مقاربة أخرى لذات الهدف عبر تعزيز التعايش السلمي ونشر ثقافة التسامح وإرساء مبادئ الحوار بين أتباع الأديان.
وضمن أحدث جهودها في هذا الصدد، افتتحت المملكة 9 ديسمبر /كانون الأول الجاري "أكبر كنيسة كاثوليكية" في شبه الجزيرة العربية بمنطقة العوالي جنوب العاصمة المنامة، لتصبح معلماً دينياً هاماً في مملكة البحرين يجسد ما تشهده من تعايش بين مختلف الأديان والمذاهب
وتتسع الكنيسة لـ2300 شخص، إضافة إلى مكاتب ومسكن للأسقف وساحة تكفي 6000 شخص من الزوار والمصلين.
وفي 21 أغسطس/آب الماضي، شهدت المملكة عودة إقامة صلاة السبت في الكنيس اليهودي بالمنامة لأول مرة منذ عام 1947.
وتودع البحرين عام 2021 ، ومبادراتها لتعزيز التعايش السلمي تؤتي ثمارها حول العالم.
ومن أبرز تلك المبادرات إنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي عام 2018، وتدشين "كرسي الملك للحوار بين الأديان ودراسات التعايش السلمي" في جامعة سابيانزا العريقة بإيطاليا في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2018، وتدشين وإطلاق "برنامج السلام السيبراني لمركز الملك حمد للتعايش السلمي" في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة بنسختها 74.
وتعكس تلك المبادرات اهتمام البحرين بترسيخ سياسة الانفتاح والتعايش وقبول الآخر، حول العالم.