الإفلاس والحبس.. مصير آلاف رجال الأعمال بغزة بسبب الحصار والانقسام
تنوع مصير آلاف التجار ورجال الأعمال في قطاع غزة بين الإفلاس وتراكم الديون ومواجهة الاعتقال بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية
ما بين الإفلاس وتراكم الديون ومواجهة الاعتقال تنوع مصير آلاف التجار ورجال الأعمال في قطاع غزة، مع تدهور الأوضاع الاقتصادية إلى مستويات غير مسبوقة بعد أكثر من 12 عاما من الحصار والانقسام.
حكايات موجعة لأرباب المال والاقتصاد بعد أن وجدوا أنفسهم ملاحقين من أصحاب الديون والشرطة، وسط إحصاءات حقوقية تشير إلى أن 100 ألف أمر حبس صدر بحق أفراد وتجار، على خلفية ذمم مالية في قطاع غزة.
التاجر "أحمد" تعثر عن دفع 10 آلاف دولار قيمة إيجار محله وسط غزة، ما دفع مالك المحل إلى رفع قضية بالمحكمة والحجز على محله، ولم تفلح محاولته جمع نصف المبلغ ليتوصل لحل وسط مع المؤجر المستمرة إجراءاته لبيع المحل بالمزاد العلني.
بينما بات "زياد" صاحب إحدى كبرى شركات المقاولات في غزة محبوسا لعدم قدرته على دفع عدة شيكات، وتواجه شركته الانهيار في ظل حبس مسؤولها وتعثر عملها.
حبس "زياد" المقاول المعروف على مستوى فلسطين ألقى في صفوف أعداد كبيرة من رفاقه المخاوف من مواجهة مصير زميلهم وغيره من المحبوسين على خلفية الذمم المالية.
70 % من الشركات أفلست
ويؤكد أسامة كحيل، رجل الأعمال ونائب نقيب اتحاد المقاولين السابق، لـ"العين الإخبارية" أن الوضع كارثي لدى معظم شركات القطاع الخاص، وهناك نحو 70% من الشركات أفلست أو شارفت على الإفلاس المالي جراء الوضع الصعب.
وقال "هناك العشرات من أصحاب شركات المقاولات ملاحقين قضائيا أو محبوسين لتعثرهم عن سداد الالتزامات المالية".
وتردت الأوضاع الاقتصادية في غزة بشكل غير مسبوق، مع استمرار الحصار والانقسام الفلسطيني منذ عام 2007، وفاقمت الإجراءات التي اتخذتها السلطة في أبريل 2017 من الأوضاع.
وحسب البنك الدولي، فإن معدلات البطالة في قطاع غزة تعد الأعلى عالميا، حيث تصل إلى 46.4%، وترتفع بشكل خاص بين الفئة العمرية من 20-29 سنة، للحاصلين على مؤهل دبلوم متوسط أو بكالوريوس في قطاع غزة لتتجاوز 67%.
الاسترجاع الضريبي
ويشير "كحيل" إلى وجود نحو 300 شركة مقاولات في قطاع غزة، منها 200 شركة فقط تعمل الآن، من بينها 140 شركة متعثرة ماليا وملاحق أصحابها قضائيا أو من الشرطة، ومنهم نحو 40 من أصحاب الشركات، وهم من رجال الأعمال المعروفين باتوا في السجن.
وأضاف "هذا الرقم من المعتقلين مرعب لم يمر علينا من قبل".
وأشار إلى أن إجمالي الأموال المتعذر على رجال المقاولات عن سدادها تصل لـ30 مليون دولار، في حين أن أصحاب الشركات لهم مستحقات عند الحكومة في غزة والضفة لا تقل عن 50 مليون دولار.
وأوضح أن هذه مبالغ "استرجاع ضريبي" تقر بها حكومتا غزة والضفة، لكن الحكومتين تلقي مسؤولية الاسترجاع الضريبي على الأخرى، و"نحن من ندفع الثمن"، يقول كحيل.
وطالب سلطات حماس في غزة باتخاذ قرار بوقف الملاحقات للمقاولين ورجال الأعمال المتعثرين، وإيجاد حل للأموال المستحقة لدى الحكومة، ليوفي رجال الأعمال بالالتزامات المالية.
وساطة يومية
وليد الحصري، رئيس غرفة تجارة وصناعة غزة، لا ينفك عن التوسط يوميا بين التجار لإيجاد حلول وسط تحمي التجار من الاعتقال والملاحقة، لكن محاولاته لم تضع حلولا جذرية لعجز التجار عن سداد الديون.
وتمكن "الحصري"، وفق تأكيده لـ"العين الإخبارية"، في الأشهر الأخيرة من الإفراج عن 240 تاجرا، بعد دفع مستحقات مالية محدودة كانوا محبوسين عليها، مستدركا "لكن هناك تجارا عليهم مبالغ عالية لا نستطيع السداد أو تسوية أمورهم".
ويقول "هناك عدد لا يستهان به في السجون لا يمكن حصرهم، لأن كل يوم يعتقل تجار ويفرج عن آخرين".
وتشير قيود الغرفة التجارية بغزة إلى وجود 7 آلاف تاجر مسجل رسميا، ومثلهم في باقي محافظات القطاع.
ضرائب جديدة
ويقول "الحصري" "هذه أصعب مرحلة يمر بها القطاع الاقتصادي بغزة من عقود، نحن أخذنا تفويضا من النيابة لحل مشاكل التجار البينية بالتراضي لنجنبهم الاعتقال، لكن الأمر ليس سهلا".
ما يفاقم الأزمة، وفق "الحصري"، قرار وزارة الاقتصاد بغزة عودة العمل بالإذن المسبق لاستيراد عشرات الأصناف من السلع، "لأنه يزيد الأعباء المالية على التجار والمستوردين".
وتوقف العمل بإذن الاستيراد بعد تسليم حماس المعابر للسلطة الفلسطينية عقب اتفاق 2017، والقرار الجديد يشير إلى محاولتها فرض أمر واقع على التجار.
aXA6IDMuMTM1LjE5NC4xMzgg
جزيرة ام اند امز