الإمارات اليوم تعد أنموذجا تنمويا رائدا وتجربة تستحق أن تعمم على مجتمعات العالم
عندما ولدت دولة الإمارات قبل نحو نصف قرن، كان أقصى غايات الإنسان فيها أن يكون لديه ما يجعل حياته سهلة وخالية من المنغّصات، وأن يضمن لأطفاله مستقبلاً أفضل من مستقبله.
كانت أقصى أمنيات أجدادنا الماء النظيف وكهرباء تضيء لهم منازلهم، ومستشفى يداوون فيه ألمهم ومرضهم. وعلى بساطتها كانت تلك الأماني صعبة.
ففي منطقة عرفت بمواردها الطبيعية المتواضعة وفقر الموارد المادية، كانت تلك الأماني بمثابة أحلام تفوق الخيال.
بالإضافة إلى هذا الإنجاز العلمي الكبير، فإن هناك إنجازاً كبيراً ينتظر الإمارات في السنة المقبلة، ألا وهو إرسال مسبار الأمل إلى المريخ، وهو الأمر الذي يوعد بإدخال الإمارات في نادي الدول ذات التاريخ في اكتشاف الفضاء.
فلعقود طويلة، عاش الآباء والأجداد على ما تجود به الأرض والبحر، ولكنهم استطاعوا التغلب على معوقات الحياة، وخلق مجتمع أقل ما يمكن أن يوصف به بأنه مجتمع الكفاف.
تصميم الأجداد والآباء على قهر المستحيل وعلى بناء مجتمع متطور به كل وسائل السعادة والرفاهية نجح.
فالأبناء نجحوا في تحويل أحلام أجدادهم إلى حقائق واقعية، كما استطاعوا أن يحملوا معهم بذور الحداثة التي حولت الإمارات في أقل من نصف قرن من مجتمع الكفاف إلى مجتمع متطور.
الإمارات اليوم تعد أنموذجاً تنموياً رائداً وتجربة تستحق أن تعمم على مجتمعات العالم، وأن تكون مقرراً دراسياً في دراسة نمو وتطور المجتمعات البشرية.
ليس هذا فحسب، بل إن الإمارات استطاعت أن تحقق تلك الإنجازات المادية دون تعريض موروثها الأخلاقي والقيمي إلى الانهيار والاندثار.
فكانت بذلك تجربة متميزة على مستوى العالم. القيم التي حافظ عليها الأجداد والآباء ورثها الأبناء وحافظوا عليها وجعلوها الهيكل الذي تقوم عليه ثقافتهم الاجتماعية.
وعلى الرغم من الحداثة الكبيرة التي عمت كل أرجاء ومناحي المجتمع، فإن الجانب القيمي والأخلاقي للإمارات وشعبها لم يتغير أو يتأثر. فقد ظلت قيم الماضي حاضرة في حياة الإنسان وممارساته اليومية.
خلال عقودها الأخيرة اتسعت الدولة سكانياً إلى عشرة أضعاف، وبالتالي تضاعفت احتياجات السكان من المياه والكهرباء والطاقة.
وبما أن الدولة حريصة على توفير كل متطلبات الحياة الكريمة، لذا اهتمت بهذا الجانب اهتماماً كبيراً. وكان على الإمارات أن تلبي الطلب المتزايد على الطاقة دون أن تعرض كوكب الأرض إلى مزيد من التلوث وهدر الموارد الطبيعية.
وهكذا ظهر إلى الوجود الحاجة إلى الطاقة النظيفة، أو ما يسمى الطاقة السلمية التي توفر الطاقة اللازمة لمواجهة التزايد السكاني الكبير وتكفيهم الاعتماد على النفط أو الغاز.
وبالفعل، عملت دولة الإمارات مع أفضل الدول ذات الخبرات الطويلة في إنشاء المفاعلات النووية وبأفضل مواصفات السلامة.
وبما أن الطاقة النظيفة أصبحت اليوم مطلباً لكل مجتمعات العالم، لذا حرصت الإمارات على أن تتبنى أفضل الممارسات التي تؤدي إلى إنتاج الطاقة دون تعريض كوكبنا إلى التلوث أو مواردنا إلى الهدر.
وهكذا ولد مشروع براكة الذي يعد أول مشروع عربي لإنتاج الطاقة السلمية في العالم العربي.
وما يجعل من دولة الإمارات رائدة في هذا المجال أن كل التجارب المشابهة والمعروفة في المنطقة هي لإنتاج السلاح النووي ولغايات التسلح العسكري، وليس لغاية إنتاج الطاقة لأغراض سلمية، وهذا ما يجعل مشروع براكة مشروعاً سلمياً ويجعل الإمارات رائدة في هذا المجال.
إن أهمية مشروع براكة يكمن في أنه فاتحة عهد الخمسين، وأنه سوف يحمل الإمارات قدماً إلى الإمام تماماً كما خططت لها القيادة الرشيدة.
فقد استطاعت دولة الإمارات خلال العقود الماضية من حرق المراحل والتغلب على كل الصعوبات التنموية والانطلاق بقوة من مجتمع الكفاف إلى مجتمع متطور قائم على أفضل الممارسات والتجارب العلمية العالمية.
كما أن أهمية هذا المشروع تكمن في أنه يعمل ويدار بأيدٍ إماراتية وخبرات وطنية شابة تعلمت وعملت في الإمارات.
إن دولة الإمارات مصممة على الدخول إلى عهد الخمسين بقفزات تنموية هائلة يأتي على رأسها الاستثمار في رأس المال البشري المواطن.
فهذا هو الإنجاز الحقيقي الذي تتباهى به الدولة.
بالإضافة إلى هذا الإنجاز العلمي الكبير، فإن هناك إنجازاً كبيراً ينتظر الإمارات في السنة المقبلة؛ ألا وهو إرسال مسبار الأمل إلى المريخ، وهو الأمر الذي يوعد بإدخال الإمارات في نادي الدول ذات التاريخ في اكتشاف الفضاء.
كل تلك المشاريع الجديدة هي لغايات سلمية تتعلق برخاء البشر جميعاً، فالإمارات لا تعمل فقط لخير شعبها، بل لخير الإنسانية جمعاء.
تلك هي إمارات الإنسانية وإمارات العطاء وأيضاً إمارات الاختراع والابتكار والتطور.
نقلاً عن " البيان" الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة