بوابة "العين" في أشهر أسواق الإبل بمصر.. البحث عن أضحية
عشرات العربات المحملة بقطعان كبيرة من الإبل تتوجه من وإلى قرية برقاش، حيث يقع أكبر سوق عربي في تجارة الإبل
محاط بأسوار حديدية على مساحة تقدر بنحو 25 فدانًا يكتظ بعشرات القطعان من الإبل.. هنا قرية "برقاش"، غربي الجيزة، حيث أكبر أسواق الإبل في المنطقة العربية.
يتوافد عليه جنسيات عربية مختلفة يتبارون في بيع وشراء الإبل بأصوات متعالية في مزاد علني.
قبل شروق الشمس وعلى بعد 40 كم من القاهرة، تتوجه عشرات العربات المحملة بقطعان كبيرة من الإبل من وإلى قرية برقاش، حيث يقع أكبر سوق عربي في تجارة الإبل الذي يعد مصدر رزق للكثير من المصريين، وجاذبا لآلاف التجار والجزارين والعاملين بقطاع السياحة في مصر وباقي الدول العربية طوال السنة.
ويشهد السوق رواجًا كبيرًا داخل أروقته يومي الجمعة والأحد من كل أسبوع وقبل حلول عيد الأضحى من كل عام.
برقاش.. تاريخ 4 عقود
" لأن سوق برقاش له تاريخ كبير ممتد لعقود طويلة، ويعد مصدرا هاما لتوفير اللحم الجملي المعروف بفوائده، فأصبح السوق هو الأكبر على مستوى العالم العربي، بل تصل شهرته خارج منطقتنا وسط باقي الأسواق العاملة في تجارة الإبل" بهذه العبارة بدأ "رأفت ربيع"، تاجر ووكيل مكتب بسوق برقاش، حديثه مع بوابة " العين" الإخبارية، ليؤكد ربيع على أن العمل بتجارة الإبل في برقاش مهنة متوارثة بين الأجيال.
وداخل برقاش توجد أعمار وجنسيات مختلفة، ليشير هذا التنوع إلى قدم السوق وتاريخه العريق في استقبال جميع التجار العرب، ويقول التاجر المصري رامي سعد "أتردد على السوق من 12 سنة وارثًا مهنة التجارة أبًا عن جد، فالسوق يمثل أكبر تجمع للإبل من السودان والصومال وجيبوتي".
ويعود تاريخ سوق برقاش لأربعة عقود، حيث يستقبل خلال موسم العيد ويومي الجمعة والأحد ما بين 3500 إلى 4000 جمل أسبوعيًا من السودان وجيبوتي والصومال وتنزانيا، ويصل أعداد مرتادي السوق في فترات المواسم ما بين 3 – 4 آلاف شخص، من التجار والجزارين والأفراد، يحرصون على شراء الجمال كأضحية في موسم العيد.
أسرار المهنة
علامات وأحرف بألوان مختلفة على ظهور الإبل تثير تساؤلات زوار السوق الجدد، ليخبرنا، تاجر الإبل "سيد حسن"، أن هذه العلامات هي من أسرار المهنة، يضعها التجار ووكلاء المكاتب كعلامة مميزة لكل مجموعة من الجمال، خاصة وأنه بداخل السوق تتشابه الجمال بنسبة 40%، فتصبح العلامات الوسيلة الوحيدة للتفرقة بينهم.
ويعد ربط أحد أرجل الجمل هي وسيلة لمنعه من الهروب والفرار بعيدًا عن مجموعته، ويستكمل التاجر حسن وصفه لأسرار المهنة قائلًا: "يٌعقد الجمل من ساقه اليسرى للتحكم في حركته وتثبيته في الأرض".
رحلة الإبل
مسافات طويلة يقطها الجمل من الدول المصدر إلى أكبر سوق عربي، ويسرد محمود حمدان تاجر سوداني، رحلة الإبل من السودان إلى مصر، حيث تنقل الإبل القادمة من دارفور غرب السودان، وتصل بعدها إلى الخرطوم ومنها إلى دونجلة الحجر الطبي الرئيسي لمدة أسبوع من أجل فحص الشحنة والتأكد من سلامتها، لتمر عبر الجمارك وعقب وصولها لمصر تدخل للحجر الطبي مرة أخرى للسماح بدخولها إلى القاهرة.
ويبدأ التجار في الوصول إلى السوق في الصباح الباكر، متوجهين إلى المكاتب التي تصل أعدادها حوالي 10 مكاتب داخل برقاش، ويقوم وكلاء المكاتب بدور الوسيط بين التجار والمشترين بإدارة عملية المزاد العلني واستلام مجموعات الإبل المراد بيعها.
والمزاد العلني ببرقاش يحدد وفقًا لوزن وسن الجمل، وتتراوح أسعار الإبل صغيرة الحجم ما بين 8 آلاف – 11 ألف جنيه مصري (نحو 500 دولار)، بينما تصل أسعار الإبل كبيرة الحجم ما بين 18 ألفا – 30 ألف جنيه مصري (نحو 1650 دولارا).
السوق مستمر
ورغم ظهور عدة أسواق في تجارة الإبل داخل وخارج مصر، إلا أن برقاش لا يزال يحتفظ بطبعه الخاص الذي جعله جاذباً لجميع التجار ومرتاديه.
ويقول التاجر السوداني محمود حمدان، الذي اعتاد القدوم إلى سوق برقاش منذ 8 سنوات متواصلة، "المعاملة الجيدة التي يلقاها التجار العرب عامة والسودانيون خاصة هي سر إقبالنا على السوق لسنوات طوال، فضلًا عن تسهيلات الإجراءات في دخول الشحنات وقرب السوق من السودان".
" العمل بالسوق وراثة أبًا عن جد، وبعلم ولادي نفس المهنة حفاظًا على السوق"، بهذه العبارة فسر رأفت ربيع أحد وكلاء المكاتب سبب اصطحاب نجله، صاحب الـ 5 سنوات معه إلى السوق، ويبقى توريث المهنة هو سر من أسرار بقاء السوق وسط الأسواق المشابهة.
ويصبح برقاش مصدر رزق للكثير من المصريين والعرب من التجار والجزارين والعاملين بالسياحة وأصحاب السيارات المسؤولة عن نقل الشحنات من وإلى السوق، ما جعله السوق الأول عربيًا في تجارة الإبل على مدار عقود.