إجراءات كورونا.. تغييرات اجتماعية يألفها أهالي غزة
رغم عدم وجود حظر تجول حتى الآن في غزة إلا أن دعوات كثيرة وجهت للسكان لالتزام منازلهم وعدم الخروج إلاّ للضرورة لتجنب الإصابة بكورونا
مع المخاوف من انتشار جائحة فيروس كورونا، يستدعي سكان قطاع غزة، تجارب الجلوس الإجباري في المنازل، التي عاشوها في مراحل مختلفة من الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم عدم وجود حظر تجول حتى الآن في قطاع غزة؛ إلا أن دعوات كثيرة وجهت للسكان لالتزام منازلهم وعدم الخروج إلاّ للضرورة؛ لتجنب الإصابة بالعدوى الذي لم تسجل به إصابات في القطاع حتى الآن، في حين سجلت 51 إصابة في الضفة الغربية شفي منها 17.
وفرض التعطيل الحاصل في المدارس والجامعات، والكثير من الأعمال، مع مخاوف العدوى، أنماط اجتماعية وسلوكية جديدة، نظرا لاجتماع غالبية أفراد الأسر بمنازلهم.
الفلسطينية آمال الهندي أم لأربعة أطفال، قالت لـ"العين الإخبارية": إنها حريصة منذ تعطيل المدارس على عدم الخروج من البيت إلا للطوارئ.
وذكرت أنها وزوجها يعملان في مجال التعليم، الذي تعطل هذه الفترة، وبالتالي ينشغلان في تقديم دروس عن بعد لتلاميذهم، إلى جانب الاهتمام بأبنائهم وإشغالهم بما يفيد، مع الانقطاع التام عن الزيارات الاجتماعية، بما في ذلك زيارتها لأهلها التي كانت منتظمة أسبوعيا.
حظر التجول
ورغم شعور المواطن عبد الرحمن الحصري، (55 عاما) بالملل من الالتزام البيتي الذي يحاول أفراد أسرته عليه نتيجة إصابته بأمراض صدرية، إلاّ أنه يشير إلى للفلسطينيين تجربة سابقة في التكيف مع الالتزام بالبيت، فهم عاشوه مرارا خلال أيام منع التجول في الانتفاضة الأولى، وكذلك خلال أيام الحروب على غزة.
وقال الحصري: "ما فقدناه بسبب الانشغال نحرص عليه الآن، ونشغل أنفسنا بما هو مفيد، رغم أن الجيل الأصغر منشغل على الانترنت والتواصل الاجتماعي"، مبينا أن أكثر ما يضايقه اجتماعه اليومي مع رفاق حياته الذي اضطر إلى الانقطاع عنه.
وانطلقت الانتفاضة الأولى عام 1987 في الأراضي الفلسطينية، وكثيرا ما كانت تفرض القوات الإسرائيلية التي كانت تتواجد داخل مدن قطاع غزة منع التجول لأيام للحد من المواجهات، واستمر ذلك على مدار سنوات.
كما يلجأ غالبية الفلسطينيين في غزة إلى التزام بيوتهم خلال أيام التصعيد الإسرائيلي على غزة، خاصة في الحروب الكبيرة.
إدارة الأزمات
وتؤكد الدكتورة نائلة خليل الأغا خبيرة علم الاجتماع في جامعات غزة، أن الشعب الفلسطيني سواء بالضفة الغربية أو في قطاع غزة ليس بالجديد عليه الأزمات الحياتية، والمواقف الصعبة، وهو متفوق في إدارة الأزمات بعون الله.
وقالت الأغا لـ"العين الإخبارية": "لا شك أن ما يتعرض له العالم اليوم من انتشار لوباء كورونا حدث فريد وجديد من نوعه، وحتما أثر على السلوكيات المجتمعية في الأراضي الفلسطينية.
أنماط اجتماعية
ورصدت 5 مظاهر للأنماط الاجتماعية في ظل الوباء، منها زيادة الدعوات والابتهالات لشفاء المرضى في العالم، بما في ذلك إطلاقها عبر مكبرات المساجد، وكذلك التفاف الشعب حول نداء القادة والمختصين بالالتزام بالتعليمات الصحية للوقاية من انتشار الوباء، وهناك دائرة التثقيف والوعي الصحي، وهو ما انعكس على زيادة السلوك البيتي في النظافة والتعقيم.
وأشارت إلى استخدام وسائل التعليم الإلكترونى ولأول مره في بعض الجامعات والتي أشارت اليه الجامعات وادارة التربية والتعليم عبر الصفوف الافتراضية او الواتساب، وكذلك الاستعاضة بمنصات التواصل الاجتماعي للتواصل بدلا من الزيارات .
كما أشارت إلى تأجيل البعض للأفراح والحفلات في غزة، او تغير أنماط هذه المناسبات، بما يعزز أساليب الوقاية رغم أن الإجراءات احترازية حتى الآن لعدم تسجيل إصابات في القطاع.
ووفق الأغا، فإن للأمهات اللواتي يحتقلن في 21 مارس بعيدهن، لهن دور كبير في المحافظة على اسرهن من خلال اتباع التعليمات الوقائية للأبناء وتقديم وجبات غذائية لزيادة مناعة الجسم، واستخدام المعقمات واتباع أساليب النظافة، وعدم السماح للأطفال بالخروج من البيت، ومتابعة ابنائها خلال التعليم الإلكتروني للتكيف مع الأزمة الحالية.
مخاطر على الطبقة الوسطى
ويتفق الدكتور ناصر مهدي دكتور علم الاجتماع في جامعة الأزهر بغزة، مع الأغا، في استفادة الفلسطينيين من تجاربهم الطويلة مع الأزمات، موضحا أنه مر على الناس خلال 14 سنة حصار مجموعة من التغيرات والتحولات والناس بات عندها قدرة على التكيف مع التغيرات.
ورأى مهدي في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن التغيرات التي فرضتها إجراءات الوقاية من الوباء في غزة، انعكست اكثر شيء على كبار السن والمرضى والناس، عموما صار عندهم التزام اكثر الاوقات في البيوت بخلاف السابق.
وقال: "رغم عدم تقييد الاجتماعات في مختلف المناسبات الا أن الناس تتحسب من التجمعات وتقلص وجودها فيها خشية تداعياتها عليه"، منبها إلى أن الاشياء الطارئة على غزة متوالية من معاناة لمعاناة وبالتالي موضوع كورونا هم يصغرونه امام ازماتهم التي لا تنتهي.
وتعامل أغلبية الناس مع أزمة كورونا بهدوء، ولم يسجل حالة هلع، أو تدافع لتخزين المواد الغذائية كما جرى في العديد من بلدان العالم.
ويقول مهدي: "هنا الاوضاع الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية متدهورة من قبل .. ومع تطور الكورونا باتت اكثر تدهورا في غزة".
وحذر أستاذ علم الاجتماع من أن استمر الوباء في العالم يهدد بإنهاء الطبقة الوسطى تماما من غزة، (نظرا لتعطل المزيد من الأعمال في ظل البطالة المتفشية أساسا) وإذا حدث ذلك فان المجتمع سيشهد تحولات كبيرة في قيمه المجتمعية والسلوكية.
aXA6IDMuMTQ0LjIzNS4xMzgg جزيرة ام اند امز