صيني يجمع العسل دون ارتداء قفازات
الصيني ييب كي-هوك تعرض لأكثر من 200 لسعة خلال عملية واحدة لأنه فقد النحلة الملكة، لكنه يؤكّد أنه ليس بحاجة إلى معدّات حماية
يشتري غالبية منتجي العسل، النحل من اختصاصيين في تربيته، لكن الصيني ييب كي-هوك يُفضّل أن يسرح في الغابة ويجلب الحشرات البرّية بفضل تكتيكات يعتمدها منذ 27 عاماً.
ولا يواجه الرجل البالغ من العمر 62 عاماً أيّ صعوبة في التنقّل وسط الغابات الكثيفة، بعيداً عن دروب التنزّه المعروفة، ويتوقّف أمام تجويف في التلّة يعلم أنه يضمّ سرباً من النحل، فيشعل 5 عيدان بخور لتهدئة الحشرات وينتظر حتى يفعل الدخان مفعوله قبل أن يمدّ يده داخل التجويف ليخرجها حاملاً قطعة من الشمع يسيل عليها عسل حولها نحل.
وتعتمد الفكرة، على حدّ قوله، على الإمساك بأكبر عدد ممكن من قطع الشمع دون كسرها أو إلحاق الأذى بالنحلة الملكة التي تؤدّي دوراً أساسياً لجماعتها.
ويوضح: "إذا وضعنا قفّازات، لا نشعر بصلابتها، وإذا ضغطنا كثيراً وقتلنا الملكة دون قصد سنواجه مشاكل كثيرة وسيكون من الصعب نقل الخلية".
بتأنٍ وحذر كبيرين ينفخ على التجويفات في قطع الشمع، ما يحثّ النحل على الدخول إلى قفص مغطى بكيس أبيض يمكن غلقه.
وفي حين أنه يبحث عن الملكة، تحلّق بعض النحلات هنا وهناك، ومن الضروري إيجاد هذه الأخيرة لأن ذباب العسل المتبقي شديد التعلّق بهذه الأنثى الخصبة.
ويقول ييب: "من دون الملكة، سيسود الغضب وستبحث عنها النحلات الأخرى، وستحلّق أينما كان بحثاً عنها وتبدأ باللسع مثل المجنونات".
وتعرّض ييب لأكثر من 200 لسعة خلال عملية واحدة لأنه فقد النحلة الملكة، لكنه يؤكّد أنه ليس بحاجة إلى معدّات حماية، مضيفاً: "ما الحاجة إلى ذلك؟ فأنا أعرف النحل خير معرفة وأعرف كيف أروّضه".
ويضع "ييب" النحلات في القفران البالغ عددها نحو 200 والتي يملكها في نحّالته الصغيرة عند سفح تلّة قريبة في البرّ الرئيسي لهونج كونج، ويجمع العسل 3 مرات في السنة.
تعلّم "ييب" التقاط النحل بيديه في الصين في أعقاب فشل سياسة "القفزة الكبيرة إلى الأمام" للتصنيع متسارع الوتيرة التي أطلقها ماو تسي-تونج في نهاية الخمسينيات، واضطر وقتها الصينيون إلى تدبّر أمورهم في ظلّ المجاعة المنتشرة في البلاد التي أودت بحياة عشرات ملايين الأشخاص.
وعمل هذا النحّال مدرّسا بأجر زهيد في إقليم جوانجدونج في جنوب الصين وكان وقتها يقايض العسل بقسائم تغذية، وتسنّى له التفرّغ لتربية النحل وقت أطلق دنج شياوبينج سياسته المعروفة بـ"الإصلاح والانفتاح" في السبعينيات.
وفي عام 1983، انتقلت عائلة زوجته إلى هونج كونج لكنه دخل إلى تلك المستعمرة البريطانية بطريقة غير شرعية واستغرق الأمر 5 سنوات قبل أن يستقرّ فيها.
واضطر إلى البدء مجدداً من الصفر، فشيّد القفران من قطع قديمة من الخشب، لكن في خلال سنة نجح في إنشاء 150 قفيراً وبات اليوم من كبار منتجي العسل في هونج كونج.
غير أن التغير المناخي ألقي بظلاله اليوم على مهنته مع ارتفاع الحرارة واشتداد العواصف، كما أن التوسّع الحضري في هونج كونج صاحبة الكثافة السكانية الكبيرة يهدّد النحل البرّي ومصادر غذائه.
وفي عام 2018، اقتلع إعصار مانكوت، وهو أقوى الأعاصير التي ضربت هونج كونج على الإطلاق، عشرات آلاف الأشجار آتيا على مساحات مزهرة شاسعة.
ويقول ييب إن النحل لم يتعاف بعد تماماً من تلك الكارثة، مشيراً إلى أن إعصار مانكوت كان قويّا جدّا وقضى على أكثر من نصف الشجر والزهور، ولا يمكن للنحل أن يتكاثر بسرعة من دون النبات.
ويأمل ييب من جهته في أن تفلت هونج كونج ونحلها من شرّ الأعاصير المقبلة، وهو مصمّم على المثابرة في عمله قدر المستطاع.
aXA6IDMuMTMxLjEzLjI0IA==
جزيرة ام اند امز