سحر "إث يني".. قرية جزائرية تعانق السماء وتحتضن عادات الأمازيغ
تشتهر قرية بني يني بصناعة حلي الفضة وبموقعها الذي يعانق جبال جرجها وطبيعتها الخلابة.. تعرف على هذه القرية الجزائرية الساحرة.
وهبها الله سحرا طبيعياً فريدا، وموروثاً ثقافياً غنياً، جعلها واحدة من أجمل قرى ومدن الجزائر، إنها قرية "بني يني" أو "إث يني" الواقعة شرقي الجزائر.
"إث يني" بالأمازيغية أو "بني يني" بالعربية، قرية صغيرة تزين جبال "جرجرة" الجزائرية في قممها الشاهقة على ارتفاع نحو 2300 متر عن مستوى سطح البحر، عانقت السحب وكل جمال طبيعي، شروق وغروب وثلوج، تسحر الزائر إليها، وتأخذه في رحلة نفسية تنسيه هموم الدنيا ومصاعبها.
- "كوكو".. مملكة أمازيغية بالجزائر تحدت العثمانيين قبل 500 عام
- "بيوت النمل".. العمارة الإسلامية والعالمية في منتجع جزائري
دائرة أو قرية صغيرة تابعة لولاية "تيزيوزو" الواقعة بمنطقة القبائل شرق الجزائر، تبلغ مساحتها نحو 82 ألف كيلومتر مربع، شكلت مع مجموعة القرى المجاورة لها زخماً سياحياً فريدا في الجزائر ومنطقة المغرب العربي.
هواء نقي وأرض خصبة وغابات كثيفة وطقس بارد شتاء، لكن الزائر إليها يشعر بدفء كرم أهلها وجمال نظافة طرقها، وتاريخها الضارب منذ مئات السنين حيث شيد الإنسان القديم بيوتاً من الحجارة وحتى من القش، قاوم بها قساوة الطبيعة.
قساوة تحداها أهلها مع مرور الزمن، متمسكين بأصالة عاداتهم الأمازيغية وجمال طبيعتها، إلى تعدى اسمها حدود الجزائر، بذلك الموروث الثقافي الذي صنع اسمها من "فضة" يفوق ينافس سعرها ثمن الذهب.
تلقب منذ سنوات بـ"عاصمة الفضة الجزائرية"، كونها تحتضن سنوياً مهرجاناً وطنياً لصناعة حلي الفضة، وهي حرفة أمازيغية قديمة لازال أهل "بني يني" محافظين عليها، بل حصنها الذي أبى اندثار حرفة ورثها أهلها أباً عن جد منذ مئات السنين.
مرت القرية بهزات عدة عبر تاريخها، أبرزها الثورة التحريرية ضد الاحتلال الفرنسي (1954 – 1962) ثم تكالب الجماعات الإرهابية سنوات التسعينيات.
هزات زادت من تمسك أهل "بني يني" بأرضهم وعاداتهم وأصلهم، فاصطدم الاحتلال والإرهاب بعزيمة صخرية مشابهة لصخور الجبال التي تحرس القرية الأمازيغية من كل جانب.
كانت قرية "بني يني" ولازالت قبلة سياحية بامتياز، سواء من مختلف محافظات الجزائر، أو من السياح الأجانب القادمين من مختلف دول العالم.
هناك يكتشفون سحراً مختلفاً للطبيعة، وتشبثاً بثقافة أصيلة، وبشوارع تنطق تاريخاً وثقافة أمازيغية، برسوم وأشكال هندسية مستوحاة منها.
الفضة.. روح القرية
ورغم هوائها النقي، إلا قرية "إث يني" الجزائرية تتنفس فضة كما يقول أهلها والتي تسمى عندهم بـ"الفطة"، فهي المكان الذي تشبث بصناعة حلي الفضة المرتبطة بزينة المرأة الأمازيغية منذ عدة قرون، حتى إنه لا مكان لمعدن الذهب عند أمازيغ الجزائر.
نافست حلي القرية الفضية أسعار وأناقة الحلي المصنوعة من الذهب، ولا تكاد تجد فتاة أو إمرأة قبائلية إلا وحلي الفضة يكسوها من أذنيها إلى رجليها، بمناسبة أو بدونها.
وتحافظ القرية القبائلية على حرفة صناعة حلي الفضة، سواء من خلال الورشات أو المعارض السنوية التي تقيمها، أما عن أسباب ارتفاع أسعارها فيعود إلى أن صناعتها تكون يدوية في الغالب، خصوصاً مع تلك الرموز الأمازيغية والإسلامية التي تتطلب تركيزا كبيرا ووقتاً أكبر.
ولصائغ الفضة اسم خاص باللهجة القبائلية الأمازيغية ويسمى "أحدّاد الفطة"، ويعتبرون هذا المعدن في مورثهم "رمزاً للتعايش الثقافي والحضاري"، فيما توحي مختلف رموزها على شخصية المرأة الأمازيغية في الحب والجمال والزهد وحتى عدم التبرج.
ومؤخراً، عادت قرية "إث يني" إلى الواجهة السياحية بالجزائر، بعد إن تم إعادة افتتاح فندق "السيوار" بحلة جديدة بعد سنوات من إغلاقه، مستفيدا من تراث المنطقة وموقعها الاستراتيجي الذي جعل منها "جنة سياحية على أرض الجزائر" كما يسميها أهل هذا البلد العربي.