واشنطن وإسرائيل.. ظل نتنياهو وتطور بينيت ووسطية لابيد
قبل التنصيب المنتظر، تتصدر العلاقة مع الولايات المتحدة، الملفات العاجلة على أجندة الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
فالإعلان الوشيك عن تولي الحكومة الإسرائيلية السلطة بشكل رسمي، يتزامن مع تنامي المطالب في الحزب الديمقراطي الأمريكي بالانفتاح على الفلسطينيين والضغط على الإسرائيليين، ووسط خلافات بين إسرائيل والبيت الأبيض حول الاتفاق المحتمل مع إيران، أيضا.
وفي الوقت الحالي، تفضل واشنطن أن تكون قنوات العلاقة عبر زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني جانتس الذي زار واشنطن في يوم الإعلان عن النجاح بتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، الأربعاء الماضي.ورصدت "العين الإخبارية" أن جانتس، الذي سيتولى حقيبة الدفاع بالحكومة الجديدة، التقى كل أركان الإدارة الأمريكية، حيث سيطر على الاجتماعات 3 ملفات أساسية؛ أولها تسهيل جهود مصر في عملية إعادة إعمار غزة، وثانيها إطلاع إسرائيل على تطورات المفاوضات مع إيران، وثالثها تجديد الالتزام بالتفوق العسكري الإسرائيلي بالمنطقة.
وكان جانتس التقى خلال الزيارة، مستشار الأمن القومي، جاك سوليفان، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع، لويد اوستن، قبل أن يلتقي مع اللوبي المؤيد لإسرائيل في أمريكا "إيباك".
ومن المنتظر أن تكون هناك 3 وجوه رئيسية للحكومة الإسرائيلية الجديدة، حال تنصيبها، هي رئيس الوزراء نفتالي بينيت، ووزير الخارجية ورئيس الوزراء المناوب، يائير لابيد، ووزير الدفاع، جانتس، لكن ظل بنيامين نتنياهو سيظل مخيما على الأجواء.
وتشير تقديرات إلى أن الحكومة الجديدة، حال تنصيبها، ستكون أمام توجهين الأول يميني يقوده بينيت والثاني وسطي يقوده لابيد وجانتس، وهناك اختلاف في المواقف إزاء واشنطن بين التوجهين، وإن كان كلاهما يقر بالأهمية الاستراتيجية للشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
فجانتس قال بوضوح في ختام لقاءه مع نظيره الأمريكي أوستن إن إسرائيل ستعتمد لغة الحوار لحل الخلافات حال بروزها، أما بينيت فقال في مقابلة مع القناة الـ(12) الإسرائيلية: "البوصلة الموجهة هي أمن إسرائيل.. إن أمن إسرائيل أهم مما سيقولونه عنا في العالم".
ويتشابه موقف بينيت إلى حد كبير مع ذلك الذي طرحه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل عدة أيام، إذ قال نتنياهو في مقر جهاز "الموساد": " إذا خُيّرنا، وآمل بألا يحدث ذلك، بين الاصطدام بموقف صديقتنا الكبرى الولايات المتحدة وإزالة الخطر الوجودي، فإن إزالة الخطر الوجودي ستتغلب".
وفي هذا الصدد، قال موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلي "تشير تعليقات بينيت العلنية بأنه على استعداد للتجادل مع الولايات المتحدة، حتى قبل ظهور أي خلاف على السطح، إلى أن تحولًا كبيرًا في الديناميكية بين حكومة إسرائيل والإدارة الديمقراطية في واشنطن غير مرجح".
وأضاف: "يؤكد بعض المطلعين على بواطن الأمور في واشنطن ومسؤولي الكونجرس أنه في حين أن سياسات بينيت يمينية بشكل عام أكثر من سياسة نتنياهو، إلا أن تغيير الوجوه في إسرائيل سيكون بمثابة تطور إيجابي للعلاقات مع الديمقراطيين".
وتابع: "مما لا شك فيه، أن الإحباط المتزايد تجاه إسرائيل داخل الحزب الديمقراطي، وخاصة جناحه التقدمي، يمتد إلى ما هو أبعد من الرفض لنتنياهو نفسه، وقد شهد نفاد صبر متزايد من سياسات الدولة تجاه الفلسطينيين، وهي سياسات من غير المرجح أن تشهد تغييرات كبرى في ظل حكومة بقيادة بينيت".
ومضى الموقع قائلا "ولكن بالنظر إلى أن إدارة بايدن أثبتت بالفعل أنها مستقلة عن الجناح التقدمي للحزب، وانتقادها الصريح لإسرائيل، فمن المرجح أن يستمر تصميم واشنطن على تجنب الخلافات العامة، بغض النظر عن من هو رئيس الوزراء".
"ظل نتنياهو"
وتراهن واشنطن على وجود أحزاب شريكة في الحكومة الإسرائيلية تدعم استراتيجية أكثر تصالحية في العلاقات مع الولايات المتحدة.ومن هذه الأحزاب (هناك مستقبل) و(أزرق أبيض) و(إسرائيل بيتنا) و(العمل) و(ميرتس) وحتى حزب (أمل جديد) اليميني برئاسة جدعون ساعر، إضافة إلى القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس التي تعتبر المفتاح لبقاء أو سقوط الحكومة.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قال لشبكة الأخبار الأمريكية "سي إن إن" في وقت سابق، "سيتخذ الإسرائيليون قراراتهم الخاصة بشأن حكومتهم مثل أي ديمقراطية، وسنعمل مع أي حكومة إسرائيلية للمضي قدمًا كما فعلنا في الماضي".
فيما قال مسؤول في الإدارة الأمريكية لموقع "تايمز أوف إسرائيل" إن "التغيير المحتمل في الحكومة الإسرائيلية لن يغير نهجهنا".
وأضاف المسؤول أن التحالف الإسرائيلي الجديد "يقدم بعض الإشارات الواعدة، مثل ضم حزب عربي هو القائمة العربية الموحدة ذات التوجه الإسلامي، بالإضافة إلى كثيرين آخرين يؤيدون حل الدولتين".
واستدرك المسؤول الأمريكي قائلا إن "آراء بينيت حول القضايا الرئيسية لا تتماشى مع آراء إدارة بايدن، لكن هناك تحديات عالمية أخرى تهتم بها (إدارة بايدن) أكثر".
ولفت المسؤول الأمريكي إلى أن بينيت يفتقر إلى العلاقة الشخصية التي تربط نتنياهو مع بايدن، وقال: "الكثير من سياسة بايدن الخارجية تقوم على العلاقات الشخصية مع القادة الأجانب، يمكن أن يبني بينيت مثل هذه الصداقة، لكنه سيحل محل شخص يعرف الرئيس منذ عقود وكانت علاقاتهما حاسمة في تجاوز العواصف الماضية".
إلا أن موقع "تايمز أوف إسرائيل" أشار الى أنه "بالنسبة للكثيرين في الحزب الديمقراطي، فقد لعب نتنياهو نفسه دورًا رئيسيًا في خلق تلك العواصف".
وقال ديفيد ماكوفسكي، الزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "سواء كان نتنياهو على حق أم لا، فقد أصبح مصدر قلق للعديد من الديمقراطيين بخطابه في الكونجرس (ضد صفقة إيران بقيادة باراك أوباما) في عام 2015".
تطور بينيت
وكان بينيت أبدى في مقابلته مع القناة الـ"12" الإسرائيلية موقفا أكثر انفتاحا على حل تدريجي مع الفلسطينيين بعد أن كان يطالب بضم الضفة الغربية، وقال: "فلسفتي هي تقليص الصراع.. لن نحله، ولكن حيثما نستطيع سننفذ المزيد من المعابر، والمزيد من تحسين نوعية الحياة الفلسطينية، والمزيد من الأعمال".وفي هذا الإطار، قال موقع "تايمز أوف إسرائيل" "بالنسبة للإدارة الأمريكية التي تعتقد هي نفسها أن الأرضية لم تنضج بعد لمفاوضات سلام رفيعة المستوى، وبدلاً من ذلك تدعم الخطوات المؤقتة التي يمكن أن تحافظ على احتمالات حل الدولتين، فإن منظور بينيت يمكن أن يمنح واشنطن شيئًا للعمل معه حتى لو كان هناك خلاف فيما يتعلق بالهدف النهائي".