المؤكد أن هناك اختلافاً جوهرياً بين الملابسات التي أحاطت بمؤتمر برلين الأول حول ليبيا في 19 يناير 2020 وبين الأجواء التي سينعقد فيها “برلين 2” اليوم الأربعاء.
فالحرب بين الفرقاء الليبيين توقفت في أكتوبر الماضي، والطريق الساحلي الرئيسي نحو إعادة افتتاحه، والأهم من كل ذلك أن هناك “حكومة ليبية” موحدة ستحضر “برلين 2” بعد أن غاب عن مؤتمر برلين الأول أي ممثل للشعب الليبي، ناهيك عن اتفاق كافة القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا على ضرورة سحب المرتزقة والمليشيات وكل القوات الأجنبية، والخطوة الكبرى التي يعقد “برلين 2” من أجلها هي السعي لتوفير القوة والزخم الدولي الكامل لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر المقبل، فهل تساهم هذه الظروف الجديدة في إيجاد مخرجات مختلفة في “برلين2”.
اختلاف المفاهيم
رغم اتفاق الجميع على خروج المرتزقة والمليشيات والقوات الأجنبية من ليبيا إلا أن هناك اختلافاً حول “معنى ومفهوم” من هو المرتزق والأجنبي، فوزير الدفاع التركي خلوصي أكار يقول إن قوات بلاده وآلاف المرتزقة السوريين الذين جاءت بهم أنقرة إلى ليبيا ليسوا أجانب، وأنهم دخلوا ليبيا بموجب اتفاق مع حكومة فايز السراج السابقة، وهو أمر ترفضه المكونات الليبية الأخرى والكثير من دول الجوار والقوى العالمية.
ولهذا ستكون المهمة الأولى لـ”برلين 2” تحديد أسماء المرتزقة والمليشيات، وهناك تعريف دولي لهذا الأمر يقول إن كل ما هو “غير ليبي” يجب أن يخرج قبل 24 ديسمبر المقبل، لأن إجراء الانتخابات تحت “حراب المليشيات الأجنبية” لا يمكن أن يوفر “إرادة حرة” للناخب في اختيار من يمثله.
وبعد ذلك سيبقى مصير “أمراء المليشيات” من الليبيين في المنطقة الغربية، وهؤلاء يمكن للأمم المتحدة وفق خطة “التفكيك والإدماج” أن يتم إلحاق جزء منهم بالمؤسسة الأمنية الموحدة، والجزء الأخر يمكن تأهيله ليقوم بعمل مدني يتفق مع احتياجات ليبيا في المرحلة المقبلة، لكن عدم الاتفاق على هذا المفهوم سيجعل ليبيا في أفضل الأحوال تعيش مرحلة “تبريد وإدارة” الصراع وليس البحث عن حل نهائي ينهي عقداً كاملاً من الفوضى.
مبادرة استقرار
ربما أكثر المحفزات لنجاح “برلين 2” هو بلورة الحكومة الليبية ذاتها لمبادرة “استقرار ليبيا”، فلأول مرة منذ عام 2011 نرى مبادرة تخرج من الليبيين أنفسهم تدعو لخروج المرتزقة وتتمسك بإجراء الانتخابات، وكل هذا يحتاج قوة ووضوحاً من المجتمعين في برلين حتى يتم استكمال خريطة الطريق بنجاح، وهذا يحتاج إلى الإسراع في توحيد المؤسسات وتوصيف من يتولى المناصب السيادية، وتسمية المعرقلين والرافضين للمسار السياسي، وتحديد الأرضية الدستورية التي ستكون المرجعية لإجراء الانتخابات المقبلة.
نقلا عن البيان الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة