قيادي إخواني يهين التونسيين.. موجة غضب وردود "نارية"
سخر القيادي الإخواني البارز في حركة النهضة نور الدين البحيري من التونسيين الذين يدعمون الرئيس قيس سعيد.عبر تدوينة يصفهم فيها بـ"المتمعيشين الذين يبيعون كرامتهم من أجل الحصول على زيت الطهي ما يعرف في تونس بزيت الصانقو (زيت مدعم)".
وأعلن الرئيس قيس سعيد منذ نحو شهر ونصف جملة من القرارات الاجتماعية من بينها التخفيض في أسعار المواد الغذائية بعد ما شهدت ارتفاعا كبيرا في السنوات العشر الماضية، إضافة إلى توفير الزيت المدعم لعموم التونسيين بعد أن انقطع تزويده في السنوات الأخيرة.
وتساءل البحيري في تدوينة له نشرها على "فيسبوك": "هل نبيع حريتنا وكرامتنا ب زيت الصانغو؟".
وتابع: "أهم من يتوقع للحظة أن من أفتك حريته وكرامته من أشرس المستبدين والفاسدين بالدماء الزكية الطاهرة وبدموع الثكالى واليتامى والأرامل وآهات المعذبين على مر عقود يمكن أن يخضع للحكم الفردي القهري وللإذلال فما بالك بتحويل كل وطنه إلى سجن مهما كانت الوعود ومهما كان الثمن".
وأضاف في تدوينته "الاستفزازية" أن "تاريخ الشعوب علمنا أن الاستبداد قرين الفساد والظلم، وأنه المدخل لخراب الدول وإفلاسها وفشلها، وأن المستبد غاشم بطبعه ولن يقدر على توفير حتى زيت الصانقو، فما بالك بتحقيق السيادة والتنمية والشغل والكرامة والثروة والعدل".
هذه التدوينة أثارت امتعاض رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تونس.
وعلق لطفي زيتون، المنشق عن حركة النهضة الإخوانية في تدوينة على "فيسبوك" أنه "في سنة 2011 قام الشعب التونسي بثورة اجتماعية لتحسين مستوى أبنائه وتشغيلهم".
وقال أيضا: "ثم عادت النخب التي عانت من الديكتاتورية زمن زين العابدين بن علي ليقولوا إن الحرية والديمقراطية هي مدخل الرخاء والثروة والعدالة، لينطلقوا في كتابة دستور جديد في إطار الانتقال الديمقراطي من أجل الاهتمام بالمطالب الحقيقية للثورة لتنتهي بنظام سياسي هجين وبمحكمة دستورية غير موجودة".
وأضاف "الآن يضعون الشعب أمام معادلة الحرية أو زيت الصانقو بعد ما وعدوه بأن الحرية ستمكنهم من استهلاك زيت الزيتون.. نخبة معاقة تشتم في الفقراء اليوم لأن الظروف جعلتهم من الأثرياء".
وتابع: متسائلا "هل هناك معنى للحرية إذا كنت مكبلا بالاحتياج؟ فأول شروط الحرية هي الاكتفاء".
وأضاف أن عناصر الإخوان تظاهروا أمس السبت تحت حماية الأمن ويشتمون الرئيس ويشتمون معه مستهلكي زيت الصانقو الذين هم من الفئات المسحوقة التي تعاني من قطع الماء يوميا ومن انهيار منظومة التعليم والصحة والنقل واشتعال الأسعار.
وأكد أن الخائن هو الذي يخون فئته الاجتماعية والباقي كله هراء، وأن السياسي الذي يجهل مكونات شعبه ويتجاهل وضع شعبه ومشاكلهم وأحلامهم وأهدافهم لن يستطيع أن ينجح.
وأشار إلى أن زيت الصانقو لشعب 50٪ منه فقير جدا يمثل مع الخبز والدقيق وعلبة الطماطم حاجزا ضد الجوع، أما الإسكالوب (قطع مرققة ومقلية من اللحوم دون عظام) فهو المصدر الأول للبروتين للطبقة المتوسطة فلما يعجز عن شرائه عندها يشعر فعلا بالفقر".
وخلص بالقول: "هذه أمور لما يتجاهلها السياسي لا يمكنه مرة ثانية أن يطلب أصوات الناس مرة أخرى في الانتخابات".
بدوره، علق الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي محسن النابتي، بأنه "صحيح الحرية أغلى من زيت الصانقو، على من يتهمون رئيس الجمهورية بفشله في توفير الزيت المدعم من بينهم القيادي بحركة النهضة نور الدين البحيري، مضيفا: "من يعجز عن توفير الصانقو يستحيل عليه ضمان الحرية للوطن والمواطنين".
وتابع النابتي في تدوينة نشرها على حسابه "فيسبوك" أن "الصانقو هو أرخص زيت من حيث الثمن، وهو مطلب أغلب الشعب التونسي في دولة تنافس على المرتبة الأولى في زيت الزيتون، مشيرا إلى أن احتقار زيت الصانقو يعكس النظرة الدونية لعامة الشعب وفقرائه، خاصة اعتبار حاجياتهم وأولوياتهم محل سخرية".
كما عبر الناشط السياسي طارق الكحلاوي في تدوينة نشرها على "فيسبوك" عن امتعاضه من تدوينة البحيري متسائلا: "هل تسخر من زيت الصانقو؟".
وتابع: "هذا النوع من الزيت هو الوحيد الذي يستطيع شراءه أغلب التونسيين حسب مقدرتهم الشرائية".
وقال أيضا موجها حديثه للإخوان "كان عليكم الاهتمام بالطبقات المتوسطة والفقيرة طيلة عشر سنوات حكمكم عوض الاهتمام في تعيينات الأصدقاء وأبناء الحركة (النهضة) والعائلة".
وتابع أنه ليس من باب التفاخر والتباهي تهميش المصالح الاقتصادية والاجتماعية للناس مقابل التركيز على تحصين وضع حزب النهضة في الدولة بالاشتغال ليلا نهارا على لوبيينغ ومنح قواعد الإخوان من تعويضات مادية على سنوات سجنهم.
وأضاف: "من الفضيحة أنه بعد عشرة سنوات من حكمهم أن يصبح الزيت المدعم نادرا للطبقات الفقيرة، والخلاصة أنكم لم تحافظوا لا على الحرية ولم توفروا حتى زيت الصانقو".
يشار إلى أن اللتر من الزيت المدعم في حدود الدينار الواحد، في حين أن سعر اللتر من زيت الزيتون 12 دينارا (4 دولارات) وزيت الذرة وعباد الشمس ستة دنانير (2 دولار).
وأزمة زيت الطهي في تونس من بين الأزمات المتجددة منذ سنة 2011 بسبب الاختفاء المتواتر لهذه المادة من الأسواق، نتيجة الاحتكار والمضاربة وتوجيه الحصص المخصصة للاستهلاك الأسري نحو المطاعم وصناعات غذائية تعتمد على زيت في تركيبتها.
وكانت هذه المادة متوفرة لعموم التونسيين من جميع الطبقات قبل سنة 2011.