هناك دائماً سيناريوهات للانتخابات الأمريكية، وقد أثبتت دول الخليج أنها قادرة على التعامل مع أي رئيس مهما كانت توجهاته.
انتخب المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن، رئيسا للولايات المتحدة، خلفاً لمنافسه دونالد ترامب بعد معركة انتخابية غير مسبوقة، أوصلت السياسي والمحامي والعضو البارز في الحزب الديمقراطي إلى سدة الحكم.
وقد اهتم المتابع العربي، كما هو حال العالم أجمع، بهذه الانتخابات لاختيار سيد البيت الأبيض، كيف لا وهذا الحدث يؤثر على السياسة والاقتصاد والأمن والبيئة وجميع نواحي الحياة في شتى دول العالم، حيث يمكن اعتبار الانتخابات الأمريكية حدثاً عالميًّا بمعنى الكلمة؟
ليس مفاجئاً أن ترى آراء ساذجة تصدر ممن يعتبرهم البعض مثقفين وإعلاميين، نذروا أنفسهم للنيل من دول الخليج، شامتين ومتوعدين بأن عهد الصداقة الأمريكية الخليجية قد ولى، وآملين بأن تعود مشاريعهم التخريبية إلى الحياة مرة أخرى وإعادة عقارب الساعة، وكأن بايدن مرشحهم وليس مرشحا للديمقراطيين، لكنهم في ذلك يكررون ذات الخطأ الفادح الذي وقعوا فيه قبل مدة ليست بالبعيدة حين توعدوا دول الخليج بالرئيس دونالد ترامب، فما كان منه إلا أن خيب آمالهم وشكلت زيارته التاريخية في مايو 2017 بداية لعلاقة استثنائية مع الحليف التقليدي.
وها هو السيد جو بايدن، يتسلم السلطة رئيساً، وليس الرئيس كالمرشح، حيث تختلف الرؤى وتتضح المصالح ويقدر الصديق بشكل أفضل، فالرئيس لا يتحرك بمفرده ويعمل على استكمال سياسات لا تتعارض مع المصالح الموحدة لأمريكا، والرؤساء في الولايات المتحدة يستخدمون تكتيكاتهم الخاصة في التعامل مع الملفات الخارجية، لكنهم في الوقت ذاته ينفذون السياسة العامة ولا يحيدون عنها، ودعم الحلفاء والاحتفاظ بالعلاقات التاريخية أمر مهم في مسيرة أي رئيس.
ورغم مرور العلاقات الأمريكية الخليجية بعد ما عرف بالربيع العربي وما تلاه من موقف أمريكي، بفترة من البرود، لكن الأمل بأن تعود الولايات المتحدة إلى تلك المرحلة، وكأن بايدن امتداد مطابق لأوباما أو نسخة منه، فذلك أمر مستبعد لاعتبارات عدة منها اختلاف نظرة الرئيسين؛ فبايدن ليس أوباما، وتغير العالم مقارنة بتلك الفترة، فالأوضاع الإقليمية ليست كما كانت في ذلك العقد.
إن مصالح دول الخليج مع الولايات المتحدة لا تقل أهمية عن مصالح أمريكا مع تلك الدول، فهناك مصالح حيوية استراتيجية أساسية؛ منها أمن الطاقة ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى التنافس الكبير على هذه البقعة من الشرق الأوسط، في مقابل ردع أية محاولات لتهديد أمن الخليج.
في الختام.. هناك دائماً سيناريوهات للانتخابات الأمريكية، وقد أثبتت دول الخليج أنها قادرة على التعامل مع أي رئيس مهما كانت توجهاته، حيث تحرص على أن تظل الأبواب مفتوحة على جميع الاحتمالات، من أجل ديمومة هذه العلاقة التاريخية بين دول مجلس التعاون الخليجي وواشنطن، والأيام تثبت ذلك.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة