بايدن يعيد أمريكا لـ"باريس للمناخ".. 6 مزايا للاتفاقية
يبدأ جو بايدن ولايته بتوقيع أوامر تنفيذية لإعادة أمريكا إلى اتفاقية باريس للمناخ. فلماذا يركز الرئيس المنتخب على العودة السريعة؟
اتفاقية باريس هي معاهدة عالمية ملزمة قانونًا تم توقيعها في ديسمبر/كانون الأول 2015 ودخلت حيز التنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
وتحدد الدول الموقعة أهداف التخفيف الخاصة بها، والتي تسمى المساهمات المحددة وطنياً، ولا يزال الاتفاق ساري المفعول ولم يتأثر بخروج الولايات المتحدة.
عودة أمريكا إلى اتفاقية باريس كانت أحد وعود بايدن الانتخابية الرئيسية، الذي يتنصب كرئيس رقم 46 للولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني، كجزء من أجندة مناخية صارمة.
وقال رئيس أركانه رون كلاين، في مذكرة موجهة إلى موظفيه: "إننا نواجه 4 أزمات متداخلة ومتفاقمة، من بينها أزمة المناخ، ما يتطلب إجراءات عاجلة".
وكتب: "في الأيام العشرة الأولى له في منصبه، سيتخذ الرئيس المنتخب بايدن إجراءات حاسمة لمعالجة هذه الأزمات الأربع، ومنع أضرار أخرى عاجلة ولا رجعة فيها، واستعادة مكانة أمريكا في العالم".
نهج مختلف
نظرًا لأن تغير المناخ مشكلة مشتركة عالمية وأن التعاون الدولي ضروري للحد من حوافز المتسابق الحر، فإن الرئيس المنتخب بايدن تعهد بالبدء فورًا في عملية انضمام الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس، التي انسحب منها الرئيس السابق دونالد ترامب في 4 نوفمبر 2020.
وبعد 30 يومًا من تقديم الأوراق اللازمة إلى الأمم المتحدة، ستصبح الولايات المتحدة مرة أخرى طرفًا في الاتفاقية.
ما يميز اتفاقية باريس أنها تتبع نهجًا مختلفًا تمامًا للتعاون الدولي في مجال المناخ، والذي تم تطويره تحت القيادة المشتركة للولايات المتحدة والصين خلال إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وهو النهج المختلف عن بروتوكول كيوتو الذي وضع قبل عقدين.
والسمة الرئيسية لاتفاق باريس هي هيكلها المختلط، الذي يجمع بين العناصر التنازلية (الملزمة قانونًا) والعناصر التصاعدية.
الهيكل الأول إجرائي إلى حد كبير لكنه ملزم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك مطلب في المادة 4 بأن تقدم البلدان مساهمات محددة وطنياً (NDCs)، وبيانات بتخفيضات انبعاثاتها من 2020 إلى 2030، وتحديثها بحلول نهاية عام 2020 وكل 5 سنوات بعد ذلك.
أما الهيكل التاني فيتكون من مجموعة المساهمات المحددة وطنيًا، التي لا تعد جزءًا من الاتفاقية ولكنها مجمعة في سجل عام منفصل.
وتتماشى المساهمات المحددة وطنيًا مع السياسات والأهداف والسياسات المحلية في بلدانهم، على عكس أهداف بروتوكول كيوتو التي تم التفاوض عليها. وبالتالي فإن التزام الأهداف لا يأتي من اتفاقية باريس نفسها، لكن من أي قوانين ولوائح محلية يتم وضعها من أجل تحقيق المساهمات المحددة وطنيًا.
مزايا اتفاقية باريس
تتميز اتفاقية باريس، التي تبنتها 195 دولة قبل أكثر من 4 سنوات، بخطة عمل عالمية تاريخية لمعالجة تغير المناخ، إذ تمنح العالم إطارًا لتجنب الآثار الخطيرة لتغير المناخ من خلال "الحد من الاحترار العالمي إلى أقل من 2 درجة مئوية ومتابعة الجهود للحد من 1.5 درجة مئوية".
ويقع على كاهل القادة مسؤولية تكثيف جهود حماية المناخ، لأن الحياة وسبل العيش على المحك، ومليون نبات وحيوان معرضون لخطر الانقراض، لذا فإن حل أزمة المناخ قد يكون أكبر فرصة لخلق عالم أكثر عدلاً واستدامة للجميع.
تتمتع الاتفاقية العالمية بعدد من المزايا تجعلها مفيدة للبيئة والاقتصاد والناس، منها:
1. العمل المناخي يمكن أن ينتج 26 تريليون دولار من الفوائد الاقتصادية على مستوى العالم، وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن اللجنة العالمية للاقتصاد والمناخ.
وتحدثت اللجنة عن "قدرة التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون على توليد 26 تريليون دولار على مستوى العالم من الفوائد الاقتصادية حتى عام 2030".
ونظر التقرير في 5 قطاعات: الطاقة والمدن والغذاء واستخدام الأراضي والمياه والصناعة، معتبرا أن العمل الطموح في جميع هذه المجالات يمكن أن يحقق مكاسب صافية مقارنة بالعمل المعتاد.
2. يمكن لاتفاقية باريس أن تخلق 24 مليون فرصة عمل جديدة، ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية (ILO) يمكن أن يؤدي العمل على اتفاقية باريس إلى خلق 24 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2030 مع السياسات الصحيحة لتعزيز اقتصاد مستدام وعادل.
وقالت المنظمة إن فرص العمل التي توفرها الدول الأعضاء في تحالف المناخ الأمريكي، وهي مجموعة من 25 حاكماً مكرسة لتحقيق أهداف اتفاقية باريس، هي مثال واضح.
3 - كلفت الكوارث المتصلة بالمناخ ما يقرب من 2.3 تريليون دولار على مدى العقدين الماضيين، لذا فإن العمل الطموح الآن يمكن أن يجنب الجميع الآثار المكلفة لاحقًا.
وشكلت الكوارث المرتبطة بالمناخ نحو 90% من أكثر من 7000 كارثة كبرى بين عامي 1998 و2017، معظمها فيضانات وعواصف.
وبلغ إجمالي هذه الخسائر الاقتصادية ما يقرب من 2.3 تريليون دولار، وفقًا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، مع تكبد الولايات المتحدة أكبر الخسائر الاقتصادية.
وبدون اتخاذ إجراءات، تستمر هذه الكوارث في التفاقم وتهدد الأرواح وتعطل التقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
4. يشكل تلوث الهواء عبئاً مالياً ضخماً، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO) يتسبب تلوث الهواء في أكثر من 7 ملايين حالة وفاة مبكرة كل عام، وهذا أكثر من العديد من المخاطر الصحية الأخرى، بما في ذلك سوء التغذية وتعاطي الكحول وقلة النشاط البدني.
ويلحق تلوث الهواء خسائر فادحة بالاقتصاد العالمي: أكثر من 5 تريليونات دولار كل عام في تكاليف الرعاية و225 مليار دولار في الدخل المفقود.
ومن شأن معظم سياسات التخفيف من حدة تغير المناخ أن تقلل العديد من الملوثات نفسها التي تسبب تلوث الهواء، وبالتالي تخلق حلولًا مربحة للجانبين للصحة والمناخ والاقتصاد.
5. الاتفاقية تدعم صناعة الوقود الأحفوري لتصل قيمتها إلى 5 تريليون دولار، ويقدر صندوق النقد الدولي (IMF) أن صناعة الوقود الأحفوري تلقت 5.2 تريليون دولار من الإعانات العالمية في عام 2017.
6. قبل قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي عام 2019، حثت مجموعة من 515 مستثمرًا يديرون أصولًا بقيمة 35 تريليون دولار (يسيطرون على ما يقرب من نصف رأس المال المستثمر في العالم)، القادة على التعامل مع أزمة المناخ "بإلحاح شديد".
يدرك المستثمرون أن تغير المناخ يهدد الاستقرار في مجتمعاتنا واقتصاداتنا وبيئتنا، وأيضا تدرك العديد من الشركات، بما في ذلك 87 شركة ملتزمة بخفض الانبعاثات بما يتماشى مع هدف 1.5 درجة مئوية، أن أفضل طريق للمضي قدمًا هو اتفاقية باريس.