صفقة كورية بمليار دولار تفسد خطة «إنفيديا» لاحتكار الذكاء الاصطناعي.. كيف؟
أعلنت شركتا "ريبليونز" و"سابيون كوريا" الناشئتان في كوريا الجنوبية عن اتفاق اندماج نهائي بينهما سينتج عنه كيان جديد باسم الأولى والهيكل الفني للثانية، وبقيمة تناهز مليار دولار.
ورغم ضآلة القيمة السوقية للكيان الجديد (مليار دولار) فإن الصفقة ينظر إليها باعتبارها خطوة على طريق تسلكه الشركات الكورية الجنوبية لكسر هيمنة واحتكار الشركة العملاقة "إنفيديا" لسوق شرائح الذكاء الاصطناعي.
- ديونها 35 تريليون دولار.. هل ينقذ وارين بافيت أمريكا من الإفلاس؟
- تمثال زوجة مارك زوكربيرغ.. لماذا تثير «الهدية الباذخة» مخاوف علماء النفس؟
ومن المعروف أن شركة "إنفيديا" تتخطى قيمتها السوقية 3 تريليونات دولار، فكيف يمكن أن يهددها كيان صغير كهذا؟
تشريح سوق الذكاء الاصطناعي
سوق الذكاء الاصطناعي بشكل عام، سوق ضخم وتتنافس فيه عدة شركات عملاقة عبر مسارات مختلفة، أكثرها شهرة قطاع "نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي"، الذي ذاع صيته منذ إطلاق شركة "أوبن إيه آي" لنموذج الدردشة "تشات جي بي تي".
في هذا المسار تتنافس شركات مثل غوغل ومايكروسوفت وميتا، وغيرها.
لكن لإطلاق تلك النماذج وغيرها من التطبيقات المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، تحتاج الشركات إلى شرائح ذات قدرات معالجة خارقة، وهي رقائق ينظر إليها باعتبارها أكثر الآلات التي بناها البشر تعقيدًا على الإطلاق.
في هذا المسار، هناك فرق بين الشركات التي "تصمم" شرائح الذكاء الاصطناعي، وبين الشركات التي "تصنع" تلك الرقائق، ولكل منهما قوته السوقية على مستوى العالم.
نعلم الآن أن شركة مثل إنفيديا تهيمن على حصة تناهز 80% من سوق شرائح الذكاء الاصطناعي في العالم، بفضل عدة شرائح خارقة من تصميمها أشهرها شريحة A100 التي توصف بأنه لا ذكاء اصطناعي بدونها.
وعلى بعد مسافات من إنفيديا، تأتي شركات منافسة أخرى مثل AMD وإنتل.
ومع ذلك، فإنه لكي يتسنى تصنيع تلك الشرائح، يتعين على الشركات التحالف مع عمالقة أخرى في التصنيع، وهنا يظهر لنا أسماء شهيرة مثل TSMC التايوانية، أكبر مصنع شرائح في العالم، ثم سامسونغ الكورية الجنوبية، وإنتل أيضا.
ومع هذا التبسيط لمشهد صناعة الرقائق، يجب الإشارة إلى أن عملية تصنيع الرقائق الدقيقة تتضمن مئات الخطوات، لذلك هناك شركات أخرى في سلسلة الإمداد تتضمن مصانع السبك والطباعة الحجرية التي ترتب الرقائق الحديثة التي قد تحتوي على ما يصل إلى 100 طبقة، وفي هذا الصدد يبرز اسما مثل شركة ASML.
عصر التحالفات
تأتي الصفقة في إطار قيام شركات التكنولوجيا بتوحيد قواها محليًا وعالميًا لمواجهة هيمنة "إنفيديا" في قطاع رقائق الذكاء الاصطناعي، والتي تمتعت باحتكار شبه كامل في السوق المزدهرة، وفقا لصحيفة "ذا كوريا هيرالد".
كما ذكرنا، تستعين شركات تصميم الرقائق مثل إنفيديا بمصانع مثل TSMC لتصنيع الرقائق. وقد مثل تعاون الشركتين تحالفا ضخما اعتبره السوق بمثابة احتكار مستقبلي ما لم تتم مواجهته بتحالفات مواجهة في وقت مبكر.
في هذا الإطار، تحالفت شركة "سامسونغ" الكورية الجنوبية أيضا مع "إنتل" لكي تصنع الأولى ما تصممه الثانية.
وفقًا للخبراء، فإن عددًا متزايدًا من شركات التكنولوجيا الكبرى العالمية تبني أنظمتها البيئية الخاصة بالذكاء الاصطناعي وسط توقعات بالنمو المستمر في القطاع.
ويقول لي سونغ يوب، الأستاذ في كلية الدراسات العليا لإدارة التكنولوجيا بجامعة كوريا، إنه كان من المحتم أن تقوم شركات الصف الثاني مثل سامسونغ إلكترونيكس وإنتل بإقامة شراكات للتنافس مع إنفيديا على الرغم من تقنيات الرقائق المتقدمة لديها.
ولفت إلى أن إنتل ربما طلبت التحالف مع شركات تكنولوجيا كبرى أخرى على مستوى العالم، لكن كان من الصعب على الشركات الأخرى قبول العرض لأنها ربما تهتم أكثر بأعمالها مع إنفيديا.
صفقة ضئيلة تمهد لكسر الهيمنة
كلمة السر في هذه الصفقة هي النجاحات التي حققتها شركة ريبليونز في وقت قياسي برغم كونها شركة ناشئة تأسست عام 2020 على يد 5 مهندسين كوريين.
في كوريا الجنوبية، ينظر إلى تلك الشركة تحديدا على أنها أفضل أمل لمواكبة أو منافسة إنفيديا في مجال شرائح الذكاء الاصطناعي.
وقد نجحت الشركة في تصميم رقائق تدعى ATOMوهي ضمن وحدات المعالجة العصبية (NPUs) التي تستهدف تلبية احتياجات نماذج الذكاء الاصطناعي، وينظر إليها باعتبارها منافسا لشريحة A100 من إنفيديا.
لكن الجزء الأكثر نجاحا من قصة ريبليونز، هو أنها وصلت إلى نقطة الانطلاق الهائلة وهي "الإنتاج الضخم" لشريحتها بفضل صفقة مع "سامسونغ" وفقا لما أعلنته الشركة لصحيفة "ذا كوريان تايمز"، في مارس/آذار الماضي.
وتقول الشركة إن شريحتها أكثر كفاءة بخمس مرات في استخدام الطاقة مقارنة بوحدات معالجة الرسومات من إنفيديا، لأنها تحتاج إلى مراوح فقط للتبريد، بينما تحتاج شرائح إنفيديا إلى العمل في بيئة مكيفة، مما يعني المزيد من استهلاك الطاقة وتكاليف تشغيل أعلى.
وحتى يناير/ كانون الثاني الماضي، كان تقييم شركة ريبليونز قد وصل إلى 650 مليون دولار، بفضل حصولها على تمويلات في عدة جولات، وكانت أكثر الشركات الناشئة في مجال الشرائح حصولا على التمويلات.
وقد تلقت ريبليونز في يوليو/تموز الماضي، استثمارًا بقيمة 15 مليون دولار من شركة وعد فينتشرز، وهي ذراع رأس المال الاستثمارية لشركة أرامكو السعودية. وقالت ريبليونز إن هذا رفع إجمالي تمويلها إلى أكثر من 225 مليون دولار.
وتخطط ريبليونز لإطلاق شريحة الذكاء الاصطناعي الرائدة، Rebel، بحلول نهاية هذا العام.
على الجهة الثانية من صفقة الاندماج، تأتي شركة سابيون Sapeon التي تأسست كشركة ناشئة تتبع لمجموعة الاتصالات الكورية العملاقة "إس كيه تيليكوم".
ومن جانبها كشفت "سابيون" عن شريحة الذكاء الاصطناعي "إكس 330" من الجيل التالي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وأكدت الشركتان أنهما ستطلقان الكيان الجديد بسرعة لأن العامين المقبلين يمثلان نافذة حاسمة لكوريا الجنوبية من أجل تولي زمام المبادرة في قطاع شرائح الذكاء الاصطناعي التنافسي.