فتنة مليارات أفغانستان المجمدة.. ضحايا في أمريكا وجوعى بـ"كابول"
منذ سيطرة حركة طالبان على أفغانستان في شهر أغسطس/آب من العام الماضي. حرص المجتمع الدولي على تقديم يد العون لمواطنيها.
ولكن يوما بعد يوم يشهد الوضع الاقتصادي تأزما حيث تؤدي خسارة الوظائف ونقص السيولة وارتفاع الأسعار إلى ظهور طبقة جديدة من الجوعى في أفغانستان.
وفي الوقت الحالي تقف البلاد على شفا الانهيار الاقتصادي، حيث انخفضت العملة المحلية إلى أدنى معدلاتها على الإطلاق مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
جاء ذلك بعد أن تم تجميد الأموال التابعة لأفغانستان في الولايات المتحدة بعد انهيار الحكومة المركزية في كابل في أغسطس 2021.
وازداد الأمر تعقيدا منذ أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أنه وقع على أمر تنفيذي يسمح بتوزيع 7 مليارات دولار من الأصول المجمدة من البنك المركزي الأفغاني للمساعدة الإنسانية وضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية، التي ضربت نيويورك في أمريكا.
الحث على إعادة النظر
ومن جانبه حثت حكومة حركة طالبان الولايات المتحدة على إعادة النظر في قرارها بشأن أصول مجمدة للبنك المركزي الأفغاني، وطالبتها بعدم القيام بمزيد من "الأعمال الاستفزازية".
وقالت طالبان، التي تسيطر على مقاليد السلطة في أفغانستان، في بيان أصدرته الليلة الماضية: "إذا لم تعْدل الولايات المتحدة عن موقفها، وواصلت أعمالها الاستفزازية، فستضطر (الإمارة الإسلامية) أيضا إلى إعادة النظر في سياستها" تجاه أمريكا.
وقال مساعد المتحدث باسم طالبان في بيان رسمي نُشر على "تويتر" إن "اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول لا علاقة لها إطلاقًا بأفغانستان".
وطالبت الحركة الإدارة الأمريكية بالإفراج عن الأصول المجمدة، دون شروط.
وأثار قرار بايدن حالة من الغضب بين المواطنين الأفغان، ووصفه الرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي، بأنه "عمل وحشي".
وذكرت وسائل إعلام محلية أن مئات الأشخاص تظاهروا في كابول اليوم الثلاثاء احتجاجا على قرار بايدن.
ويقول سياسيون وأكاديميون أفغان إنه ليس من المقبول استخدام الأموال المجمدة لتعويض ضحايا هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، حيث لم يتورط أي أفغاني فيها، كما ليس من المقبول ضخ أموال البلاد الخاصة في صورة مساعدات.
كما يؤكدون أهمية عدم المساس بالأموال، من أجل ضمان استقرار العملة الأفغانية والنظام المالي للبلاد ككل.
وتقدر الأصول المجمدة لأفغانستان حاليا بنحو 9 مليارات دولار، 7 مليارات منها في الولايات المتحدة، والباقي بدول متفرقة.
وأشار مسؤول كبير في البيت الأبيض، خلال مؤتمر صحفي، إلى أنه من المهم جدا أن نحصل على 3,5 مليار دولار والتأكد من استخدامها لصالح الشعب الأفغاني، ومن جانب آخر، ضمان أن تتمكّن أسر ضحايا الإرهاب من إسماع صوتها أمام القضاء الفيدرالي الأمريكي.
الوضع معقد
وأقر المسؤول بأن الوضع معقد من الناحية القانونية، مشيرا إلى أن إعلان الجمعة كان مجرد بداية لإجراء قد يستمر عدة أشهر.
وهذا المسار الذي اختاره الرئيس الأمريكي بايدن، سيثير الكثير من الجدل، في الوقت الذي تشهد فيه أفغانستان أزمة إنسانية خطيرة.
وبلغت الاحتياطات الإجمالية للبنك المركزي الأفغاني نهاية أبريل/نيسان الماضي 9,4 مليار دولار، بحسب صندوق النقد الدولي.
ومع معاناة أكثر من نصف عدد سكان أفغانستان البالغ حوالي 40 مليون نسمة من الجوع الشديد، ومواجهة أكثر من مليون طفل لخطر الموت خلال فصل الشتاء القاسي الحالي، دعا أنطونيو جوتيرش الأمن العام للأمم المتحدة البنك الدولي في كانون الثاني/يناير الماضي إلى صرف 1.2 مليار دولار من أموال إعادة الإعمارلأفغانستان بشكل فوري من أجل تخفيف حدة الأزمة الإنسانية ومنع انهيار الاقتصاد.
وكان البنك الدولي قد حول بالفعل 280 مليون دولار إلى صندوق الطفولة وبرنامج الغذاء العالمي التابعين للأمم المتحدة. ولكن كما يرى كثيرون من الخبراء فإنه لا يمكن إطعام شعب بالكامل بالمساعدات.
ما زالت الانتقادات تتواصل لتعامل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مع ملف أفغانستان، بدءا من قرار سحب القوات الأمريكية من أفغانستان في الصيف الماضي والذي أدى إلى سقوط البلاد في قبضة حركة طالبان خلال أيام قليلة، وحتى قرارها الأخير الإفراج عن 7 مليارات دولار من أموال البنك المركزي المركزي الأفغاني كانت مجمدة لدى مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي.
غير مفيدة
وفي تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء قالت روته بولارد، الكاتبة الأسترالية المتخصصة في الشؤون الآسيوية، إنه من بين كل الإجراءات التي يمكن أن تتخذها إدارة بايدن في أفغانستان، تعتبر السيطرة على احتياطيات أفغانستان من العملات الأجنبية "غير مفيدة".
وتقول روته بولادر، الحاصلة على العديد من الجوائز الصحفية في تحليلها، إن المشكلة هي أن هذه ليست أموال الولايات المتحدة وإنما أموال أفغانستان، وبالتالي ليس من حق الأولى التصرف فيها. وقد يكون قرار واشنطن حرمان حركة طالبان من مليارات الدولارات الموجودة لدى مجلس الاحتياط الاتحادي مفهوما. فلا أحد يريد تدفق الأموال إلى نظام حكم قرر ببساطة أن يبدأ الحكم من حيث كان يقف قبل عقدين من الزمن، فيفرض قيودا على تعليم البنات في المدارس والجامعات، ويحرم المرأة من العمل ويخطف المحتجين والصحفيين ويقتل المعارضين.
aXA6IDMuMTUuMjExLjQxIA== جزيرة ام اند امز