محمد بن سلمان في القاهرة.. زيارة تجدد متانة العلاقات
تأتي زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلي القاهرة تأكيدا وامتدادا للعلاقات المتينة بين البلدين منذ تأسيس المملكة.
"المساس بمصر يعد مساسًا بالإسلام والعروبة، وهو في ذات الوقت مساسا بالمملكة العربية السعودية".. بهذه الكلمات رسخ خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز فصلا جديدا من فصول التعاون والإخاء في العلاقات السعودية – المصرية.
وعلي نهجه، سار الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، الذي وصل إلى القاهرة الأحد في زيارة تستغرق 3 أيام، ضمن جولة خارجية هي الأولي بصفته وليا للعهد، استهلها من أرض المحروسة.
ومن المقرر أن يناقش ولي العهد مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ملفات عدة، أبرزها: القمة العربية المقبلة في مارس/أذار، وأزمة قطر، والتدخلات الإيرانية في المنطقة، وملف الإرهاب.
مراقبون أشادوا بأهمية الزيارة؛ حيث تأتي في توقيت غاية في الأهمية نظرا لما تمر به المنطقة العربية والشرق الأوسط بأسره، وما توضحه من متانة العلاقات بين البلدين، خاصة في عهد الملك سلمان.
وتفند تصريحات الملك سلمان، منذ أن كان أميرا لمنطقة الرياض، وولي عهده الادعاءات القائلة بمرور العلاقة بين البلدين بفترات اتسمت بالجمود.
الملك سلمان.. تاريخ من دعم المصريين
ولعب الملك سلمان بن عبدالعزيز دورا كبيرا في إعادة العلاقات المصرية -السعودية إلي مسارها الطبيعي خلال فترة حكم الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز، حيث أزمة قطع العلاقات مع مصر علي خلفية زيارة الرئيس المصري أنور السادات إلي القدس وإلقاء خطاب الكنيست 1977.
وتأكيدا علي أهمية مصر، أوضح أمير الرياض، في زيارته للقاهرة 1987 أن الشعب المصري في مقدمة الشعوب العربية، ومن الواجب الاعتراف بدور الشعب المصري ومساهمته الفعالة في إمداد السعودية بالخبرة والأيدي العامة.
الأمر ذاته أكد عليه الملك سلمان بن عبدالعزيز مع توليه الحكم في السعودية، مؤكدا أن بلاده تقف إلي جوار الشعب المصري في مواجهة الإرهاب.
وتوجت العلاقات زيارة قام به خادم الحرمين وولي عهده إلي القاهرة في أبريل/نيسان 2016، وشهدت الزيارة التوقيع على 21 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين أبرزها إنشاء منطقة تجارة حرة في سيناء، وإقامة جسر يربط بين البلدين.
وبلغت القيمة الإجمالية للاتفاقيات، التي وقعت بين البلدين نحو 25 مليار دولار، كما شهدت الاتفاق علي إنشاء صندوق سعودي مصري للاستثمار برأسمال 60 مليار ريال.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أكد من جانبه علي متانة العلاقات بين بلاده ومصر، موضحا أن جميع محاولات النيل في العلاقات بين البلدين سيكون مصيرها الفشل.
وخلال تصريحاته للتلفزيون السعودي في مايو/أيار الماضي، قال محمد بن سلمان "العلاقات السعودية المصرية صلبة وقوية لا تتأثر بأي شكل من الأشكال. وتاريخياً مصر والسعودية تقفان مع بعضهما البعض في كل الظروف والأوقات، ولن يتغير هذا الشيء".
وأضاف "لم يصدر أي موقف سلبي من الحكومة المصرية تجاه السعودية، ولم يصدر موقف سلبي واحد من الحكومة السعودية تجاه الحكومة المصرية"، موضحا أن الإعلام الإخونجي يثير الشائعات لإحداث شرخ في العلاقات بين البلدين.
الملك عبدالله.. المساس بمصر مساس بالسعودية
وقامت المملكة السعودية بقيادة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، بدور كبير في دعم الدولة المصرية عقب ثورة يونيو/ حزيران 2013.
وقال الملك عبدالله حينها إن بلاده شعبا وحكومة تقف مع القاهرة ضد الإرهاب، موضحا أن رجال القوات المسلحة المصرية أخرجوا بلادهم من نفق يعلم الله أبعاده وتداعياته.
واعتبر الملك عبدالله أن المساس بمصر يعد مساسا بالإسلام والعروبة وبالمملكة العربية السعودية، داعيا لعقد مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين لمساعدتها في تجاوز أزمتها المالية، ومقدما مساعدات مالية قدرت بـ 4 مليارات دولار.
الملك فهد.. العلاقات ستبقى مدى الدهر
وإثر تدهور العلاقات العربية مع مصر، تعالت دعوات الملك فهد للزعماء العرب بالسماح لكل دولة علي حدة أن تعيد علاقاتها الدبلوماسية مع مصر دون إلزامها بقرار المقاطعة.
وأكد أن مصر هي "قلب العالم العربي وهي أخت كبيرة ودائما في أذهاننا". وخلال زيارته للقاهرة في مارس/أذار 1989، أكد الملك فهد أنه "مهما اعترضت العلاقات المصرية السعودية عقبات لا قيمة لها فهي راسخة بالقلوب والعقول، وأنها ستبقى مدى الدهر".
الملك فيصل.. لا بترول لداعمي أعداء مصر
كان للقرار، الذي أصدره الملك فيصل بن عبدالعزيز، أثناء حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 بقطع إمدادت البترول عن الولايات المتحدة والدول الداعمة لإسرائيل أثر كبير في تفوق المصريين بالحرب وشل حركة إسرائيل وداعمتها الكبرى واشنطن.
لم يقتصر الدعم السعودي لمصر على قطع إمدادت البترول، ليشمل مشاركة بعض القواد السعوديين في الحرب، كما حدث بتفقد الأمير سلطان بن عبدالعزيز خط المعركة في أحد الخنادق على الجبهة المصرية.