محمد بن زايد ومكافحة التطرف.. رؤية ثاقبة اجتثت جذوره
3 محاور دينية وقانونية وأمنية وضع ولي عهد أبوظبي من خلالها استراتيجية ورؤية ثاقبة جعلت التطرف عاجزا عن الاقتراب من حدود الإمارات
بهدوئه المعتاد واستقرائه للمستقبل، قاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الإمارات إلى رسم خريطة لمكافحة التطرف.
وأعلنت شبكة "روسيا اليوم" الإخبارية، اليوم الأربعاء، فوز الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بلقب "القائد العربي الأبرز" لعام 2019.
وجاء اختيار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن جدارة، بعد أن سجل في تاريخ الإنسانية بأحرف من نور عددا من المبادرات التاريخية والمواقف الإنسانية، أسهمت في نشر ثقافة التسامح والسلام في العالم ونزع فتيل عدد من الأزمات والتخفيف من حدتها، والوقوف حائط صد أمام أفكار التطرف والتشدد.
ويعيد اختيار الشيخ محمد بن زايد إلى الأذهان المحاور الثلاثة التي وضع من خلالها ولي عهد أبوظبي استراتيجية ورؤية ثاقبة جعلت التطرف عاجزا عن الاقتراب من حدود الإمارات، وهذه المحاور هي: (الديني والثقافي والإعلامي، القانوني والتشريعي، الأمني).
وفي تفاصيل إعلان فوز الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قالت "روسيا اليوم" إنه حصل على 68.6% من إجمالي عدد الأصوات، في استفتاء شارك فيه نحو 14 مليون شخص.
وكان من أبرز الشخصيات العربية التي تضمنها استفتاء "روسيا اليوم" الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
كما ضم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بالإضافة إلى الرئيس الجزائري الجديد عبدالمجيد تبون ونظيره التونسي قيس سعيد.
ويعد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان القائد الأبرز في صنع السلام وتكريس الاستقرار، والتسامح والتعايش في المجتمعات، فهو المبادر الدائم لإخماد الفتن وإطفاء النزاعات، والساعي إلى المصالحات، بحثاً عن السلام العالمي وسعياً لحقن الدماء، وحفظاً للإنسان وصوناً لكرامته.
وأهّلت تجربة الإمارات في مكافحة التطرف ونبذ التعصب ومحاربة الإرهاب ونشر التسامح، لتكون الدولة الخليجية التي صارت قبلة للإنسانية والسلام.
وتستند التجربة الإماراتية في مكافحة التطرف إلى رؤية تنطلق منها جهود الدولة في المكافحة، وتنفرد بكونها لا تنظر للإرهاب والتطرف على أنه تهديد داخلي فحسب، وإنما تهديد لأمن واستقرار محيطها الإقليمي القريب ومحيطها الدولي.
وتؤمن قيادة الإمارات بأنه وإن تلاشى الخطر المباشر للإرهاب عليها آنيّا أو حتى مستقبلا، فإنه لا يمكنها أن تعيش مستقرة في ظل محيط غير مستقر يعاني من ويلات الإرهاب والتطرف، لذا تسعى الإمارات دائما إلى تعميم تجربتها الناجحة في مكافحة التطرف ونشرها إقليميا ودوليا.
هنا لا يبدو غريبا أن الإمارات وإن كانت من أقل دول العالم تعرضا لخطر الإرهاب وأقلها تضررا منه، لكنها من أكثرها حرصا على مكافحته واجتثاثه من جذوره أينما كان موضعه.
وترتبط الاستراتيجية الإماراتية أيضاً بأن مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب أصبحت على رأس أولويات صناع القرار في الدولة ومحركا أساسيا لسياستها الخارجية، وليس فقط لسياساتها الداخلية.
ولا يخفى أن الإمارات انتبهت مبكرا إلى أهمية إيجاد استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب، ومقاربات غير تقليدية لا تقتصر فقط على المقاربة الأمنية؛ بل تؤمن برؤية استباقية تذهب لمكامن الخطر وبؤر التهديد بدلا من انتظارها.
وفي سبيل ذلك تبنت الإمارات حلولا غير تقليدية كضرورة تجفيف المنابع الفكرية والثقافية التي تغذي التطرف وتحرض على الكراهية على المستوى المحلي وعلى المستويين الإقليمي والدولي، ومن ثم كانت الإمارات من أوائل الدول التي دعت إلى ضرورة أن تواكب الحملات الأمنية ضد الإرهابيين، حملات فكرية تفند أكاذيبهم.
استراتيجية المحاور الثلاث
تبنت قيادة الإمارات المحور الديني والثقافي والإعلامي كجسر لتصحيح الأفكار المغلوطة التي يتغذى عليها التطرف، ومن بينها مجلس حكماء المسلمين، الذي يهدف إلى تحقيق السلم والتعايش في العالم الإسلامي ومحاربة الطائفية.
كما تستضيف دولة الإمارات المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، والذي يلعب دورا مهما في تجديد الخطاب الديني من خلال إيجاد قواعد وأصول وأحكام تعزز من قيم المواطنة والتسامح والتعايش المشترك ونبذ الإرهاب والتطرف.
وبات لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة دور محوري في تعزيز قيم التسامح والتقريب بين الشعوب وترسيخ ثقافة الحوار بين الثقافات والديانات والحضارات المختلفة وإعلاء قيمة الإنسانية وفضيلة العيش المشترك.
كما تعد الإمارات من أبرز الدول الداعمة للمركز الدولي لمكافحة التطرف العنيف "هداية"، والذي تستضيفه عاصمتها أبوظبي، كما تعتبر من الأعضاء المؤسسين لمركز "صواب" الهادف لمواجهة أكاذيب "داعش" عبر الإنترنت وفضحها عبر إطلاق حملات توعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بما يسهم بالتصدي للخطاب المتطرف.
وقبل كل ذلك ومعه وبعده، قامت الإمارات من خلال الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بغرس وتعزيز قيم إنسانية سامية كالاعتدال وقبول الآخر والتعايش والتسامح والوسطية في المجتمع الإماراتي.
ولم تقتصر الإمارات في جهود مكافحتها للتطرف على تحصين الشباب من الخطاب الإرهابي فقط، بل حرصت أيضا على أن يكون الشباب في مقدمة من يقود الجهود الرامية لمنع التطرف، فقامت بتأسيس مجالس للشباب لتشكل جسرا للتعبير عن آراء الشباب وطموحاتهم.
أما المحور الثاني (القانوني والتشريعي) ففيه كثفت قيادة الإمارات جهودها لصياغة منظومة تشريعية كاملة تعالج كافة أوجه الظاهرة الإرهابية وسد كافة الثغرات التي يمكن أن تنفذ من خلالها.
ولعل أبرز الأمثلة على ذلك القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 في شأن مكافحة الجرائم الإرهابية، والذي تضمن عقوبات مشددة على الأفعال والجنايات التي ترتكب لغرض إرهابي.
وحدد القانون الغرض الإرهابي بأنه اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعل أو الامتناع عن فعل بشكل غير قانوني، وذلك بقصد إحداث نتيجة إرهابية مباشرة أو غير مباشرة أو علم الجاني بأن من شأن الفعل أو الامتناع عن الفعل، تحقيق نتيجة إرهابية.
ثم القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية الذي يجرم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة كل أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير.
ويحظر القانون التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين، أو العقيدة، أو المذهب، أو الملة، أو الطائفة، أو العرق، أو اللون، أو الأصل الإثني.
وهناك أيضاً قانون "مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة"، وفي جهود مكافحة تمويل الأنشطة الإرهابية وتجفيف منابعها قدمت الإمارات مثالا يحتذى به، وكان محل إشادة دولية وذلك بإصدارها في أكتوبر/تشرين الأول 2018 قانون "مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة".
وأخيراً (المحور الأمني)؛ إذ استغلت الإمارات المنابر الدولية كافة، للتأكيد على أهمية تعزيز التنسيق والتعاون الفاعل على المستوى الدولي، بما في ذلك تطوير شراكات دولية واسعة ووثيقة ترمي إلى مكافحة الخطاب الإرهابي، وتعزيز تبادل المعلومات والمشاركة الأفضل للممارسات المعمول بها بين الدول لتحسين جهود المكافحة.
كما تترأس الإمارات بالاشتراك مع الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة مجموعة العمل المعنية بالتواصل الاستراتيجي التابعة للتحالف ضد "داعش".
وقد أشاد التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية الصادر في أبريل/نيسان 2017 بالجهود الإماراتية في مكافحة الإرهاب، وتعاونها البناء مع المجتمع الدولي في هذا الصدد.
وفي تحرك منسق وسريع إزاء المخاطر والتهديدات الإرهابية التي تنطلق من الفضاء الإلكتروني استضافت الإمارات في مايو/أيار 2017 المؤتمر الدولي لتجريم الإرهاب الإلكتروني، الذي صدر عنه "إعلان أبوظبي حول تجريم الإرهاب الإلكتروني".
وما بين هذا وذاك، أعلنت الإمارات في ديسمبر/كانون الأول 2017 عن تقديم مساهمة بقيمة 30 مليون يورو لدعم القوة المشتركة لدول الساحل الأفريقي لمحاربة ومكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة.
ويبقى أهم ما يميز التجربة الإماراتية في مكافحة التطرف والإرهاب عن غيرها هو قيامها على رؤية استباقية وتبنيها مقاربات غير تقليدية تعتمد على شمول المواجهة وديمومتها واستمراريتها عبر منهجية علاج ذات ركائز متنوعة.
aXA6IDE4LjExOC4xNDQuOTgg جزيرة ام اند امز