تحالف الوقود الحيوي.. العالم على الطريق الصحيح
تباينت المواقف خلال قمة مجموعة العشرين التي استضافتها الهند واختتمت أعمالها الأحد بشأن عدد من القضايا
وفي مقدمتها قضايا تغير المناخ والانتقال إلى أنظمة الطاقة منخفضة الكربون.
لكن ورغم الاختلافات كان من النتائج الجيدة للقمة الـ18 لمجموعة العشرين توجه نحو العمل المناخي المشترك أو فتح أفق أوسع للتنمية، التي أسفرت عن إطلاق التحالف العالمي للوقود الحيوي.
ويهدف التحالف الذي تقوده جمهورية الهند ويضم الولايات المتحدة والبرازيل وبريطانيا كأعضاء مؤسسين، كما يضم دولة الإمارات وعدة دول أخرى، إلى تطوير وتعزيز استخدام الوقود الحيوي المستدام.
- ميثاق التضامن المناخي.. ختام قمة "G20" ورهان العمل الجماعي
قمة العشرين.. رئيس الإمارات يشهد إعلان إنشاء "ممر" اقتصادي عالمي جديد
ويساعد التحالف في تسريع الجهود العالمية لتحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفرية من خلال تسهيل التجارة في الوقود الحيوي المشتق من مصادر طبيعية.
وأشار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى أنه تم إنشاء هذا التحالف، بهدف حماية البيئة وتعزيز التحول في مجال الطاقة، داعيا جميع الدول للانضمام لهذا التحالف.
وقال وزير النفط الهندي هارديب سينغ بشأن التحالف إنه "سيقدم مساعدة من خلال تشجيع تجارة هذا الوقود في العالم وتطوير سياسات ملموسة بشأن تبادل الدروس وتعزيز تقديم الدعم الفني للبرامج الوطنية في أنحاء العالم"، فيما اقترحت الهند أيضا زيادة حصة الإيثانول في البنزين عالميا إلى 20%، مما يقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة.
مستقبل الوقود
أكدت دولة الإمارات أن إطلاق التحالف العالمي للوقود الحيوي مبادرة عالمية رائدة تشكل منصة داعمة للجهود العالمية المبذولة لتعزيز التحول في قطاع الطاقة ومكافحة التغير المناخي.
وأقر وزراء الطاقة في الأرجنتين وبنغلاديش والبرازيل وكندا والهند وإيطاليا وكينيا وموريشيوس وباراغواي وسيشيل والإمارات وأوغندا والولايات المتحدة، خلال اجتماعات وزراء الطاقة لمجموعة الـ20، والتي عُقدت بولاية غوا الهندية، بأهمية الدور الذي يمكن أن يؤدّيه هذا الوقود النظيف في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وشدد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي التزام بلاده بتعزيز مصادر الطاقة النظيفة، واتّباع نهج تعاوني في مواجهة التحديات العالمية، معلنًا انضمام بلاده إلى التحالف العالمي للوقود الحيوي، وخطط مضاعفة إنتاج الهيدروجين بحلول عام 2050.
ولفت المزروعي لمناقشة كيفية التصدي لتحديات تحول الطاقة وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، إلى أن خطوة الانضمام إلى التحالف العالمي للوقود الحيوي تمثّل جزءًا من جهود الإمارات لتنويع مزيج الطاقة وتقليل البصمة الكربونية.
وأشار إلى أن بلاده تطمح لتكون نموذجًا يُحتذى به في الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة، إلى جانب مواصلة تلبية احتياجات الطاقة العالمية الحالية، والاستثمار في أنظمة الطاقة المستقبلية.
وقال: "شهد قطاع الطاقة في دولة الإمارات تطورات ضخمة تضمن السير في الطريق الصحيح لتحقيق هدف الحياد الكربوني".
وعملت دولة الإمارات على تحديث إستراتيجية الطاقة 2050، وحددت أهدافًا طموحة لعام 2030، إلى جانب تعزيز مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، ومضاعفتها 3 أضعاف.
كما تتضمن الإستراتيجية زيادة كفاءة استعمال الطاقة للأفراد والشركات حتى 45%، وزيادة مساهمة الطاقة النظيفة إلى 32% من مزيج الطاقة، وتحقيق معدل انبعاثات الشبكة بمقدار 0.27 كيلوغرامًا من ثاني أكسيد الكربون/كيلوواط/ساعة بحلول 2030.
وتمتلك دولة الإمارات حاليًا العديد من مشروعات تحويل النفايات إلى طاقة، سواء قيد التطوير أو التشغيل، بالإضافة إلى تعزيز الجهود لاستعمال الوقود الحيوي وقودًا نظيفًا لقطاع الطيران.
الطاقة النظيفة على أجندة COP28
الإمارات بصفتها الدولة المضيفة لمؤتمر الاطراف COP28، ترى أن الانتقال العالمي في مجال الطاقة ضمن أولويات دخول أعمال المؤتمر، وستعمل على حشد وتنسيق الجهود مع جميع المشاركين من أجل زيادة القدرة الإنتاجية من الطاقة المتجددة 3 أضعاف.. إلى جانب مضاعفة إنتاج الهيدروجين بحلول عام 2030، بما يتماشى مع الأولوية العالمية لخفض الانبعاثات بنسبة 43% بحلول عام 2030"، بحسب المزروعي.
وأطلقت دولة الإمارات الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين، إذ تهدف لتكون منتجًا ومصدرًا للهيدروجين منخفض الكربون بحلول عام 2031.
كما تستهدف إنتاج 1.4 مليون طن من الهيدروجين منخفض الانبعاثات سنويًا بحلول عام 2031، منها 71.4% من الهيدروجين الأخضر، مع خطط لزيادة الإنتاج 15 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050.
في المقابل تعد الولايات المتحدة، المنتج الرئيس للوقود الحيوي في العالم، وحولت العام الماضي فقط 36% من إجمالي إمدادات الذرة إلى الوقود الحيوي، في حين مثّل وقود الديزل الحيوي 40% من إمدادات زيت فول الصويا.
وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى ضرورة مضاعفة الإنتاج العالمي للوقود الحيوي 3 مرات بحلول 2030، لضمان وضع نظام الطاقة العالمي على المسار الصحيح نحو الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
مبادرة وقود الإيثانول
المبادرة التي أطلقتها الهند تتفق مع مخططها للطاقة النظيفة من خلال مزج مادة الإيثانول المستخرجة من قصب السكر مع الوقود، والذي تعتبره حلاً لتقليل اعتمادها على واردات النفط باهظة الثمن وخفض انبعاثات الكربون الملوثة للجو.
وكما هو الحال في الهند اتّجهت بعض الدول إلى التوسع في الوقود الحيوي منذ سنوات، لا سيما البرازيل والولايات المتحدة، في إطار خطط انتقال الطاقة والبحث عن مصادر بديلة للوقود الأحفوري، ما قد يمثّل فرصة أمام التحالف الدولي للوقود الحيوي.
وتقدر الحكومة الهندية أن مبادرة مزج الإيثانول مع الوقود ستهبط بفاتورة استيراد وقود السيارات في الهند بنحو 4 مليارات دولار سنويا.
تستورد الهند نحو 76% من النفط الخام من دول مختلفة أبرزها دول خليجية، ومن المتوقع أن يرتفع اعتماد البلاد على النفط المستورد إلى 90% بحلول 2030، وقد يضاعف الطلب المتزايد على المواد الخام فاتورة استيراد النفط إلى 181 مليار دولار بحلول نهاية العقد الحالي بحسب وكالة الطاقة الدولية.
كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في تصريحات سابقة قد قدم الموعد النهائي لتحقيق مزج الإيثانول مع الوقود بنسبة 20% من 2030 إلى 2025 بمعدل مزج حالي 8.5%، ووصف الإيثانول بأنه احدى الأولويات الرئيسية للطاقة في القرن الحادي والعشرين.
كذلك في الولايات المتحدة، يُعتبر الإيثانول المستخرج من الذرة الوقود الحيوي الرئيس، حاولت واشنطن الحد من ارتفاع أسعار البنزين من خلال السماح باستمرار مستوى المزج الأعلى، الذي يتم خفضه عادةً خلال أشهر الصيف بسبب مخاوف من التلوث، بشكل مؤقت.
وفي حين حذرت الصين منتجي الإيثانول من أنها "ستسيطر بصرامة على معالجة وقود الإيثانول من الذرة"، تمضي الهند قدماً في أهداف زيادة حصص المزج، وارتفعت أسعار السكر، المادة الأولية الرئيسة للإيثانول الحيوي في البلاد، بشكل أقل من المحاصيل الأخرى.
استحوذ الوقود الحيوي السائل على 4% من إجمالي المعروض العالمي لإمدادات وقود النقل عام 2022، إلا أن معدلات انتشار هذا الوقود ما زالت تسير بسرعة أقل من المطلوب.
ووفقًا لتقرير خاص أصدرته وكالة الطاقة الدولية يتركز أغلب إنتاج الوقود الحيوي في البرازيل والهند وأميركا بوصفها الدول الرائدة في إنتاجه عالميًا، فيما تستحوذ 4 أسواق فقط على 80% من إنتاج الوقود الحيوي عالميًا في الوقت الحالي، وهي: الولايات المتحدة والبرازيل وأوروبا وإندونيسيا.
وتمثّل الأسواق الـ4 السابقة 50% من الطلب العالمي على وقود النقل، وسط تقديرات بانخفاض هذه الحصة إلى 40% بحلول عام 2028، مع زيادة التوسع في إنتاجه خلال السنوات المقبلة.
ويتطلب التوسع في إنتاج الوقود الحيوي المستدام زيادة استعماله في الأسواق الحالية خاصة في قطاع النقل، وتوفير أسواق جديدة خارج الأربع الرئيسة.
مزايا وقود الإيثانول الحيوي
- بديل للبنزين، ولكن شريطة وجود سيارة تعمل به، وإلا من الممكن أن يتسبب استخدامه في تعرض السيارة للتلف.
- استخدامه يمكن أن يخفض عدد الأميال لكل جالون بنسبة 25%.
- تكلفته أرخص بكثير من الوقود العادي، كما أن حرق الوقود النظيف يحافظ على محرك السيارة في حالة جيدة، ومن ثم يقلل استخدام هذا الوقود من تكاليف الصيانة والإصلاحات.
- ينتج عن الوقود المتجدد مثل الإيثانول الحيوي انبعاثات كربونية أقل، كما أن عملية تصنيع الإيثانول صديقة للبيئة.
- الذرة المصدر الرئيسي لإنتاج الإيثانول في الولايات المتحدة الأمريكية يليها فول الصويا بالإضافة إلى قصب السكر في بلدان مثل الهند.
في المقابل يرى خبراء أن استخدام الوقود الحيوي لا يمكن أن يقفز بشكل كبير من دون الإضرار بالبيئة.
وقال مايك ماراهرينز من مجموعة النقل والبيئة مقرها بروكسل إنه في الاتحاد الأوروبي، يتم حرق نحو 10000 طن من القمح، أي ما يعادل 15 مليون رغيف خبز، يومياً كإيثانول في السيارات.
في حين يرد مؤيدو صناعة وقود الإيثانول بالقول إن معظم الحبوب المستخدمة في إنتاج الوقود هي قمح العلف، الذي يدخل في أغذية الحيوانات، بدلاً من طحن القمح، الذي يُحوّل إلى خبز.
وقال مسؤولون في قطاع الوقود الحيوي إن الوقود الحيوي يخلق كفاءات تغذي الحيوانات والبشر بشكل غير مباشر.
وتُعدّ الصناعة منتجاً مهماً للأعلاف الحيوانية، إذ إن عملية تحويل الحبوب إلى إيثانول تخلق بروتينات ومنتجات ثانوية للدهون تتم تغذيتها للدجاج والأبقار والخنازير.
ومن أبرز التحديات التي تواجه انتشار الوقود الحيوي عالميًا هو ضعف توافر المواد الأولية المستعملة في صناعته، وغياب التوافق الدولي بشأن معايير الاستدامة الخاصة بالصناعة، إلى جانب بطء تسويق التقنيات المتصلة بإنتاجه في العالم.
وتتبع البرازيل والهند والولايات المتحدة سياسات تحفيزية للصناعة منذ سنوات، ما أسهم في احتفاظها بمعدلات نمو سنوية في إنتاج هذا الوقود تجاوزت 20% خلال السنوات الـ5 الماضية.
يشار إلى أن مصادر إنتاج الوقود الحيوي متعددة من النباتات والمخلفات الحيوانية، إلى جانب مخلفات النفايات المنزلية وغيرها، وتركز مبادرة الهند بشأن وقود الإيثانول على النوع السائل -الأكثر شهرة في الوقت الحاضر- والذي يشمل الإيثانول والديزل الحيوي والزيوت النباتية، وغالبًا ما يخلط مع المشتقات النفطية ويستعمل بصفته وقودًا بديلًا لمحركات السيارات.
ويمكن إنتاج النوع السائل من النباتات المحتوية على السكر، أو النشاء، مثل: قصب السكر والشمندر السكري والذرة والصويا والفستق ودوار الشمس والذرة والنخيل.
أما النوع الغازي فيشمل غاز الميثان المستخرج من تحلل النباتات والمخلفات وروث الحيوانات، وغالبًا ما يُستعمل لتوليد الكهرباء وعمليات التدفئة والتسخين.
ورغم الاهتمام المتصاعد بإنتاج الوقود الحيوي في الدول الصناعية، خلال السنوات الأخيرة، في إطار خطط الوقود النظيف، فإنه يواجه بانتقادات أخرى متصلة بإسهامه في زيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية في شتى أنحاء العالم، نتيجة استعمال جزء كبير منها في إنتاج الوقود.
aXA6IDMuMTQzLjIxOC4xODAg
جزيرة ام اند امز