نزيف دارفور.. تحدٍ يواجه مسار الانتقال بالسودان
بعد أيام قليلة من انتهاء ولاية "يوناميد"، عاد العنف مجددا لدارفور غربي السودان، وهو ما شكل تحديا لمسار الانتقال في البلاد، وفق خبراء.
وفي وقت كان يتطلع سكان دارفور إلى استقرار دائم بموجب اتفاق السلام المبرم في جوبا، غرقت مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور في بحر من الدماء إثر مواجهات قبلية خلفت 83 قتيلا و160جريحا، وفق إحصائية رسمية صادرة الأحد.
وتأتي هذه التطورات بعد فترة وجيزة من اشتباكات قبلية دامية شهدتها منطقة قريضة بولاية جنوب دارفور، خلفت عشرات القتلى والجرحى.
ولايتا وسط وشرق دارفور، تشتكيان أيضا من انفلات أمني، واعتداءات من مليشيات مسلحة على السكان المدنيين، وهو واحد من المظاهر التي تثير قلق المهتمين.
ويفسر الصحفي والمحلل السياسي محمد علي محمدو، ما يجري في دارفور حاليا بأنه امتداد لسياسة "فرق تسد" التي انتهجها نظام الإخوان المعزول، والمتمثلة في دفع المكونات الاجتماعية للاقتتال فيما بينها بغرض إضعافها لمصلحة استمراره.
ويرى محمدو خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" ضرورة أن تسرع السلطة الانتقالية لتغيير الواقع على الأرض، والتعاطي بشكل مختلف مع الاقتتال القبلي، بفرض هيبة القانون ونزع السلاح ودمج كافة المليشيات في القوات المسلحة.
وشدد على أهمية اختيار حكام لدارفور وكافة قيادات العمل العام من شخصيات ليس لهم علاقة بالمكونات القبلية الموجودة هناك، حتى لا يتدخلوا بوعي أو بدونه في تأجيج الصراعات.
ولا يستبعد ضلوع عناصر نظام الإخوان المعزول في تأجيج الصراع القبلي بدارفور بغرض فرض مزيد من الضغط على الحكومة الانتقالية والعصف باتفاق السلام الذي تحقق.
وتشكل التطورات الأمنية بالجنينة وبقية بلدان دارفور، وفق محمدو، تهديدا لاتفاق السلام المبرم في جوبا، ومسار الانتقال الديمقراطي في السودان، ما يستوجب تلافي الموقف بشكل عاجل.
وسارعت السلطة الانتقالية بإرسال وفد بقيادة النائب العام تاج السر الحبر، إلى الجنينة ضمن محاولات لاحتواء الموقف هناك.
وإلى جانب الإجراءات العاجلة فإن الحكومة أيضا بصدد تشكيل قوات مشتركة قوامها 12 ألف جندي لحفظ الأمن بدارفور عقب انسحاب يوناميد، ضمن استراتيجية وطنية لحماية المدنيين في الإقليم.
لكن ثمة من يرى بطئا حكوميا في تنفيذ هذه الخطط، الشيء الذي من شأنه تعقيد الأوضاع الأمنية بدارفور.
واعتبر الخبير العسكري، طارق محمد عمر أن القوات المشتركة المقترحة يمكن أن تسد الفراغ الأمني الذي خلفه خروج بعثة اليوناميد بإقليم دارفور، ويجب الإسراع في تكوينها.
وأطلق عمر الذي تحدث لـ"العين الإخبارية" تحذيرات من مغبة استمرار الوضع الحالي دون تدخلات قوية، لافتا إلى أن ذلك من شأنه أن يقود لوضع فوضوي في إقليم دارفور تمتد أثاره لبقية أنحاء السودان.
وقال إن "الأمن مسؤولية الجهات العسكرية والسيادية، ولابد من تفعيل دور وصلاحيات الأجهزة الأمنية في المناطق الملتهبة وعقد محاكمات فورية للمتورطين في جرائم القتل".
ويتسم الوضع في إقليم دارفور الذي عاش تحت وطأة الحرب لأكثر من 17 عاما، بالهشاشة، ونسيج اجتماعي متهالك، وهو ما يغذي الصراع القبلي، وفق مراقبين.
وتضمنت اتفاقية السلام المبرمة في جوبا بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، حلولا لجذور الأزمة في دارفور وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية، لكنها لم ترى النور بعد.
وخلفت حرب دارفور نحو 600 ألف قتيل وتشريد 2.5 مليون شخص، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.
aXA6IDE4LjE5MS4xMDMuMTQ0IA== جزيرة ام اند امز