بوريل في مهب "رياح الغابة".. سياسيون وخبراء أوروبيون يطالبونه بالاستقالة
غضب عارم وانتقادات لاذعة ودعوات للتنحي.. كانت هذه ردود الأفعال على حديث وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل المثيرة للجدل.
هذا الغضب العارم كان في قلب القارة الأوروبية التي ظنها بوريل "حديقة"، محاطة بأدغال، فيما تصريحاته تركت أثرا سلبيا للغاية حول العالم، وحركت مشاعر كان يظنها البعض انتهت قبل عقود.
فالدبلوماسي الذي يعد مخضرما، وفق سجله الوظيفي، لم يبد كذلك في افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية في بروكسل، قبل أيام، ووصف الممثل الأعلى للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، القارة الأوروبية بأنها "حديقة"، ومعظم العالم بـ"الغابة".
بوريل الذي كان يخاطب دبلوماسيين منتظرين بلغة بعيدة تمام البعد عن الدبلوماسية، أضاف أن "البستانيين يجب أن يعتنوا بالحديقة، لكنهم لن يحموا الحديقة ببناء الجدران".
وتابع: "حديقة صغيرة جميلة، تحيط بها الجدران العالية لمنع الغابة من الدخول لن تكون حلا"، موضحا "ولأن الغابة لديها قدرة كبيرة على النمو، لن يكون الجدار عاليا بما يكفي أبدا".
الأكثر من ذلك أن بوريل استعاد جمل من حقب بائدة، وقال: "يجب أن يذهب البستانيون للغابة. وأن يكونوا أكثر انخراطا مع بقية العالم، وإلا فإن الغابة ستغزونا".
تصريحات بوريل أثارت غضبا عارما حتى داخل المؤسسات الأوروبية نفسها، إذ قالت سفينيا هان، عضوة البرلمان الأوروبي: "لا يزال لغزا كيف انتهى بنا المطاف مع شخص غير دبلوماسي مثل بوريل بصفته أكبر دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي".
وتابعت في تغريدة عبر "تويتر": "في مثل هذه الأوقات، نرى الحاجة إلى وزير خارجية حقيقي في الاتحاد الأوروبي وسياسة خارجية مشتركة.. نحن بحاجة إلى إصلاح الاتحاد الأوروبي وتقليص دور المفوضية. ترشيح الدول الأعضاء لشاغلي المناصب ليس مؤهلاً كافياً".
الانتقاد جاء أيضا من زملاء المهنة؛ إذ كتب الدبلوماسي الكندي البارز، بوب ري على "تويتر": "تابعت الموضوع. يا له من تشبيه رهيب قام به بوريل".
وتابع، وفق ما طالعته "العين الإخبارية": "من المؤكد أن التاريخ وتجربتنا الحية تعلمنا أنه لا يوجد جزء من العالم يخلو من العنف".
الغضب والانتقاد تحول إلى التشكيك في استحقاق بوريل لوظيفته، إذ كتب ماريك كلاين الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد؛ وهي إحدى أعرق الجامعات في العالم، "كان بوريل ولا يزال غير مناسب على الإطلاق لوظيفة الممثل الأعلى للشؤون الخارجية".
نغمة استعمارية
وتعليقا على تصريحات وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، قال فيليب مارليير، أستاذ الدراسات الأوروبية بجامعة لندن، على حسابه بـ"تويتر"، "قال جوزيب بوريل إن أوروبا حديقة. ومعظم بقية العالم غابة ويمكن للغابة أن تغزو الحديقة".
وأضاف مارليير أن "هذا التشبيه مسيء بشكل رهيب، وله نغمات استعمارية وعنصرية قوية"، وفق ما طالعته "العين الإخبارية".
أما المحللة والباحثة، ماريا دوبوفيكوفا، فرأت في تصريحات بوريل، استعادة لنغمة عنصرية ولت، تفيد بأن "الأوروبيين هم الأشخاص المتميزون" في هذا العالم.
الجمعية الدولية، وهي مؤسسة تنشط في إقليم كتالونيا الإسباني، فقالت في بيان مقتضب: "هذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها وزير الخارجية الإسباني السابق، جوزيب بوريل، ادعاءات مثيرة للجدلَ".
وتابعت: "ولكن من المقلق للغاية أن نرى الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي يقول مثل هذه التعليقات العنصرية والتي تبرز (نظريات) التفوق الأوروبي، مع الإفلات التام من العقاب".
طلبات بالاستقالة
الباحث الأمريكي من أصول إثيوبية، ديفيد كينج، كتب على "تويتر": "يجب أن يقدم جوزيب بوريل بصفته بستانيا عنصريا في أوروبا، استقالته واعتذاره لأولئك الذين يٌسمون الغابة".
الدكتور ديفيد ولو، الخبير السياسي والمتخصص في الشؤون الجيوسياسية، كتب على "تويتر": "غباء رئيس السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بوريل يلحق به.. بعد أن وصف العالم خارج أوروبا، بالأدغال وهدد بالقضاء على الجيش الروسي، تراجع عن تصريحاته".
وأشار إلى أن "هذا الرجل موهوم ويحتاج إلى دورة مكثفة حول الجغرافيا السياسية حتى يتمكن من وضع الأمور في نصابها.. هل حان الوقت لتقاعده؟".
بدوره، قال الباحث ثورستون بينر، على حسابه بـ"تويتر": "ستكون ملاحظات بوريل في الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية، بمثابة مادة تعليمية لأجيال من الطلاب في الأكاديميات الدبلوماسية وبالتحديد في دورات تدريبية تحلل أسوأ ممارسات الاتصال العام".
لكن هناك قراءة أخرى لتصريحات بوريل، قدمها دانييلي روفينيتي، الخبير الإيطالي، إذا قال لـ"العين الإخبارية": "ربما كان خطاب بوريل علامة على الزخم، يؤكد الاتحاد الأوروبي على موقفه إلى جانب الديمقراطيات، إلى جانب أمريكا (ولكن أيضًا مع اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية)، وضد جبهة الاستبداد (المكونة من دول روسيا والصين وإيران)"، وتابع "أنها مسألة نماذج لإدارة النظام العالمي".