بكل وضوح.. ما يجري في هذه الحملة والتصعيد الإعلامي حولها هو أخطر من الحملة ذاتها
لم يكن اختيار منتجات جبل علي في دولة الإمارات العربية المتحدة مجرد حرص على صحة الفرد الخليجي أو رغبة في البحث عن الجودة لما نركب أو نلبس، قد أتفهم هذه الحملة لو كانت في سياق مختلف عن هذا الذي يحدث الآن، ولكن السياق السياسي والأهداف المستترة والتوقيت ليس بالإمكان القدرة على إخفائها، وخلال الأيام الماضية حاولت جاهدا أن أجد مسارا فكريا أو منهجيا يمكن من خلاله أن أحسن النية في تلك الحملة وأهدافها.
بكل وضوح نحن نتعرض في الخليج إلى حرب خفية و"منهج خفي" يقوم على بناء منتجات سياسية توجه أهدافها لضرب الوعي الاجتماعي عبر التشكيك وتزييف الحقائق، وهو أخطر من الحرب التقليدية؛ لأن البشر بطبيعتهم أعداء ما يجهلون ويسهل استنزاف قدراتهم ووعيهم لتأييد حملات إعلامية مضادة تم بناؤها لضرب تلك المجتمعاتبكل وضوح ما يجري في هذه الحملة والتصعيد الإعلامي حولها هو أخطر من الحملة ذاتها، فهل الشعوب الخليجية لم تعد قادرة بوعيها على بناء مصدات معرفية لمثل هذا الهجوم المتعمد، شريان الحياة هو الاقتصاد، خاصة في الدول الخليجية ذات النمط الاستهلاكي، ولذلك كانت الفكرة الرئيسية والسيئة خلف هذه الحملة لإرباك الطبيعة الاقتصادية في دولنا تقوم على التشكيك بعمق والاستفادة من كل المعطيات الإعلامية، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي التي توجد اليوم بيد كل فرد خليجي.
في الحقيقة ما نحتاج إليه اليوم كشعوب خليجية ليس مقاطعة المنتجات الاستهلاكية التي تشكل التجارة البينية بين دول الخليج الكبرى والمؤثرة في مستوى الاقتصاد الخليجي، ما نحتاج إليه اليوم هو مقاطعة المنتجات السياسية ذات التأثير المباشر على الوعي المجتمعي، والتي تضخ إلينا عبر قنواتهم الفضائية أو جيشوهم الإلكترونية، وهي منتجات أخطر في تأثيرها من الصراع السياسي بين الدول على منصات الإعلام؛ لأن ما تستهدفه المنتجات السياسية هو حصن الوعي المجتمعي.
فهذه الحملات تمتلك استراتيجيات ماكرة، وتقوم أولا على تفجير الأزمة حول قضية محددة بشكل مبسط، ومن ثم بناء الحملات المنظمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لنشر هذه الحملة، وبعد أيام تستعين هذه الحملة بشهود عالميين يتم استقطابهم بالمال أو العلاقات من خلال صحافة غربية وأجنبية، يبدو للقارئ أنها مستقلة ولكنها تظلل الحقيقة وترسخ أن هذه الحملة لها جذور من الصحة، وهذا عكس الحقيقة تماما.
بكل وضوح نحن نتعرض في الخليج إلى حرب خفية و"منهج خفي" يقوم على بناء منتجات سياسية توجه أهدافها لضرب الوعي الاجتماعي عبر التشكيك وتزييف الحقائق، وهو أخطر من الحرب التقليدية؛ لأن البشر بطبيعتهم أعداء ما يجهلون، ويسهل استنزاف قدراتهم ووعيهم لتأييد حملات إعلامية مضادة تم بناؤها لضرب تلك المجتمعات وتدميرها بطرق ماكرة ومتدرجة.
الدول الخليجية وتحديدا السعودية والإمارات عليها الحذر والتعامل بكل منهجية مع تلك الأساليب الهادفة إلى تفكيك الثقة بين الشعوب الخليجية بطرق متعددة وماكرة للتأثير على الأفراد والمجتمعات، مثل اختيار المنتجات الاستهلاكية، لذلك علينا تكثيف الوعي وكشف الحقائق وتأكيد مصالحنا الاستراتيجية كأولويات لا يضاهيها شيء، مما سيجعلنا قادرين على أن نفكك ذلك الاستهداف بقوة مجتمعاتنا ووعيها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة