3 أعوام على المقاطعة.. قطر تعمق عزلتها وتهدر فرص نجدتها
نبوءة وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أثبتت بعد مرور 3 أعوام على المقاطعة تحققها، ولا سيما بعدما أهدرت الدوحة الفرصة تلو الأخرى.
في 12 يونيو/ حزيران 2017، بعد أسبوع من إعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، قطع علاقتها مع قطر لدعمها الإرهاب، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات،الدكتور أنور قرقاش، إن قطر ستكتشف بعد جهودها الكبيرة لتدويل الأزمة وتطبيل إعلامها أن الحل في العاصمة السعودية الرياض.
تصريح قرقاش تضمن نصيحة صادقة لقطر لحل أزمتها في وقت مبكر، ونبوءة في الوقت نفسه، توقع فيها أن الدوحة ستواصل تخبطها، وستضيع كعادتها بوصلة الحل.
نبوءة أثبتت بعد مرور 3 أعوام على المقاطعة تحققها، ولا سيما بعدما أهدرت الدوحة الفرصة تلو الأخرى، لحل أزمتها، والعودة إلى الصف العربي والخليجي.
3 أعوام على المقاطعة، استمرت خلالها قطر في غيها وسياساتها المستهجنة دوليا، فعمّقت أزمتها، وزادت عزلتها.
وتمثلت أبرز تجليات تلك العزلة في غياب أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني عن 6 قمم استضافتها السعودية على مدار أعوام المقاطعة الثلاثة، كانت بمثابة 6 فرص لحل الأزمة.
ومنذ إعلان الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب ، في 5 يونيو/حزيران 2017، قطع العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر بسبب إصرارها على دعم التنظيمات الإرهابية في المنطقة والعالم، وتنظيم الحمدين يعيش في عزلة عربية وخليجية ودولية على مدار 3 أعوام.
هروب مستمر
وغاب أمير قطر عن القمة العربية الـ29 في مدينة الظهران السعودية إبريل/ نيسان 2018، والقمتين الخليجيتين في الرياض ديسمبر/كانون الأول 2018 و2019.
كما غاب عن القمتين العربية والخليجية الطارئتين في مكة 30 مايو / أيار 2019، ثم عن القمة الإسلامية العادية الـ14 التي عقدت في مكة في اليوم التالي.
وأكد خبراء ودبلوماسيون أن تفويت قطر فرصة المشاركة في القمم الست التي استضافتها السعودية على أهميتها، وخصوصا القمة الخليجية الأخيرة في الرياض ديسمبر الماضي، يشير بشكل واضح إلى ضياع البوصلة السياسية لنظام الحمدين، وفقدانه لسيادته، وانحيازه لحلفائه ( تركيا وإيران) ضد أمن واستقرار المنطقة.
وبات معروفا أن تميم يخشى لقاء القادة العرب نتيجة تصرفات وسياسات نظامه الداعمة للإرهاب والمزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما تأكد بهروبه من قمم السعودية الست.
تغريدة قرقاش.. النصيحة والنبوءة
واقع الحال التي تعيشه الدوحة هذه الأيام، بعد 3 أعوام على المقاطعة، سبق أن توقعه وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، الدكتور أنور قرقاش، في تغريدة له في الأيام الأولى للازمة.
وقال قرقاش، في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع تويتر: "بعد مجهود كبير لتدويل أزمته مع أشقائه، وبعد أن يطبل إعلامه، ويصرخ بمظلوميته، سيكتشف الشقيق أن الحل في الرياض وعند سلمان".
وبالفعل لا تزال الدوحة تتخبط يمينا ويسار، شرقا وغربا، بحثا عن حل لأزمتها، في الوقت الذي أضحت نصيحة قرقاش، تتردد على مسامع قادة قطر آناء الليل وأطراف النهار طوال أعوام المقاطعة الثلاثة بل ومن داخل الدوحة نفسها.
وعلى مدار 3 أعوام، لم يوفر محمد عبدالرحمن آل ثاني وزير خارجية تميم مناسبة إلا وزعم فيها أن الدول المقاطعة لبلاده تستهدف التدخل في شؤونها عبر المطالب الـ13، متجاهلا أن معظم تلك المطالب سبق أن تعهدت الدوحة بالالتزام بها عبر توقيعها في اتفاق الرياض 2013، وكذلك الاتفاق التكميلي في 2014، وأن كل تلك المطالب تصب في صالح استقرار أمن دول الخليج والمنطقة وعلى رأسها قطر، وحمايتها من عبث نظام "الحمدين".
القمة الأخيرة.. إهدار فرصة كبيرة
غياب أمير قطر عن القمة الخليجية الأخيرة التي استضافتها الرياض في ديسمبر الماضي، ضيع مجددا فرصة كانت تحمل حظوظا كبرى في حل أزمة قطر.
فخلال الفترة التي سبقت القمة، وبالتحديد في أكتوبر/تشرين الأول 2019، منحت السعودية قطر فرصة لإجراء محادثات لتسوية أزمتها، والتعهد بإحداث تغيير جوهري فيما يرتبط بسياستها الخارجية تجاه المملكة والإمارات ومصر والبحرين.
وقبلت الدول الخليجية المقاطِعة لقطر "السعودية والإمارات والبحرين" المشارَكة في كأس الخليج العربي لكرة القدم "خليجي 24" التي استضافتها قطر خلال الفترة ما بين 26 نوفمبر و 9 ديسمبر 2019، كبادرة حسن نية لإظهار أن الأنشطة الخليجية المشتركة تظل بمنأى عن الخلاف السياسي، وأن هناك فصلا بين التظاهرات الرياضية والتوظيف السياسي.
ورغم تلك الأجواء الإيجابية، غاب أمير قطر عن القمة الخليجية التي عقدت في الرياض، ديسمبر/كانون الأول 2019، في دلالة واضحة على عدم جدية قطر على حل الجذور الحقيقية للأزمة، الأمر الذي دفع الرياض لإنهاء المحادثات التي بدأتها مع قطر.
واعتبر قرقاش غياب أمير قطر عن قمة الرياض "مرده سوء تقدير للموقف يسأل عنه مستشاروه".
وشدد على حل جذور الأزمة، قائلا:" ويبقى الأساس في الحل ضرورة معالجة جذور الأزمة بين قطر والدول الأربع".
بدوره أعرب وزير خارجية البحرين آنذاك الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، عن أسفه لـ"عدم جدية دولة قطر في إنهاء أزمتها مع الدول الأربع، وهو الأمر الذي كان واضحًا تمامًا في طريقة تعاملها مع الدورة الأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية".
واعتبر، إيفاد أمير قطر لرئيس وزرائه للمشاركة في اجتماعات قادة دول مجلس التعاون الخليجي والتي استضافتها الرياض ، تعبر عن "سلبية قطر الشديدة والمتكررة".
وشدد بدوره أن دول الرباعي العربي " تتمسك تمامًا بموقفها وبمطالبها المشروعة والقائمة على المبادئ الستة الصادرة عن اجتماع القاهرة في الخامس من شهر يوليو تموز 2017".
وتنص المبادئ الستة "على الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب، وإيقاف كافة أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف، والالتزام الكامل باتفاق الرياض لعام 2013، والاتفاق التكميلي لعام 2014م، والالتزام بكافة مخرجات القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عقدت في الرياض في مايو 2017م.
بجانب الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ودعم الكيانات الخارجة عن القانون، ومسؤولية كافة دول المجتمع الدولي عن مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب بوصفها تمثل تهديداً للسلم والأمن الدوليين".
الرباعي العربي.. وآفاق الحل
متفقا مع قرقاش وآل خليفة، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، عدم وجود تغييرات في سياسة قطر.
وقال شكري، خلال حديثه في النسخة الخامسة لمنتدى "روما للحوار المتوسطي" ديسمبر الماضي : "أسلوب استضافة قطر للمنظمات الإرهابية والدعم الذي قدمته للمنظمات المتطرفة والتدخلات في غزة وليبيا، أدت لزعزعة الاستقرار في المنطقة".
وتابع: "لا نرى تغييرات في سياسة قطر ولكن هناك أمل دائم في تغيير سياساتها".
ومع مطلع عام 2020، وجهت السعودية ٣ رسائل حاسمة وواضحة للنظام القطري حددت فيها ٣ أسباب لاستمرار الأزمة، تتضمن في جوهرها تقييما مهما يعكس مدى تجاوب النظام القطري مع الدعوات المتتالية لتغيير سياساته وسلوكياته لحل أزمته.
الرسائل جاءت عبر كلمة ألقاها وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل بن أحمد الجبير في البرلمان الأوروبي.
والأسباب الثلاثة لاستمرار الأزمة هي أن قطر لا تزال تواصل دعمها للإرهاب، والتدخل في شؤون المملكة ودول المنطقة، وتستخدم وسائل إعلامها لترويج خطاب الكراهية.
تصريحات الجبير تضمنت ٣ رسائل واضحة ومباشرة للنظام القطري تؤكد أولها أنه لن يكون هناك حل لأزمة قطر، إلا عبر استجابتها لمطالب الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، وتوقّفها عن دعم الجماعات المتطرفة، والكفّ عن التدخل في شؤون تلك الدول، وإعادة تصويب خطابها الإعلامي المروج للكراهية التي تتبناه وسائل إعلامها، وعلى رأسها "الجزيرة".
الرسالة الثانية، وشملت دعوة مباشرة للنظام القطري لتغيير سلوكه، وهو ما يعكس حرصا سعوديا متواصلا على تقويم سلوكيات نظام الدوحة، وحثها على حل أزمتها حرصا على الشعب والعلاقات الأخوية.
وجاءت الرسالة الثالثة في تصريحات الجبير لتؤكد أن المملكة كانت وما زالت حريصة على عدم تأثير أزمة قطر على سير أداء مجلس التعاون الخليجي، وهو ما برهنت عليه بالفعل عبر توفير التسهيلات اللازمة للوفود القطرية للمشاركة في الاجتماعات الخليجية بالمملكة وتوجيه الدعوة لأمير قطر تميم بن حمد للمشاركة في القمة الخليجية الأخيرة التي استضافتها الرياض ديسمبر/كانون الثاني الماضي، وغاب عنها أمير قطر.
متفقا مع الجبير، جاءت أيضا تصريحات الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية في أكثر من مناسبة والذي أكد من خلالها على أن أزمة قطر كانت نتاجا طبيعيا للسياسات التدخلية للدوحة، وحلها "لا يمكن دون معالجة الأسباب".
رسائل دول الرباعي العربي في مناسبات مختلفة وعلى مدار أعوام المقاطعة الثلاث حملت رسالة واضحة لقطر بأن رهانها على معيار الوقت لحل أزمتها دون حل مسببات الأزمة، هو رهان خاسر ولا حل للأزمة دون تلبية مطالب الرباعي العربي، وأن كل محاولات الدوحة العبثية لحل تلك الأزمة دون معالجة أسبابها لن تجدي.
aXA6IDE4LjIyNy4yMDkuMTAxIA== جزيرة ام اند امز