"بريكست"..أهم اتفاق دولي في تاريخ بريطانيا يدخل مرحلة الحسم
تصديق البرلمان البريطاني أهم المحطات القادمة لاتفاق بعد قمة بروكسل
ينتظر أن يصادق قادة الدول ال27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال قمة استثنائية، الأحد، على الاتفاق حول خروج بريطانيا من التكتل بعد مفاوضات مضنية استمرت 17 شهرا، وصفها كبير المفاوضين الأوروبيين في ملف بريكست ميشال بارنييه بأنها مفاوضات "شديدة الصعوية والتعقيد"، مضيفا أن الاتحاد سيبقى "شريكا وصديقا" للمملكة المتحدة بعد بريكست.
وأكد بارنييه لدى وصوله إلى بروكسل للمشاركة في القمة الأوروبية التي يفترض أن تصادق على اتفاق ينظم خروج بريطانيا من التكتل، أنه عمل خلال المفاوضات "مع المملكة المتحدة (ولم يعمل) إطلاقا ضدها"، داعيا الجميع إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم.
لكن الاتفاق، وفقا لوكالة بلومبرج الأمريكية، أبعد ما يكون عن محطة النهاية في مشوار الخروج البريطاني الذي بدأ قبل أكثر من عامين بالاستفتاء الذي عقد في يونيو 2016 وتم التصويت فيه لصالح انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، إذ لاتزال الاتفاقية رهن موافقات أخرى أبرزها تصديق البرلمان البريطاني الذي لا يبدو أنه سيمرر الصفقة، على الأقل بسهولة.
بحسب بلومبرج، يحاول خصوم رئيسة الوزراء البريطانية في الداخل إحباط الاتفاق، ومن الصعب التكهن بحصول الاتفاقية على الموافقة اللازمة من البرلمان البريطاني؛ لاسيما أن ماي التي فقدت الأغلبية في انتخابات 2017 التشريعية، تواجه معارضة من جميع الجهات حتى حزب المحافظين الذي تنتمي إليه.
لكن الوكالة أشارت إلى أن العديد من النواب في حزب المحافظين مترددون في تقويض رئيسة الوزراء وإفشال خطتها للبريكست، خاصة أن حزب العمال بقيادة جيريمي كوربين وهو أكبر الأحزاب المعارضة حاليا، يتحين الفرصة لانتزاع السلطة من المحافظين.
فيما يلي كل المعلومات المتعلقة باتفاق بريكست وسيناريوهات مستقبله:
ما هو اتفاق بريكست؟
تعتبر أهم اتفاقية دولية في تاريخ بريطانيا ما بعد الحرب، وتحدد الاتفاقية شروط الانفصال التي تسمح للمملكة المتحدة بمغادرة الاتحاد الأوروبي في 29 مارس المقبل بطريقة منظمة، وتتضمن فترة سماح مدتها 21 شهرًا لإعطاء الجميع الوقت الكافي للتكيف مع الوضع الجديد. إلى جانب الاتفاقية، هناك إعلان سياسي يوضح كيف يريد الجانبان إدارة تبادلاتهما التجارية في المستقبل، لكن هذا لا يمنع أن التوصل إلى تفاصيل اتفاقية تجارة حرة سيستغرق عدة سنوات.
ما هي الخطوة التالية لاتفاق اليوم؟
تعمل تيريزا ماي حاليا على حشد الدعم من قبل مجموعات الأعمال كما تناشد الناخبين مباشرة لتمرير الاتفاق.
لكن القرار معلق بيد عدد قليل من المصوتين هم 650 عضوا من أعضاء البرلمان، وتحتاج ماي إلى 320 صوتا مؤيدا لتمرير الاتفاق، لكن في داخل المؤسسة التشريعية البريطانية هناك معارضة لتيريزا ماي من جميع الجهات: المتشددون المؤيدون للخروج من الاتحاد الأوروبي في حزب المحافظين، وأيضا المحافظون المؤيدون للاتحاد الأوروبي! فضلا عن كل أعضاء حزب العمال المعارض تقريبا.
تمثل الاعتراض الرئيسي في الضمانات التي قدمتها ماي لتأكيد عدم ظهور حدود جديدة في جزيرة أيرلندا المقسمة (بين إيرلندا الشمالية التي هي مقاطعة تابعة للمملكة المتحدة، وإيرلندا الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي)، ويرى المعارضون أن تلك الضمانات تُخضع المملكة المتحدة لقواعد الاتحاد الأوروبي إلى الأبد. ويرى المعارضون أيضا أن ماي خضعت للاتحاد الأوروبي وخانت دعوة الناخبين لاستعادة السيادة.
ماذا سيحدث إذا صوت البرلمان بالرفض؟
ستصبح الأمور غامضة، سيدفع حزب العمال المعارض باتجاه إجراء انتخابات عامة، لكن ليس من الواضح إن كان سينجح في مساعيه، ومن ناحية أخرى ستوفر الفوضى التي ستترتب على ذلك أفضل فرصة للبرلمانيين الراغبين في إطلاق استفتاء ثانٍ حول مغادرة الاتحاد الأوروبي، صحيح أنه في الوقت الراهن لا يوجد دعم كافٍ لهذا الاتجاه في البرلمان لكن هذا قد يتغير.
إذا تم رفض الصفقة فإن هناك احتمالا بأن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بدون صفقة"، وبوسع هذا أن يدمر التجارة ويضرب استقرار الأسواق، وقد يؤدي هذا إلى نقص كل شيء من الغذاء إلى الأدوية ومكونات التصنيع.
لكن هناك سيناريو آخر: إعادة تيريزا ماي إلى بروكسل لمحاولة الحصول على ما قد لا يكون أكثر من "تنازلات رمزية"، ثم إعادة طرح الاتفاق على البرلمان مع أمل أن يوافقوا عليه تحت وطأة انهيار الأسواق المالية وفقدان الوظائف ونقص الغذاء.
متى سيصوت البرلمان البريطاني على الاتفاق؟
يسأل الجميع هذا السؤال، خاصة المتداولين في الجنيه الاسترليني، حيث إن العملات أكثر القطاعات محفوفة بالمخاطر بسبب أحداث الانفصال.
يتوقع أن يجري التصويت على الاتفاق خلال شهر ديسمبر المقبل، وتشير تكهنات إلى أن التصويت ينبغي أن يحدث قبل قمة الاتحاد الأوروبي التي ستنعقد في يومي 13 و 14 ديسمبر.
وأوضح أحد البرلمانيين أن التصويت لا يمكن أن يحدث قبل 3 ديسمبر.
ويجب أن تحصل الصفقة على موافقة البرلمان الأوروبي لكن من المتوقع أن يكون هذا إجراءً شكليًا.
كيف سيتأثر مركز لندن المالي بهذا الاتفاق؟
بمجرد أن يصدق برلمان المملكة المتحدة على هذا الاتفاق سيحصل مركز لندن المالي على بعض الارتياح إذ إن فترة السماح التي يتضمنها الاتفاق ستتيح له وقتا للتصرف، لكن بسبب الطريقة التي تم بها هيكلة المحادثات، لا يزال هناك غموض تام حول كيفية عمل البنوك في المستقبل.
ما هو معروف أن الصناعة المالية ستتراجع بشكل كبير عن وضعها الراهن، إذ ستضطر البنوك في المملكة المتحدة إلى استخدام نظام مماثل أو مشابه لأنظمة البنوك الأمريكية واليابانية؛ وهو نظام يتضمن الكثير من العثرات.
ستحاول المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي التوصل إلى الترتيبات الجديدة في هذا الشأن قبل انتهاء فترة السماح.