إشارة إنذار للاقتصاد البريطاني.. البطالة عند أعلى مستوى في 4 سنوات

أظهر سوق العمل البريطاني بوادر استقرار بعد موجة فقدان وظائف حادة شهدها في وقت سابق من العام الجاري، نتيجة زيادات الضرائب التي فرضتها وزيرة المالية راشيل ريفز.
ومع اقتراب موعد إعلان الميزانية الجديدة في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية (ONS) ارتفاع معدل البطالة إلى 4.8% خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في أغسطس/آب، مقابل 4.7% في يوليو/تموز، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من 4 سنوات بينما كانت توقعات الاقتصاديين في المدينة تشير إلى بقاء المعدل دون تغيير.
كما كشفت أرقام منفصلة صادرة عن هيئة الإيرادات والجمارك (HMRC) عن انخفاض عدد العاملين في الشركات بمقدار 10 آلاف موظف في سبتمبر/أيلول، وفقا لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
ومع ذلك، أكد مكتب الإحصاءات الوطنية أن تباطؤ سوق العمل بدأ في التراجع بعد الانخفاضات الحادة التي شهدها مطلع العام، والتي ارتبطت بزيادات الضرائب التي أعلنتها ريفز العام الماضي ودخلت حيز التنفيذ في أبريل/نيسان.
وقالت ليز ماكيون، مديرة الإحصاءات الاقتصادية في المكتب: "بعد فترة طويلة من ضعف نشاط التوظيف، تظهر مؤشرات على أن التراجعات في أعداد الرواتب والوظائف الشاغرة بدأت تتوقف".
ورغم ذلك، أظهرت الأرقام الشهرية لشهر أغسطس/آب ارتفاع معدل البطالة إلى 5.3%، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2020، ما يعكس استمرار حالة الضعف في سوق العمل.
وتستند بيانات مكتب الإحصاءات إلى مسح القوى العاملة الذي تعرض لانتقادات واسعة بسبب انخفاض معدلات الاستجابة، وهو ما قال الخبراء إنه يصعب على صانعي القرار اتخاذ سياسات دقيقة ويجعلهم عرضة للقرارات القائمة على بيانات غير مكتملة.
ومن المتوقع أن تواصل ريفز رفع الضرائب في الميزانية المقبلة، لكن قادة الأعمال حذروا من أن ضعف توقعات النمو الاقتصادي قد يجعل أي زيادات ضريبية إضافية تؤذي الاقتصاد أكثر مما تفيده.
وقال مارتن بيك، كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات WPI Strategy: "إن ارتفاع مساهمات أصحاب العمل في التأمين الوطني خلال أبريل، إلى جانب الزيادة الكبيرة في الحد الأدنى للأجور، أثّرا سلبًا في التوظيف. ومع ذلك، تشير بيانات الصيف إلى أن أسوأ الأضرار قد انقضت، وإن ظل سوق العمل هشًا مقارنة بالسنوات الماضية".
أما بات ماكفادن، وزير العمل والمعاشات، فقال إن أحدث الأرقام تظهر عددا قياسيا من الأشخاص العاملين والباحثين عن عمل، مضيفا: "رغم ذلك، ما زال هناك عدد كبير جدًا من المواطنين محرومين من فرص العمل أو التدريب، ويفتقدون الأمان الذي توفره الوظائف الجيدة".
وفي انعكاسٍ واضح لتباطؤ سوق العمل، تراجع النمو السنوي في متوسط الدخل الأسبوعي المنتظم (باستثناء المكافآت) من 4.8% خلال الأشهر الثلاثة حتى يوليو إلى 4.7% في الفترة المنتهية في أغسطس/آب، بما يتماشى مع توقعات الاقتصاديين.
وأشار مكتب الإحصاءات إلى أن نمو الأجور في القطاع الخاص تباطأ إلى أدنى مستوياته منذ نحو 4 سنوات، في حين ارتفع نمو أجور القطاع العام إلى 6% مقابل 4.4% في القطاع الخاص، نتيجة تقديم بعض زيادات الأجور قبل موعدها العام الماضي.
ورغم هذا التباطؤ، ارتفع إجمالي نمو الأجور بشكل مفاجئ من 4.8% إلى 5% خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في أغسطس/آب، ما يعكس مرونة الدخل رغم تباطؤ التوظيف.
ويعني هذا التعديل أن ملايين المتقاعدين سيتجهون نحو زيادات أعلى في معاشاتهم التقاعدية الحكومية بموجب نظام "القفل الثلاثي"، الذي يربط المعاش بارتفاع التضخم أو الأجور أو بنسبة 2.5%، أيّها أعلى.
ومن المتوقع أن تحدد أرقام التضخم لشهر سبتمبر، المنتظر صدورها الأسبوع المقبل، حجم الزيادة النهائية، إذ أظهرت آخر البيانات أن التضخم الرئيسي بلغ 3.8% في أغسطس/آب. ويُتوقع أن تؤدي هذه الوتيرة إلى زيادة سنوية قدرها 13 جنيها استرلينيا للمتقاعدين ضمن النظام الجديد، و7.8 جنيه إضافية للمتقاعدين ضمن النظام الأساسي.
لكن نمو الأجور القوي يضع بنك إنجلترا في موقف صعب، إذ يؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية، مما قد يدفعه إلى استمرار خفض أسعار الفائدة بعد أربع تخفيضات سابقة خلال العام الماضي. ومع ذلك، فإن أي تباطؤ أعمق في سوق العمل قد يشير إلى تدهور اقتصادي يستدعي تسريع وتيرة خفض الفائدة لدعم النشاط الاقتصادي.
وقد أبقى بنك ثريدنيدل ستريت أسعار الفائدة دون تغيير عند 4% الشهر الماضي، وسط مخاوف متزايدة من التضخم رغم تباطؤ سوق العمل وضعف التوقعات الاقتصادية.
وحذّر آلان تايلور، عضو لجنة السياسة النقدية بالبنك، من أن الاقتصاد البريطاني يواجه خطرًا متصاعدًا من "هبوطٍ متعثّر" نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة والحروب التجارية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تُلقي بظلالها على النشاط الاقتصادي العالمي.
وقال في فعالية بمدينة كامبريدج يوم الثلاثاء: "في ظل اقتصاد يعاني من ارتفاع البطالة وضعف الطلب، من المرجح أن تنخفض تسويات الأجور، ولن يعيد التضخم المحلي المدفوع بالأجور إشعال دوامة تصاعدية جديدة للأسعار".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز