الانتخابات البريطانية المقبلة.. استفتاء جديد على "بريكست"
مأزق "بريكست" وضع رئيس الوزراء البريطاني أمام خيار واحد، وهو الحصول على موافقة النواب بمجلس العموم على إجراء انتخابات مبكرة
انتخابات عامة مبكرة تشهدها بريطانيا، غدا الخميس، في اقتراع يعتبر استفتاء جديدا على خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، وهو حدث يعد الأول من نوعه منذ نحو قرن.
وتسبب مأزق "البريكست" في وضع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أمام خيار واحد، وهو الحصول على موافقة النواب بمجلس العموم على إجراء انتخابات مبكرة، تمثل بالأساس اختيارا لبقاء البلاد في الاتحاد الأوروبي من عدمه.
استفتاء جديد
وبعد مرور أكثر من 3 سنوات على تصويت البريطانيين بنسبة 52 % لصالح الخروج من التكتل الأوروبي في استفتاء جرى عام 2016، لا تزال البلاد والبرلمان منقسمين بشدة.
وبعد أن أطاح "بريكست" برئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، تولى جونسون المنصب وقاد حملة "المغادرة"، متعهدا بإخراج بلاده من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو ما لم يحدث.
مشهد ضبابي يغلف سماء المشهد السياسي في بريطانيا، ويجعل من الصعب استشراف نتائج هذه الانتخابات التي ستجري خلال موسم أعياد الميلاد، وبعد نحو قرن من آخر انتخابات جرت في شهر ديسمبر/كانون الأول 1923، حين خسر مرشح حزب العمال رامزي ماكدونالد أمام المحافظين بقيادة ستانلي بالدوين.
لكن، وبحسب ما يذهب إليه المحللون، فإن مأزق بريكست أشاع الاستياء بين الناخبين البريطانيين، كما أسفر عن تراجع ثقة أنصار الحزبين الرئيسيين في البلاد؛ المحافظين الذي يقوده جونسون وحزب العمال بقيادة جيريمي كوربين.
ويأمل جونسون في الفوز بأغلبية لتنفيذ اتفاق الخروج الذي أبرمه مع الاتحاد الأوروبي، فيما يسعى منافسه كوربين إلى تشكيل حكومة اشتراكية وإجراء استفتاء جديد على البريكست، ما يجعل من انتخابات الغد أشبه بالفعل باستفتاء جديد من شأنه تحديد معالم المشهد المستقبلي في بريطانيا.
لكن أخطر ما قد تشهده بريطانيا هو أنه في حال لم يحقق أي حزب فوزا حاسما فسيظل مصير البريكست معلقا مجددا، مع خيارات تتراوح بين انفصال فوضوي بدون اتفاق أو إجراء استفتاء آخر يلغي عملية الانفصال برمتها.
أيرلندا الشمالية.. عقدة بريكست
يجمع المتابعون على أن الإشكال الرئيسي في البريكست يكمن في مسألة الحدود بين شطرى الجزيرة الأيرلندية، أي أيرلندا الشمالية وهي جزء من بريطانيا، وجمهورية أيرلندا وهي دولة في الاتحاد الأوروبي.
فمسألة الحدود بين الشطرين لطالما شكلت حجر عثرة أمام خطة البريكست التي طرحتها رئيسة الوزاراء السابقة تيريزا ماي وكذلك خطة جونسون، ما أفضى إلى إجراء انتخابات عامة في نهاية المطاف.
نقطة ارتكاز حادة تجد جذورها أساسا في حقيقة أن هذا الاستحقاق قد يضع مستقبلها ضمن المملكة المتحدة على المحك، بسبب البريكست، في إشكال ناجم عن الخصوصية السياسية لأيرلندا الشمالية، والمستندة إلى أساس طائفي مذهبي.
الخارطة السياسية
يرتكز المشهد السياسي في أيرلندا الشمالية إلى توازن دقيق أفرزته اتفاقية بلفاست أو "الجمعة العظيمة" لعام 1998، والتي وضعت حدا لاقتتال طائفي وسياسي دام 30 عاما بين الروم الكاثوليك الداعين للانفصال عن المملكة المتحدة، والبروتستانت الموالين لبريطانيا، في اضطرابات راح ضحيتها نحو 3600 قتيل وأكثر من 100 ألف جريح، وهذا ما يجعل الغالبية العظمى من الأيرلنديين مسكونين بمخاوف عودة شبح الاقتتال من جديد.
وتنص اتفاقية بلفاست التي تعد مقدسة لدى الأيرلنديين في أهم بنودها على عدم وجود أي حواجز تفصل بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا في الجنوب، بمعنى آخر بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
فعلى طول الخط الحدودي الفاصل بين الجانبين، الذي يبلغ نحو 500 كم، لا توجد معابر حدودية أو نقاط تفتيش، وبالتالي ليست هناك حواجز جمركية، ولذلك فإن خطة جونسون لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تثير المخاوف باحتمال أن تخل بالتوازن الذي أرسته اتفاقية بلفاست وعودة الاقتتال مرة أخرى.
ومما يزيد الأمر تعقيدا هو أن حزب الاتحاد الديمقراطي الأيرلندي، أحد أكبر الأحزاب المؤيدة لـ"بريكست"، يعارض خطة جونسون ما يضع المصوتين التقليديين الموالين لبريطانيا في مأزق، باعتبار أن إلغاء البريكست يعني انتصارا تلقائيا للانفصاليين الذين صوتوا بقوة للبقاء في الاتحاد الأوروبي.
aXA6IDE4LjIxOC43My4yMzMg جزيرة ام اند امز