الطلاق البريطاني.. ماي "تناور" وأوروبا "تهدد"
مشهد الخروج البريطاني من أوروبا أصبح أشبه بلعبة شد الحبل، فبريطانيا "تُناور" وأوروبا تتعنت وتهدد بالعقاب.
بنوايا حسنة، ظنت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أن الطلاق البريطاني من أوروبا سيسير كما تخطط، إلا أن "التعنت الأوروبي" في إتمام هذا الطلاق، جعلها تعترف أن الانفصال عملية "صعبة" في ظل الموقف المتشدد للاتحاد الأوروبي.
فعلى مدار الأيام الماضية، أصبح مشهد الخروج البريطاني من أوروبا "بريكست" أشبه بلعبة شد الحبل، فبريطانيا "تُناور" وأوروبا تتعنت بل و"تعاقب".
فيوم الثلاثاء الماضي، قال المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية، إنها ستقود محادثات خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، وإنها تتطلع إلى المفاوضات بنوايا حسنة، وأضاف: "نحن متأكدون أننا سنحقق خروجاً بريطانياً ناجحاً من الاتحاد الأوروبي، وسنتوصل إلى اتفاق يصب في مصلحة بريطانيا والاتحاد الأوروبي".
وتابع قائلًا: "كل ما يمكنني قوله هو أننا نتطلع إلى هذه المحادثات بطريقة بناءة وبكميات هائلة من النوايا الحسنة".
إلا أن هذه النوايا الحسنة تحطم على صخرة التعنت الأوروبي، لتعترف ماي، أمس، أن "محادثات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي ستكون صعبة في ظل الموقف المتشدد الذي تبناه زعماء الاتحاد تجاه المفاوضات الوشيكة".
وفي تطور سريع زاد من الضغوط على ماي؛ دخل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، على خط عملية الخروج الكبير، وقال إنه قرر العودة إلى السياسة من أجل التصدي لعملية الخروج من الاتحاد الأوروبي، وأضاف أن خروج بلاده من السوق الأوروبية الموحدة سيكون بمثابة تخفيض موقع بريطانيا من مرتبة أولى إلى مرتبة ثانوية.
بريطانيا في مأزق
"شكوكي في إمكانية التوصل لاتفاق زادت عشر مرات عما كانت عليه".. هكذا عبر رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، عن موقفه بعد اجتماعه بماي في مقرها بداونينج ستريت، الأربعاء الماضي، ليزيد الموقف الأوروبي تشدداً.
وخلال اجتماع قمة بروكسل، الأسبوع الماضي، أقر زعماء الاتحاد الأوروبي مجموعة من الشروط القاسية لخروج بريطانيا، ونصحوا البريطانيين بالاستعداد لتعقيدات قضايا مثل حقوق الإقامة لمواطني الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي جعل ماي تتهم بعض دول الاتحاد الأوروبي بـ"التكتل ضد" بريطانيا.
وقال كبير المفاوضين الأوروبيين، ميشال بارنييه، إنه ينبغي على بريطانيا تسديد مليارات الدولارات قبل إتمام انسحابها من الاتحاد، مؤكداً أن "الأمر ليس عقاباً".
وأضاف بارنييه: "على بريطانيا أن تفي بجميع تعهداتها بموجب تسوية مالية واحدة"، طالباً أن تدفع "فاتورة" تقدر قيمتها بين 40- 60 مليار يورو (43-63) مليار دولار.
كما حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ومعها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، بريطانيا من أن "تتوهم" أنها ستحصل على الحقوق نفسها التي يتمتع بها دول الاتحاد الأوروبي بعد خروجها منه.
وسبق أن رفضت ميركل الشهر الماضي دعوة ماي لإجراء المفاوضات بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد بالتزامن مع المحادثات بشأن تحديد العلاقة المستقبلية بين لندن وبروكسل.
أعباء اقتصادية
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فعملية الخروج أثرت بشكل سريع على الاقتصاد البريطاني، فبعد إعلان توقيع ماي خطاباً إلى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك تخطر فيه الاتحاد رسمياً نية بريطانيا الخروج، تراجعت قيمة الجنيه الإسترليني في تداولات الأسواق الآسيوية.
كما شهد الاقتصاد البريطاني تباطؤاً حاداً في الأشهر الثلاثة الأولى من 2017، كما أن الناتج المحلي الإجمالي تباطأ إلى أدنى مستوياته في عام عند 0.3% من 0.7% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري.
وأشارت معظم التوقعات إلى أن معدل البطالة البريطاني الذي يبلغ أدنى مستوياته في عشر سنوات، سيرتفع بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.