"أسلمة" المدرسة.. كيف استغلت الإخوان التعليم في مصر لترويج سمومها؟
السيطرة على العقول طريق التحكم في الأمم، منهج سارت عليه جماعة الإخوان، واعتبرته أحد أسلحتها الصامتة لخوض حرب هادئة، نتائجها مضمونة.
تلك الحرب والتي اتخذت من عقل الإنسان الذي يعد آخر معاقل كل خصوصية ساحة لها، حاولت من خلالها جماعة الإخوان "الإرهابية"، مصادرة الحق الإنساني؛ فحاولت استغلال التعليم كأداة للسيطرة على خلال التلاعب بالفكر، السيطرة على عقول أتباعها أولا والفئة التي تستهدفها ثانيًا، واهتمت به كإحدى أدواتها الدعوية الأساسية للهيمنة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي.
إلا أن تدخّل جماعة الإخوان في العملية التعليمية بمصر جاء في صورتين؛ الأولى محاولة التأثير في محتوى المناهج الدراسية، والثانية العمل على تطويع الحياة المدرسية بما يتماشى مع التصورات الأيديولوجية للجماعة، بحسب دراسة حديثة، أصدرها "مركز تريندز للبحوث والاستشارات"، جاءت تحت عنوان: "التعليم في منطقة الصيد .. الدولة والإخوان المسلمون".
أرض خصبة
وبحسب الدراسة، فإن جماعة الإخوان اعتبرت التعليم مجالاً مؤسسياً خصباً لترويج الأيديولوجية الإسلامية، وخاصة أن الطلاب والطالبات يقضون فترة طويلة نسبياً بها، ويتشربون أسلوب التفكير، وطرائق الحياة داخلها، وتتسع دائرة تفاعلهم مع المدرس خارج حدود المدرسة، من خلال ما يُعرف بمجموعات التقوية الدراسية التي تحتضنها جمعيات إسلامية أيضاً.
الدراسة التي أعدها الدكتور سامح فوزي كبير الباحثين في مكتبة الإسكندرية بمصر، أشارت إلى أن هناك منهجين لجماعة الإخوان تتبعهما لترويج لفكرها عبر عناصرها في المنظومة التعليمية؛ أحدهما رسمي عبر تدريس المناهج المخطط لها كما أقرتها الحكومة المصرية، وآخر خفي يحمل اتجاهاتٍ وسلوكاً ومشاعرَ تحض على نشر ثقافة الكراهية والبغضاء.
"أسلمة" المدرسة
وأكدت الدراسة أن جماعة الإخوان سعت في معركتها للسيطرة على التعليم إلى "أسلمة المدرسة" سلوكاً ونشاطاً وتفاعلاً؛ مما يعني وجود وعي مبكر لديهم بأهمية المنهج الخفي، مشيرة إلى أنهم يدركون أن تمكين المشروع الإسلامي لن يأتي إلا من خلال السيطرة على وجدان الناس.
إلا أن السيطرة على وجدان الناس تعد عملية معقدة لا تقتصر على منهج مدرسي تعرف الجماعة مسبقاً أن الطلاب يتعاملون معه على أنه مستند واجب السداد في الامتحان دون أن يمر على شاشاتهم الإدراكية أو وجدانهم أو ما يمكن أن نطلق عليه الذات العميقة، التي تتأثر من خلال خبرة التعامل، والاحتكاك، والأحاديث الشخصية بين المعلم والتلميذ، والأنشطة المدرسية.
أيديولوجية سياسية
وتقول الدراسة إن جماعة الإخوان حاولت تحقيق مآربها، عبر إضفاء أيديولوجيتها السياسية التي تتكون من تسع خطوات على النشاط المدرسي، فاتجهت إلى: إلغاء النشيد الوطني في بعض المدارس، ووقف الأنشطة الفنية، وعدم السماح للفتيات بممارسة الرياضة، وفرض الزي الإسلامي على الفتيات.
كما عمدت إلى حظر صور الاختلاط في المنشآت التعليمية كافة، والحد من التفاعل بين الطلاب المسلمين والمسيحيين، وعدم تنظيم أي فعاليات ثقافية، وإغراق مكتبات المدارس بالكتب الدينية التي تقدم وجهة نظر الإخوان المسلمين في الشؤون العامة، واستبعاد الكتب العلمية والأدبية.
تلك الأيدلوجيا السياسية قال عنها مركز تريندز في دراسته البحثية، إن الحكومة المصرية اتبعت آلية في مواجهة تغلغل الإخوان المسلمين في ملف التعليم طوال الثلاثين عاماً الماضية اتسمت بوضع "رد الفعل" المتمثل في مواجهة الأفكار والآراء والتأثيرات السلبية في المناهج والأنشطة المدرسية من ناحية، وإحالة المدرسين الذين ثبت ضلوعهم في نشر التطرف إلى وظائف إدارية من ناحية أخرى.
وأشار إلى أن هذه الآلية لم تمتد إلى إرساء التربية المدنية في المدارس، التي تمثل البنية الأساسية لمواجهة التطرف في المؤسسات التعليمية.
تدريس حقوق الإنسان
وأوصت دراسة "تريندز" البحثية بضرورة تدريس حقوق الإنسان في المدارس، ولاسيما في ضوء إصدار الدولة المصرية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ما يسهم في رفع مستوى الوعي بحقوق الإنسان الأساسية.
وأكدت أن تعليم حقوق الإنسان في المدارس يُنشّئ الأطفال في مرحلة مبكرة من حياتهم على عدد من القيم المهمة؛ مثل: التعددية الثقافية، والتسامح، والمساواة؛ ما يجعلها تستقر في وجدانهم وضمائرهم، ويعبرون عنها كتابة وقولاً، إضافة إلى نشر ثقافة المواطنة لتشكيل وعي الطفل، وإعداده للمشاركة العامة في المستقبل، ليتعلم الطالب الحقوق والواجبات ويدرك أهمية القانون والعدالة والكرامة الإنسانية.
aXA6IDE4LjE4OC42My43MSA=
جزيرة ام اند امز