الإخوان في أوروبا.. حكاية تطرف بدأت في جنيف
عبد الرحيم علي، المدير العام لمركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، يسقط القناع عن تنظيم الإخوان ويفضح طابعهم الإرهابي الدموي
في عام 1958، هاجر سعيد رمضان، صهر مؤسس الإخوان الإرهابية حسن البنا، إلى جنيف السويسرية، وبالمدينة نفسها، ارتفع مطلع 2018، صوت يتهم التنظيم بالوقوف وراء الإرهاب في أوروبا.
عقود من الزمن مرت، وما بين التاريخين، تنساب روايات دونت على جبين البشرية بدماء أبنائها ممن قضوا في هجمات ناجمة عن بث فكر الموت والظلامية في عقول الناس، من قبل تنظيم تؤكد جميع المعطيات أنه صانع الإرهاب الأول.
ففي يناير/ كانون أول الماضي، أسقط عبد الرحيم علي، المدير العام لمركز دراسات الشرق الأوسط بباريس وعضو مجلس النواب المصري، القناع عن تنظيم الإخوان، وفضح طابعهم الإرهابي الدموي المختفي وراء ادعاءات الاعتدال والوسطية.
علي كان مدعوا، وقتها، من قبل نادي الصحافة السويسري بجنيف، ومن التلفزيون السويسري الناطق باللغة الفرنسية، وفي مداخلاته، اتهم الإخوان بالوقوف وراء ظهور تنظيم "داعش"، وهاجم بشكل لاذع هاني رمضان، حفيد البنا (شقيق طارق)، في حادثة تناقلها الإعلام المحلي ومواقع التواصل بإسهاب في حينه.
كما تطرق أيضا إلى الروابط التي تجمع الإخوان بتنظيمات إرهابية أخرى مثل «داعش» و«القاعدة»، محذرا أوروبا من الأهداف التوسعية لتنظيم الإخوان الساعي إلى التغلغل في مجتمعات القارة، من خلال بث التطرف في صفوف الشباب المسلم فيها.
الإخوان وقطر وتركيا
دوى صوت علي عاليا في مقر نادي الصحافة السويسري بجنيف، قائلا إن «الإخوان يمولون 250 جمعية في الضاحية الباريسية لوحدها، بدعم من قطر وتركيا».
ومتسائلا: «هل تعلمون أن المدارس الخاصة في فرنسا تقدم دروسا في الجهاد؟».
حقائق هزت مقر نادي الصحافة السويسري المنتصب غير بعيد عن قصر الأمة الذي يحتضن مقر الأمم المتحدة بالمدينة، ما جعل هاني رمضان يحشد جيشه للرد على علي، ليتقاطر على المقر عدد من الإخوان ممن تدفقوا لنجدة حفيد البنا.
وفي ردود بدت غير مستغربة بالمرة، بل متماهية ومتناغمة مع ما عرف عن الإخوان في تعاملهم مع خصومهم، من تعويلهم على التشويه والثلب والسم، لعجزهم عن استحضار حجج دامغة تدحض حقيقتهم الإهابية.
«إنه نائب الجيش»، في إشارة إلى علي، و«إنه لمن العار استضافة شخص مثله».. هكذا تمتم الإخوان الحاضرون وهم ينتصبون دفعة واحدة في هرج ومرج مثير للسخرية.
محاربة الحضارة الغربية
حضور عبد الرحيم علي إلى جنيف، وفضحه بشكل سافر للإخوان في مدينة يعتبرها هؤلاء أحد أبرز معاقلهم في أوروبا، ولهم فيها رمزية تاريخية، شكل استفزازا لهم، وأجبرهم على ردود فعل حينية أكدت طبيعة الجماعة العنيفة، وايديولوجيتها المستندة إلى الدم لتحقيق الهدف.
ففي جنيف نفسها، حط صهر البنا، سعيد رمضان، وهو أيضا والد هاني رمضان، الرحال عام 1958، قادما إليها من سوريا التي فر إليها هربا من السجن ببلاده.
كانت مهمة سعيد بسط ومد الفكر الإخواني الإرهابي في أوروبا تحت قناع نشر الإسلام، وذلك عبر تشييد المساجد والمؤسسات الخيرية والمراكز الدينية في كامل أرجاء القارة، لأنها هذه الأمكنة تشكل نقاط استقطاب لمسلمي البلدان الأوروبية، ما يسهل على الإخوان استقطابهم من خلال بث الفكر المتطرف فيهم.
وخلال عملية تفتيش جرت، في نوفمبر تشرين ثان 2001، على ضفاف بحيرة سويسرية، وشملت فيلا لمصرفي إخواني يشتبه بصلته بتنظيم «القاعدة»، اكتشفت عناصر الشرطة وثيقة بعنوان «المشروع».
وتستعرض الوثيقة بشكل واضح خطة غزو الإخوان لأوروبا، ثم الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف «وضع حد لهيمنة الحضارة الغربية»، وفق ما جاء بالوثيقة، وتداوله الإعلام السويسري في ذلك الحين.
هاني وطارق رمضان
الاستراتيجية السرية للإخوان في أوروبا فضحت وخرجت إلى العلن، عام 2005، إثر صدور كتاب «غزو الغرب» لمؤلفه سيلفان بيسون، والذي استعرض الأهداف التوسعية للتنظيم الدولي في أوروبا والغرب عموما.
الكتاب وفحواه تطرق إليه أيضا، عبد الرحيم علي في مداخلته الشهيرة في نادي الصحافة السويسرية، حيث قال إن «الإخوان يسعون لإقناع الغرب باعتدالهم ووسطيتهم، ولقد اختاروا فرنسا حيث تمكن ممثلوهم من نسج علاقات لهم في الأوساط السياسية والثقافية والجمعياتية».
وأشار علي إلى هاني وشقيقه طارق رمضان، معتبرا أنهما «من أبرز ممثلي الإخوان في أوروبا»، فالأول مكلف بسويسرا الناطقة بالفرنسية، وشرقي فرنسا وخصوصا مدينة ليون.
أما طارق، فـ«يلعب دورا محوريا بالنسبة للتنظيم الإرهابي، في استقطاب الشباب الأوروبي، تحت غطاء التشجيع على الاندماج الاجتماعي».
الاغتصاب
حين أخذ هاني رمضان الكلمة للرد على علي، في مقر نادي الصحافة السويسري، لم يجد ما يرد به تهمة الإرهاب عن جماعته سوى الهجوم كالعادة على الرئيس المصري، واستحضار مرثية سقوط محمد مرسي.
غير أن علي ضرب في الصميم، بقوله إنه لن يرد على شخص تطال أخاه فضائح اغتصاب بالجملة، في إشارة إلى القضايا التي تلاحق طارق رمضان من فرنسا إلى سويسرا، واتهامات نساء له باغتصابهن، في فضيحة هزت أوروبا وكشفت حقيقة قيادات الإخوان.
وختم علي بالقول: «ابدؤوا بتطهير محيطكم من الفضائح»، وهو ما لم يترك أمام هاني وحاشيته من حل سوى مغادرة المكان، وأنظار الحضور ترمقهم بنظرات الغضب والحنق.