الإخوان أحالوا رسالة الدين إلى شعارات سياسية وبرنامج عمل سياسي خدمة لمشروعهم التدميري العابر للأوطان
الأمثلة المعاصرة والراهنة للإرهاب الإخواني المأجور شاخصة أمام الأعين، حاضرة في الأذهان، فالدولة المصرية منذ استقلالها تصارع إرهاب هذا التنظيم وفلوله ولاتزال، الجزائر في تسعينيات القرن العشرين تكبدت عشرات الآلاف من الضحايا بسبب إرهاب الإخوان المسلمين، سوريا كذلك عاشت سنين منذ نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي تحت وطأة إرهابهم ودفعت ثمنا كبيرا، واليوم تنزف بفعل مواجهتها هذا الإرهاب ليس داخليا فحسب بل وفي مواجهة حواضنه الدولية ورعاته وأذرعه الإرهابية التي تسللت إلى البلاد عبر تركيا وبرعاية أردوغان المباشرة.
توضح أبرز المحطات في تاريخ هذا التنظيم الإرهابي الآثار الكارثية التي تركها على بنية المجتمعات والدول التي عانت من إرهابه وخاصة المجتمعات الإسلامية المعاصرة، ولم تتوقف هذه الآثار عند هذا الحد بل امتدت إلى تشويه صورة الإسلام وتصورات الآخرين عنه.. خلقت سلوكياتهم التوتر وعدم الاستقرار في جميع البلاد الإسلامية.
السودان قد يكون أنصع الأمثلة على مشروع الإخوان التفتيتي المدمر للدولة والمجتمع، فمنذ استيلائهم على الدولة السودانية في ثمانينيات القرن المنصرم بانقلاب عسكري أسسوا لحرب أهلية باهظة التكاليف على البلاد والعباد، تفجرت بسبب سياستهم ونهجهم حروب الأقاليم في معظم أنحاء السودان، أخطر الحروب تلك التي تفجرت بين شمال السودان وجنوبه وأدت إلى انقسام البلاد، اليوم بدأ السودان يستعيد عافيته تدريجيا بعد أن تخلص من النظام الإخواني، ولا يخفى دورهم التدميري المسلح في ليبيا واليمن، ونهجهم التخريبي في تونس وكذلك في المغرب والأردن، وحتى في بعض الدول التي استولى على السلطة فيها تنظيم الإخوان المسلمين كتركيا، فقد كشف عن انتهازية بغيضة لجهة الازدواجية؛ فمن جانب ظل حزب أردوغان خاضعا وراضخا لثوابت السياسة الخارجية الممالئة للغرب، بينما بقيت تركيا أردوغان داخليا تعاني من حالة عدم الاستقرار بفعل سياسة الإقصاء التي ينتهجها ويطبقها.
توضح أبرز المحطات في تاريخ هذا التنظيم الإرهابي الآثار الكارثية التي تركها على بنية المجتمعات والدول التي عانت من إرهابه وخاصة المجتمعات الإسلامية المعاصرة، ولم تتوقف هذه الآثار عند هذا الحد بل امتدت إلى تشويه صورة الإسلام وتصورات الآخرين عنه، خلقت سلوكياتهم التوتر وعدم الاستقرار في جميع البلاد الإسلامية، وكذلك أدت إلى حدوث انقسامات داخلية وفرضت على الدول التي ظهرت فيها صراعا متنوع الأساليب ومتعدد السياقات.
لم تقتصر أعمالهم ونهجهم على الصراعات السياسية بل فجرت في كثير من البلدان صراعا دمويا عنيفا وباهظ الثمن سبب مقتل مئات الآلاف وأفضى إلى انقسامات مجتمعية خطيرة وحرم الآلاف من خياراتهم في المستقبل، كل ذلك برهن على استعداد هذا التنظيم لخوض عنف لمجرد العنف وهو ما سوّغ لاحقا العنف العشوائي خدمة لأجندات أنظمة ودول تستبطن الإرهاب وتطلقه حين تعثر على أدواته مثل تنظيم الإخوان المسلمين لتحقيق مصالحها، أو لم تعد كثير من دول العالم، والغرب بشكل خاص، عملية إعادة بناء ما يعرف بنظام السيطرة على بعض الدول الأخرى بسبب الإرهاب العابر للحدود وللقارات أحيانا الذي نفذته تيارات وجماعات إرهابية تفرعت من رحم الإخوان المسلمين؟ ألم يعتبر كثير من المفكرين حسن البنا مؤسس تنظيم الإخوان "واضع البذرة الأولى لكل شرور الإسلام السياسي"؟ ألم يمتهنوا العمل المسلح منذ النشأة الأولى وشكلوا تنظيمات سرية مسلحة تتوارى خلف تنظيمهم المعلن في جميع مناطق وجودهم في مصر منذ عام 1940 بأسماء مختلفة، وفي سوريا نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات باسم الطليعة المقاتلة؟
جميع الحركات الدينية المتعصبة ومنها الإخوان المسلمين اعتمدت نهج "الدوغماتية" الذي يقوم على الادعاء بامتلاك الحقيقة لوحده، أي الصحة المطلقة، متجاوزا أي رأي شخصي أو أي تردد في ذهن الشخص، وكما أطلق مفهوم الكليانية على الحركات الشيوعية والفاشية لأنها تصف كل خروج عن مقولاتها وعقائدها بالانحراف فإنه ينطبق على هذا التنظيم لأنه يغذي نوازعهم ونهجهم الذي يرتكز على إنكار وإقصاء أي طرف لا ينتمي لمدارسهم.
لقد أضفى عنف الإخوان المسلمين وإرهابهم صورة قاتمة على الإسلام والمسلمين في العالم حين أحالوا رسالة دين الإسلام إلى شعارات سياسية وبرنامج عمل سياسي خدمة لمشروعهم التدميري العابر للأوطان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة