5 أجنحة و 3 جبهات متصارعة.. مسارات "الحرب الأهلية" داخل الإخوان
من محور منير إلى جناح محمود حسين وتيار الكماليون.."العين الإخبارية" ترصد كل ما تريد معرفته عن لعبة توازنات القوة داخل التنظيم
بظهور جبهة الكماليين مجددا بات تنظيم الإخوان يعيش حالة غير مسبوقة من التشظي، حيث وضعت تحديات جوهرية أمام إعادة التئامه مرة أخرى.
التنظيم، الذي أسس بنيانه قبل 94 عاما يعيش الآن حالة استثنائية، إذ لأول مرة ينشطر إلى 5 أجنحة بينها ثلاثة جبهات متصارعة، تدعي كل منها أنها الوريث الشرعي الوحيد لقيادة التنظيم، والحارس الأمين لفكر المؤسس حسن البنا، وحامي عقيدة وأيديولوجية الإخوان في العالم.
تلك الحالة الفريدة من "الانقسام" ولدت 3 متحدثين و3 قادة و3 تصورات للحل، فضلا عن ثلاثة تنظيمات بهياكلها الإدارية، ما جعل من التئام الجماعة مرة أخرى في تنظيم واحد تحت قيادة واحدة، ضربًا من المستحيل.
فبعدما كانت الجماعة تعاني من انقسامها لجبهتي لندن وإسطنبول؛ جاء مؤتمر جبهة "الكماليون" أو المكتب العام ليعلن عن ولادة فريق ثالث يعمق من أزمة "الإخوان"، ويضاف إلى الجبهات الثلاث المتصارعة جناحان أخران هما المتربصون، وهم عناصر التنظيم الحائرة بين الفصائل المتصارعة، بالإضافة إلى شباب السجون.
تلك الحالة طرحت تساؤلات حول حظوظ أي من التنظيمات الثلاثة في إرث الجماعة، وما هي طبيعة خطابهم الجماهيري؟ وما ملامح خطابهم الدعوي والفكري والتنظيمي الداخلي؟ وما نقاط القوة والضعف لدى كل جبهة، وأهم الشخصيات البارزة فيها؟ ومدى قرب كل منها من القيادة الشرعية التي بالسجون؟ "العين الإخبارية" تجيب عن تلك الأسئلة في تقريرها التالي، الذي رصدت فيه مقارنة بين الجبهات الثلاث.
ماذا نعرف عن جبهة إبراهيم منير (لندن)؟
تنسب إلى إبراهيم منير نائب المرشد والقائم بأعماله، لها أتباعٌ ومؤيدون في تركيا ومصر.
تستمد شرعيتها من كون منير حصل على منصبه كقائم بالأعمال بشكل لائحي ومعترف به عقب إلقاء القبض على نائب المرشد والقائم بأعماله محمود عزت.
مراكز القوة:
- منصب نائب المرشد
- مجلس شورى الاخوان الجديد
- اعتراف التنظيم الدولي للإخوان
يملك قائد هذه الجبهة الشرعية التنظيمية، فلا أحد يملك أن يعزله من منصبه ولا من مهامه إلا لجنة تحقيق العضوية المكونة من مجلس الشورى، وبشروط بينها ارتكابه مخالفات مالية أو أخلاقية.
يؤيدها التنظيم الدولي لها، ولديها تصور للخروج من المأزق الراهن.
لها مصادر تمويل تؤهلها للإنفاق على أنشطة الجماعة وأسر السجناء.
يحظى قائدها بقبول نوعا ما، ضمن دوائر اتخاذ القرار البريطانية.
تدعو للشراكة مع التيارات الأخرى وعدم التصادم مع نظام الحكم، والتوقف عن الصراع السياسي والحزبي.
تدعو لفصل العمل السياسي عن الدعوي، وتخفيف ضغوط التنظيم وقيوده على أتباعهم.
أهم الشخصيات:
يعد منير من المجموعات التاريخية التي عاصرت على الأقل تنظيم 1965 الإخواني.
جبهته تحظى بعدد من القيادات الشهيرة؛ أبرزهم: محيي الدين الزايط أحد القيادات التاريخية والمعروف بجهوده التربوية، والعديد من جيل الوسط،وحلمي الجزار أحد أبرز قيادات السبعينيات، الذي جدد بهم عمر التلمساني شباب الإخوان.
ويأتي بعد ذلك جمال حشمت القيادي المعروف وعضو مجلس شورى الإخوان، ورئيس المجلس الثوري، وعضو البرلمان عن الإخوان أكثر من دورة، وأسامة سليمان المتحدث الرسمي للجماعة ورجل الأعمال ومحافظ البحيرة أثناء حكم محمد مرسي، بالإضافة إلى محمد البحيري ويوسف ندا.
مصادر التمويل:
- شركات أوف شور
- استثمارات في أوروبا
- أموال التنظيم الدولي
أُطر التحول:
- انكفاء تربوي وفكري
- تراجع تنظيمي
- سيولة سياسية
الثغرات الأبرز:
- تراجع التمويل والعوائد
- ضعف تأييد إخوان مصر
- تصاعد الضغوط الأوروبية
ماذا نعرف عن جبهة محمود حسين (إسطنبول)؟
تنسب إلى محمود حسين عضو مكتب الإرشاد وأمين عام الجماعة السابق.
كان قائدها قبل 30 يونيو/حزيران 2013 رابع أربعة يديرون الجماعة وهم (المرشد محمد بديع، خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد، محمود عزت النائب الثاني للمرشد وأمين الصندوق، ومحمود حسين الأمين العام للجماعة).
ظهرت عقب إلقاء القبض على محمود عزت، وتولى إبراهيم منير منصب القائم بالأعمال.
إدراك منير أن حسين كان يدير الجماعة من وراء ظهره مستغلاً انفراده بمعرفة قنوات الاتصال السرية بالمكاتب الإدارية بالداخل المصري، وقراره إلغاء منصب الأمانة العامة للجماعة واستبدالها بلجنة تقوم بتلك المهمة، دفعت بظهورها.
بعد تلك الواقعة، عزلت جبهة حسين المكاتب الإدارية بالداخل المصري عن منير وسيطرت على الجماعة.
ردوا على قرار جبهة منير بفصلهم من التنظيم، بالمثل، ففصلوه ومن معه بشكل معلن.
مراكز القوة:
- تأييد إخوان مصر
- التواصل المباشر بمكاتب مصر
- الاستحواذ على صندوق أموال الإخوان
فتملك هذه الجبهة اعتراف العديد من المكاتب الإدارية بشرعية محمود حسين.
ولديها مصادر تمويل تؤهلها للإنفاق على أنشطة الجماعة وعلى أسر السجناء، شريطة أن يعلنوا انتماءهم له.
وايضا لديها العديد من المنصات الإعلامية التي تتحدث باسمه وباسم مصطفى طلبة القائم بالأعمال بدلا من منير، ، مما أهلها للاستمرار وعدم قبول التصالح مع الجبهة الأخرى.
أهم الشخصيات:
كثير من قيادات (جبهة إسطنبول) من رجال خيرت الشاطر الرجل "القوي" في التنظيم، أبرزهم مدحت الحداد (عضو مجلس الشورى العام).
ويأتي بعد ذلك ممدوح مبروك (عضو مجلس الشورى العام)، ورجب البنا (عضو مجلس الشورى العام)، محمد عبدالوهاب (مسؤول رابطة الإخوان المصريين بالخارج)، وهمام علي يوسف (عضو مجلس الشورى العام ومسؤول مكتب تركيا السابق)،
نقاط الضعف:
لا شرعية لائحية لأي من قرارات الفصل التي اتخذتها ضد إبراهيم منير نائب المرشد والقائم بأعماله.
"انفراط" عقد العديد من المكاتب الإدارية التي بدأت "تتخلى" عن محمود حسين لصالح منير.
"امتناعها" عن تقديم تصور لحل الأزمة الحالية، أو لحل أزمة السجناء من الإخوان.
عدم رضا العديد من أعضائه بتركيا عن محمود حسين.
مصادر التمويل:
- شركات الإخوان في مصر
- عملات مشفرة
- شركات وعقارات داخل وخارج تركيا
أطر التحول:
- تراجع تنظيمي حاد
- انعدام التوازن السياسي
- تقوقع تنظيمي مرتبك
الثغرات الأبرز:
- عدم اعتراف التنظيم الدولي
- عدم وضوح موقف سجناء الإخوان
- افتقارهم لخطاب جماهيري
- تقلب المزاج الاخواني في مصر
- تزايد معدل الفساد والانتهاكات
ماذا نعرف عن جبهة المكتب العام (الكماليون)؟
تعرف بجبهة "الكماليون" نسبة إلى زعيمهم الروحي "محمد كمال".
تشكلت ملامحها عقب أزمة 2016، عندما أعلن مكتب الإخوان في لندن إقالة محمد منتصر من مهمته كمتحدث إعلامي باسم الجماعة.
أهم الشخصيات:
لعل الاسماء الأبرز في تلك الجبهة محمد منتصر المتحدث الإعلامي السابق باسم جبهة لندن، ورضا فهمي رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشعب المصري في عهد مرسي، وأحد المشرفين على نشاط حركة حماس في القاهرة قبل العام 2011،.
بعد تلك الواقعة وما تلاها من "تمييز" مكتب لندن في صرف المخصصات بناء على موقف المعتقلين من السياسة العامة للجماعة، استقال مؤسسها محمد كمال وشكل ما يعرف بالمكتب العام عام 2016.
ضعفت بشكل كبير بعد مقتل محمد كمال في اشتباك مع أجهزة الأمن المصرية وسط اتهامات من أنصاره لجبهة محمود عزت بأنها من أرشدت الأمن عنه.
مراكز القوة:
- الخطاب الدعائي
- اللجان المسلحة
- التمويه التنظيمي
فمعظم أعضائها من الشباب "الرافض" لسياسات القيادة التاريخية والتقليدية.
ويحظى أعضائها بإعجاب بعض اللجان النوعية التي حملت السلاح مثل: (حسم ولواء الثورة وكتائب حلوان وغيرها من اللجان المسلحة)، والتي تعتبر محمد كمال الذي تنتمي إليه "شهيدا مخلصاً" لفكرته.
لديها وثيقة واضحة تحدد ملامح مساراتها السياسية ورؤيتها في القضايا الإقليمية.
لم تنخرط في فصل أي من القيادات، بل ترى أن الإخوان مدرسة يمكن أن يعبر عنها أكثر من فصيلين.
نقاط الضعف:
اتهامها "بالعنف وإلصاق تهمة ممارسته للجماعة والتي حاولت التنصل منه قديمًا".
أعدادهم "ضعيفة" مقارنة بجبهتي (لندن وإسطنبول) فيما يكاد تمويلهم يكون "ضعيفاً لا يقوى على الإنفاق على أنشطتهم التربوية".
خطابهم "العنيف" لا يؤيده في الوقت الحالي العديد من المكاتب الإدارية.
ليس بين صفوفهم شخصيات تاريخية لها اعتبار في الجماعة.
مصادر التمويل:
- دول إقليمية
- تبرعات خاصة
أطر التحول:
- شحطات ثورية
- عنف غير مؤطر
- لا مركزية تنظيمية
الثغرات الأبرز:
- غياب القدرة التنظيمية
- غياب القيادات المؤثرة
- يقظة الأمن المصري
ما مستقبل الكيانات الثلاثة؟
بعد أن رفضت جبهة الكماليون (المكتب العام) الذوبان أو التماهي مع أي من الجبهتين وأصرت على وضع إطار فكري وتنظيمي لها؛ ليكون سياجا ضد تفلت أعضائها، بات تشتّت الجبهات الثلاث واتهام كل منها الآخر، يهدد بتمزيق أواصل التنظيم إلى ثلاث أفرع لجماعة واحدة.
وتوقعت مصادر "العين الإخبارية"، ألا تلتئم هذه الكيانات الثلاثة في جسد واحد في الوقت القريب، مشيرة إلى أنها ستتحول إلى ثلاثة خطابات متنوعة، الأول لـ"الكماليون"، والذي يطلب بامتلاك أدوات الصراع وتكوين لجان لحماية الجماعة والثورة ، وهو خطاب يدعو إلى "العنف" طريقًا لتحقيق مآربه.
ثاني تلك الخطابات -بحسب مصادر "العين الإخبارية" ذلك الذي يتصدره جبهة منير والذي وصف بـ"المهادن"، كونه يبدو في ظاهره الابتعاد عن السياسة، إلا أنه يسعى بطريقة أخرى "للسيطرة" على مفاصل الدولة.
وبين هذين الكيانين تقع جبهة محمود حسين التي تتخذ موقفًا وسطًا بينهما؛ فلا هي تدعو للعنف صراحةً ولا ترفضها، كما أنها لا ترفض العمل السياسي ولا تدعو له، فيما يرتكز خطابها على التمسك بشكل الجماعة ما قبل 25 يناير/كانون الثاني 2011.
aXA6IDMuMTM3LjE5MC42IA== جزيرة ام اند امز