"التوريث البرلماني" بالجزائر.. تكاثر إخواني يفجر الغضب
قوائم مرشحين للانتخابات البرلمانية في الجزائر يلغمها الإخوان بأسماء أبنائهم طمعا في "تكاثر" يؤمن امتداد "سلالتهم" بالمؤسسة التشريعية.
تكتيك ملغوم يفجر الاستهجان والجدل في بلد يستعد لإجراء استحقاقه المبكر في 12 يونيو/حزيران المقبل، وسط مخاوف من اندساس إخواني يعبد الطريق أمام أبناء قيادات التنظيم لدخول البرلمان.
وفرضت قيادات إخوانية في الجزائر أسماء أبنائها في قوائم المرشحين للانتخابات التشريعية المبكرة، وهم عبد القادر بن قرينة رئيس ما يعرف بـ"حركة البناء الوطني"، وأبو جرة سلطاني الذي رشّح ابنه في قائمة مستقلة بالعاصمة الجزائرية.
- "بيت من زجاج".. تصريحات إخوانية تثير العضب في الجزائر
- انتخابات الجزائر.."تجفيف" للإخوان ورموز بوتفليقة
فيما قرر عبد الرزاق مقري رئيس ما يسمى بـ"حركة مجتمع السلم" إسقاط ترشح ابنته في آخر لحظة، زاعماً بأن الوضع السياسي في الجزائر "غير عادي"، فيما رد عليه جزائريون عبر منصات التواصل بأن "تواجد تياره في المشهد السياسي هو الأمر غير العادي".
تحقيق أمني
وسائل إعلام محلية كشفت فتح "تحقيقات أمنية معمقة" فيما بات يصطلح عليه بـ"التوريث البرلماني"، إلى جانب التحقيقات الأمنية الأخرى حول تغلغل رموز النظام السابق وعناصر إخوانية مشبوهة في القوائم الانتخابية.
وعزت المصادر الإعلامية أسباب التحقيقات الأمنية في ترشيح قيادات إخوانية ومن أحزاب أخرى لأبنائها في الانتخابات البرلمانية إلى "الفضائح الأخلاقية وقضايا الفساد وتعاطي المخدرات" التي تفجرت عن أبناء قيادات إخوانية في السنوات الأخيرة، وكذلك شبهة علاقتها برموز في النظام السابق متورطة في جرائم فساد.
واستبعدت، في المقابل، أن يكون سبب التحقيقات مرتبطاً بـ"شرط قانوني"، إذ لا يمنع قانون الانتخابات الجزائري ترشيح أبناء المسؤولين السياسيين أو الحزبيين أو نواب البرلمان في أي انتخابات تشريعية أو محلية أو رئاسية.
تكاثر إخواني
رقعة الاستياء الشعبي لما يسمى بـ"التكاثر الإخواني عبر توريث مقاعد البرلمان" توسعت عقب المبررات الغريبة التي قدمتها القيادات الإخوانية، بينهم ابن قرينة الذي حاول التهرب من مسؤولية ترشيح نجله في قائمة تياره الإخواني.
فيما زعم الإخواني أبو جرة سلطاني أنه "من غير المنطقي معاقبة أبناء المسؤولين بسبب مسؤوليات آبائهم، ما دام القانون لا يمنع عنهم ذلك".
وانتقد جزائريون وناشطون جزائريون عبر منصات التواصل "سياسة التوريث البرلماني"، في وقت زعمت فيه التيارات الإخوانية معارضتها "توريث الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الحكم لشقيقه السعيد بوتفليقة".
وأكدت معظم ردود الأفعال على نفاق جماعة الإخوان معتبرة أنها "تقول ما لا تفعل"، وأن التيارات الإخوانية "تعمل وفق مخطط مشبوه على انتقال سلس للحكم بداخلها وتكريس ظاهرة توريث المناصب التي كانت سائدة في القطاع الحكومي ونقلها إلى قبة البرلمان" عبر القوائم الانتخابية.
وسخر بعض رواد مواقع التواصل من ظاهرة ترشيح الإخوان لأبنائهم في الانتخابات النيابية المقبلة، معتبرين أن السباق التشريعي "سيتمخض ويلد سلالة إخوانية تأبى الانقراض في البرلمان الجديد".
ورد الكاتب والناشط الجزائري على خطوة توريث المقاعد البرلمانية بمنشور عبر موقع فيسبوك بعنوان "التوظيف الوراثي".
وأشار في منشوره إلى استغراب الكثير من رجال الصحافة والتربية والتعليم "بل والكثير من المواطنين كيف أن العديد من المسؤولين السياسيين يرشحون أولادهم من بنين وبنات لانتخابات عضوية المجلس الشعبي الوطني أي الغرفة السفلى أو الدرك الأسفل للبرلمان".
وأعرب عن "اشمئزازه" من ذلك وفق ما ورد في منشوره الذي استطرد فيه قائلا: "والحقيقة أنني أشارك هؤلاء وهؤلاء في هذا الاستهجان الذي يثير التقزز والاشمئزاز من الحياة السياسية".
وأضاف: "للأسف، فإن الانتخابات التشريعية تكاد تتحول من خلال هذه الطريقة إلى مسابقة وطنية من أجل الفوز بوظيفة عمومية (حكومية) في سلك التربية أو الشرطة والجمارك والحماية المدنية".
وختم بفقرة ساخرة ذكر فيها: "ومع ذلك، فإني أستغرب كيف يندد الجميع بترشيح هؤلاء لأولادهم، ذلك أن الجزائري -مهما كان- عندما يوشك أن يحال على التقاعد يفكر كيف يخلفه ولده في المنصب، حتى ولو كان حارس مدرسة ابتدائية، فما بالك إذا ما كان الأمر يتعلق بنائب في البرلمان".
وأعلنت السلطة المستقلة لمراقبة وتنظيم الانتخابات بالجزائر رفضها ملفات عدد كبير من المرشحين في قوائم الأحزاب والمستقلين، بينهم مرشحون من تيارات إخوانية، وهي ما تعرف بـ"حركة مجتمع السلم" بقيادة مقري، و"حركة البناء الوطني" التي يرأسها عبد القادر بن قرينة، و"جبهة العدالة والتنمية" لعبد الله جاب الله.
كما شملت عملية "تجفيف" القوائم الانتخابية من جماعة الإخوان إلى القوائم المستقلة، إذ كشفت وسائل إعلام محلية أنها شملت "مرشحين إخوان" في قوائم مستقلة.
فيما كشفت مصادر جزائرية مطلعة لـ"العين الإخبارية"، مفضلة عدم الكشف عن أسمائها، بأن الجهات الأمنية "اكتشفت حيلة إخوانية بترشيح عناصر منها في قوائم المستقلين، والزج بآخرين في قوائم أحزاب أخرى دون علم قياداتها الحزبية".
ووفق المصادر ذاتها، فإن تيارات إخوانية "باتت على قناعة كبيرة بأنها منبوذة شعبياً وأنها مقبلة على صدمة انتخابية بعقاب الناخبين لها والتوجه نحو القوائم الحرة، ولهذا لجأت إلى الاحتيال على القانون".